اخر الاخبار

يُشكل موضوع توفير فرص العمل أحد أكبر الإخفاقات التي سجلتها المنظومة الحاكمة في البلاد، نتيجة عجزها عن معالجة الموضوع وإيجاد حلول ناجعة تجعل البلاد تستفيد من موارد بشرية هائلة، يمكن استثمارها لتعزيز الاقتصاد المحلي بدل الاعتماد على سياسة التوظيف في القطاع العام، الذي لم يعد قادرا على تحمل ملايين الموظفين من ذوي الإنتاجية الضعيفة، إذا ما تم استثناء قطاعات حيوية مثل التربية والتعليم والصحة.

اجتماع جديد

وكما جرت العادة، ترأس رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اجتماعاً متقدماً للبحث في إطلاق مبادرة لتأهيل وتدريب وتشغيل الشباب.

وستعمل هذه المبادرة على فتح أبواب التأهيل وفرص المشاركة أمام شريحة الشباب، وتمكينهم، وتيسير زجّهم في سوق العمل، وفقا لبيان المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة.

وأشار السوداني خلال الاجتماع إلى أن أولويات البرنامج الحكومي وضعت الشباب في مقدّمة أهداف استثمار الطاقات البشرية، ووسيلة لرفع قدرات الاقتصاد الوطني عبر تمكين هذه الفئة ودعمها.

وحضر اللقاء عدد من المسؤولين المعنيين والمستشارين ومحافظ البنك المركزي، ورئيس هيئة الإعلام والاتصالات.

أرق مزمن

ويبدو ان هذه الاجتماعات ليس بمقدورها معالجة احد اكبر الازمات الاجتماعية التي تؤرق النظام السياسي بالكامل، فموضوعة توفير فرص العمل بحاجة الى استراتيجية قابلة للتنفيذ وفق ما متوفر في البلاد من امكانيات، وليس سياسة التوظيف العشوائي التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة ولم تشذ عنها الحكومة الحالية، فالمعلومات الواردة من الموازنة العامة تتحدث عن حوالي ٧٢ الف درجة وظيفية جديدة، دون الحديث عن كيفية استثمارها، بحسب الخبير الاقتصادي احمد خضير.

ويدق خضير ناقوس الخطر من عدم تمكن الدولة من دفع رواتب الموظفين في السنوات القادمة، نتيجة تضخم المصروفات مقابل مردود انتاجي ومالي لا يذكر، ما يعني ان الدولة ستبقى رهينة اسعار النفط التي تشهد تقلبات مستمرة، وربما سيكون هناك انهيار في قيمة العملة يجعل من رواتب الموظفين لا تساوي شيئا.

ويقول الخبير، ان المشكلة لا يمكن حلها دون معالجتها من جذورها، فنظام التعليم بحاجة الى مراجعة شاملة ودراسة مدى الاستفادة من مخرجاته وتناغمها مع احتياجات سوق العمل واغلاق الكليات التي لا تحتاجها البلاد مع فتح اخرى بالاختصاصات النادرة، وترصين التعليم وضمان تأهيل خريجي الجامعات بالشكل الامثل، فضلا عن تفعيل دور مراكز التأهيل والتدريب وتحقيق الاستفادة القصوى منها خاصة مع غير المتعلمين وتفعيل دور المدارس المهنية.

وبعد ذلك، يأتي الدور على متابعة موضوع توفير فرص العمل في القطاع الخاص والتشديد على تطبيق قانون العمل وضمان تسجيل العاملين في وزارة العمل لضمان حقوقهم التقاعدية، والعمل على وضع برامج تشغيل واقعية تعتمد بالشكل الاساس على حاجة السوق على ان تأخذ الدولة على عاتقها مهمات حماية المنتج بدل سياسة القروض المصرفية التي حولت الباحثين عن فرص العمل من عاطلين عن العمل الى مديونين للمصارف، وفقا لخضير.

شراء الصمت

اما حامل شهادة الدكتوراه في الفيزياء احمد ناطق، فيقول ان هناك مشكلة حقيقية في موضوع توفر فرص العمل، فالعديد من الاختصاصات لا يحتاجها سوق العمل لكن الجامعات تقوم بتخريج الآلاف سنويا من هذا الاختصاصات.

واضاف ان تعيين حملة الشهادات في دوائر الدولة بعيدا عن اختصاصهم هو محاولة لكسب صمتهم، ومن غير المعقول القبول بوظيفة يكون فيها العالم او حامل الشهادة العليا في بطالة مقنعة او عالة على الدولة، محملا المسيطرين على منظومة الحكم في البلاد مسؤولية الفشل في معالجة الموضوع خاصة مع مرور قرابة ٢٠ عاما على التغيير في البلاد.

ويبلغ عدد الباحثين عن فرص العمل المسجلين في دوائر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حوالي مليوني شخص، فيما تقدر اعداد العاطلين العمل بإضعاف هذا العدد.

وفي تصريح سابق للمدير العام لدائرة الرعاية الاجتماعية في وزارة العمل ذكرى عبد الرحيم، قالت إن “10 مليون فرد في العراق (25 في المائة من السكان) فقراء”.