تستهدف مشاريع الربط الكهربائي مع دول الخليج، “تنويع مصادر الطاقة”، وتجاوز عقبة الاعتماد على “مصدر أحادي وهو الغاز”، بحسب وزارة الكهرباء، التي تعتقد أن هذه المشاريع تحقق الى أبعادها الخدمية، مردودات مالية للعراق الذي سيصبح ممرا للطاقة، لكن متخصصين ومراقبين قللوا من أهمية ذلك وقالوا إن “الربط لا يعالج مشكلة التيار الكهربائي” لكنه ينفع في حالات الطوارئ.

وأكدوا ان تلك المشاريع لا تقلل من عملية استيراد الغاز الإيراني الذي تعتمد عليه محطاتنا في انتاج الكهرباء.

توقيع الاتفاق

ووفقا لبيان صدر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي فإن “العراق والسعودية، وقعا يوم الجمعة الماضي، اتفاقا بشأن توفير الطاقة الكهربائية بشكل مستقر وبكلف مخفَّضة، عبر الاتفاق مع هيئة الربط الخليجي”، مبينا أن “الاتفاق وقّعه المخول بصلاحيات الوزير لإدارة وزارة الكهرباء عن الجانب العراقي، ووكيل وزارة الطاقة ورئيس مجلس إدارة الربط الخليجي عن الجانب السعودي”.

وأضاف أن “من شأن هذا الاتفاق أن يهيئ المزيد من أسباب استقرار تزويد الطاقة الكهربائية، وإمدادات الشبكة الوطنية، ولاسيما في المواسم التي تشهد زيادة بالطلب”، موضحا أنه “جرى أيضا توقيع اتفاق ثان، يهدف إلى تجهيز العراق بالطاقة الكهربائية من السعودية، وأن تصبح الشبكة الوطنية العراقية محورا لنقل الطاقة بين قارتي آسيا وأوروبا، ووقع الاتفاق وزير النفط عن الجانب العراقي، ووزير الطاقة عن الجانب السعودي”.

تفاصيل الاتفاق الكهربائي

بدورها، أوضحت وزارة الكهرباء، تفاصيل مشاريع ربط الطاقة المشتركة مع السعودية والخليج، وأكدت أن المرحلة الأولى تتضمن ربط ألف ميكا واط مع السعودية.

وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى العبادي في تصريح صحفي، إنه “بناء على مساعي وزارة الكهرباء لتنويع مصادر الطاقة والحرص على ان تنشئ مشاريع ربط كهربائي مع دول الجوار، تم المضي باتجاه ربط مشترك مع تركيا والاردن وبحثنا الموضوع بشكل مستفيض مع هيئة الربط الخليجي ومع السعودية”.

وأضاف أنه “بعد مفاوضات استغرقت (سنتين) وبعد توقيع مذكرة تفاهم، تم على أثر زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على رأس الوفد الحكومي إلى السعودية وتوقيع اتفاقية الربط المشترك مع السعودية والخليج”، مؤكدا أن “ الاتفاقية وقعت من قبل وزير الكهرباء ورئيس هيئة الربط الخليجي ووزير الطاقة السعودي”.

واوضح أن “الاتفاقية تنص على إنشاء ربط مشترك ما بين العراق والسعودية وما بين العراق والخليج”، منوها بانه “تم تحديد مسارات الخطوط ودراسة نقاط الربط وأيضاً تحديد الآليات وبالتالي سيصار إلى ربط مشترك تنشئ بموجبه خطوط نقل الطاقة”.

وتابع أن “المرحلة الأولى تتضمن ألف ميكاواط ستكون مع المملكة العربية السعودية “، مشيرا الى أن “مشاريع الربط الكهربائي من شأنها أن تحقق استقرارية عالية للشبكة الكهربائية وتوفر أكثر من مصدر للطاقة، وتهيئ بأن يدخل العراق عضوا مهما في سوق الطاقة سواء الخليجي أو العربي وحتى الاقليمي ومن ثم يكون بحكم موقعه للعراق بلد ممرٍ وحافظا لأمن الطاقة، وربما بعد استقرار المنظومة وتحقيق ساعات تجهيز كاملة سيعود بفوائد اقتصادية وأن يحصل العراق على منفعة كبيرة نتيجة تمريره للطاقة”.

ولفت العبادي الى أن “مشاريع الربط الكهربائي مضت وبقوة لتنويع مصادر الطاقة وعدم الاعتماد على مصدر أحادي وهو الغاز “، مؤكدا ان “الجهود اليوم تكللت بتوقيع اتفاقية استراتيجية مع الجانب السعودي ومع هيئة الربط الخليجي وكانت بعناية حكومية ومن خلال الوفد الحكومي الذي يراسه رئيس الوزراء وبمشاركة وزير الكهرباء”.

دعم الجهود

بدوره، اكد الخبير الاقتصادي احمد خضير ان الربط الكهربائي مع دول الخليج لن يسهم في تقليل استيراد الغاز الإيراني، مشددا على ضرورة إيجاد حل لمشكلة توفير الغاز لمحطات انتاج الطاقة الكهربائية.

وأضاف خضير في حديث لـ”طريق الشعب”، ان إضافة كميات محدودة من الطاقة الى الشبكة الوطنية لا يمكن لها معالجة المشكلة، مستدركا ان “وزارة الكهرباء نجحت حتى الان بتقديم ساعات تجهيز مرضية قياسا بالسنوات السابقة”.

ودعا الى دعم الجهود الفنية لتطوير المنظومة الوطنية للكهرباء، بعيدا عن التأثيرات السياسية.

آثار ايجابية

وحول هذا الموضوع، اكد المهندس الاستشاري حيدر مذكور ان الربط الكهربائي بين الدول يحمل آثارا إيجابية في حال تمت إدارة المشروع بالطريقة المثلى، مشيرا الى ان إيجابيات الربط هي تخفيض الاحتياطي المطلوب في الدولة والتغطية المتبادلة في حالة الطوارئ والاستفادة من الفائض وتقليل تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية. وأضاف مذكور ان دول الخليج بدأت تنفيذ خطة الربط في ما بينها منذ عام 2005 واستطاعت تطوير وتأهيل شبكاتها الكهربائية بصورة كبيرة، مؤكدا ان العراق يمكن له ان يستفيد من المشروع في حال كانت هناك رغبة حقيقية في إتمام المشروع. وتابع أن الوضع السياسي المربك في العراق يمنع تنفيذ مثل هذه المشاريع لكون العديد من الأحزاب المتنفذة لها ارتباطات خارجية، وتنظر الى موضوع الكهرباء من خلفيات خارجية وهذا ما يعيق أية مشاريع لتطوير المنظومة الوطنية للكهرباء سواء من الداخل ام الخارج، مبينا ان الفساد لعب دورا كبيرا في عرقلة مشاريع تنمية الطاقة الكهربائية.

ودعا مذكور الى الاستفادة من الإمكانيات المتوفرة في داخل العراق وخارجه لزيادة انتاج المنظومة الوطنية، محذرا من الاتكاء والاعتماد بشكل كلي على الخارج ومحاولة تطوير وتأهيل المنظومة الوطنية.

وأشار الى ان الربط لا يعالج مشكلة نقص التيار الكهربائي لكنه يتيح للدول تقديم المساعدة الممكنة في حالات الطوارئ او نقصان الطاقة، داعيا الى الاستفادة من التجربة الخليجية في تطوير شبكة كهرباء سلطنة عمان والامارات.