اخر الاخبار

رغم ارتفاع ايرادات العراق جراء ارتفاع اسعار النفط عالميا، لكن نسبة كبيرة من هذه الاموال ما تزال تذهب على شكل حوالات الى خارج البلاد، لتغطية الاستيراد، من خلال نافذة بيع العملة الاجنبية لدى البنك المركزي العراقي.

اجمالي المبيعات

ومن المقرر أن يبيع البنك المركزي اليوم الخميس، (240,583,974) دولارا امريكيا، غطاها البنك بسعر صرف أساس بلغ 1460 ديناراً لكل دولار.

وذهب (213,183,974) مليون دولار من هذه المبيعات لتعزيز الارصدة في الخارج على شكل حوالات واعتمادات، فيما ذهبت البقية على شكل مبيعات نقدية التي بلغت (27,400,000) دولار.

وعند العودة الى الايام الخمسة من هذا الاسبوع، فقد باع البنك المركزي (1,220,510,000) دولار امريكي، ذهبت منها (996,443.000) دولار امريكي على شكل حوالات لتغطية الاستيرادات من خارج العراق.

وخلال الأسبوع الماضي باع البنك (1.050.736.501) دولار امريكي، ذهبت منها اكثر من (870,000,000) دولار امريكي على شكل حوالات لتغطية الاستيرادات.

فيما بلغت مبيعات البنك المركزي من العملة الصعبة للدولار خلال شهر أيار الماضي 3 مليارات و449 مليوناً و42 الف دولار، وبمعدل 202 مليون، و 884 الفا، و866 دولارا يوميا، مرتفعا عن شهر نيسان الماضي الذي بلغ معدل المبيعات فيه 199 مليونا، و11 الفا، و 350 دولارا، رغم توقف المزاد لمدة 9 ايام لمصادفته عطلة عيد الفطر.

وتقدر إيرادات العراق اليومية من بيع النفط الخام بحوالي 367 مليون دولار، ما يعني ان حوالي 52 في المائة من ايرادات الريع النفطي تذهب لتغطية الاستيراد في خارج العراق، وتبلغ نسبة ما يباع في المزاد بشكل عام حوالي 62 في المائة من مجموع الإيرادات النفطية!

فساد لا يمكن إنكاره

وتأتي هذه الاحصائيات لتفند ادعاءات الحكومة بتحقيق انتصارات وهمية في مجال مكافحة الفساد، وايقاف تهريب العملة الصعبة الى خارج البلاد.

وفي هذا الشأن يقول الخبير المالي محمد فرحان لـ”طريق الشعب”، ان “فساد نافذة بيع العملة الاجنبية لا يمكن انكاره، وليس باستطاعة احد محاسبة المستفيدين منه في ذات الوقت”، متهما الحكومات المتعاقبة بأنها “فشلت في معالجة هذا الملف بسبب سياسة التخادم بين الكتل السياسية المتنفذة، التي تمتلك مصارف اهلية تقوم من خلالها بتهريب العملة الى خارج البلاد”.

ويضيف الخبير ان “هناك شخصيات نافذة ومستفيدة من المزاد تمنع أي محاولة للاقتراب من المزاد”، منوها الى ان “العراق اصبح مكانا آمنا لتهريب وتبييض الأموال بسبب غياب الرقابة، وعدم قدرة الحكومة وجهازها الرقابي على مواجهة الفاسدين، والاكتفاء بالتفرج في احسن الاحوال، والمشاركة في الفساد في الغالب”.

ويتساءل الخبير “اين فواتير المواد المستوردة بهذه المبالغ؟ كم يبلغ الايراد الجمركي من الاستيراد؟”، فيما وصف اجراءات الحكومة بصدد محاربة ملف تهريب وتبييض الاموال بأنها “شكلية، فلا تزال عملية تهريب العملة من خلال المصارف الاهلية التابعة للأحزاب المتنفذة متواصلة”.

مستوى الضرر

ويأتي التأكيد على الفساد من خلال كشف هيئة النزاهة الاتحادية، عن مستوى الضرر في خزينة الدولة، جراء فساد بيع العملة الصعبة.

وذكرت الهيئة في بيان طالعته “طريق الشعب”، أن “4 ترليونات دينار مقدار الضرر بالخزينة العامة جراء فساد نافذة بيع العملة”، مشيرةً إلى أنها حثت وزارة المالية على متابعة الهيئة العامة للضرائب لتلافي تفاقم مشاكلها.

وكشفت عن “وجود فسادٍ واضحٍ في نافذة بيع العملة نتج عنه ضررٌ بالخزينة العامَّة بلغ مقداره (3,919,218,099,521) تريليونات دينار”، مُشيرةً إلى أنَّ “فقدان الأضابير في دائرة ضريبة الأعظميَّة كشف عن ذلك الضرر الذي لحق بالخزينة”.

وأضافت أنَّ “المصارف الأهليَّة كانت المستفيد من عمليَّات التحويل في نافذة بيع العملة، حيث إنَّ غالبية المُستمسكات المُقدَّمة من قبل تلك المصارف كانت مُزوَّرة”، لافتةً إلى “مصادقة المدير العام للهيئة العامَّة للضرائب على إحالة موضوع المصارف الأهليَّة المُتلكئة والمُكلفين إلى هيئة النزاهة؛ لتحقُّق ضررٍ بقرابة (4) تريليونات دينارٍ في الخزين نتيجة فقدان الأضابير في دائرة ضريبة الأعظميَّة”.

ودعت “توجيه فروع الهيئة للالتزام بمبدأ الحياديَّة في احتساب الضرائب، واختيار مديرين للفروع ممَّن لديهم خبرة في مجال العمل الضريبي، وإنهاء ملف النقص الحاصل في أعداد المُوظَّفين والمُخمِّنين، واستقطاب الاختصاصات المحاسبيَّة والماليَّة والاقتصاديَّة؛ للنهوض بمستوى الأداء الوظيفيِّ في الهيئة العامَّة للضرائب”.

واقترحت، “تأليف لجنةٍ مُشتركةٍ من الدائرة القانونيَّة في وزارة الماليَّة والهيئة العامَّة لكلٍّ من الگمارك والضرائب؛ لتدقيق الأسماء التي تكون معلوماتها غير كاملةٍ في برنامج حاسبة الهيئة العامَّة للضرائب وإلزام قسم الحاسبة بعدم تغذية برنامج الحاسبة بأيِّ ملفٍ أو اسم مكلفٍ أو شركةٍ غير مُكتملة المعلومات، مُبيّناً أنَّ تشابه الأسماء؛ نتيجة قلة المعلومات في الحاسبة أدَّى إلى بروز ظاهرة الابتزاز والرشوة في فروع الهيئة”.

توصيات لمكافحة الفساد

وأوصت النزاهة “الهيئة العامَّة للگمارك بتحديد الفروع الگمرگـيَّة التي لا تدرج المعلومات الكاملة للمُكلَّفين والشركات والرقم الضريبي للمُستوردين والشركات وإحالتهم إلى الدائرة القانونيَّة في وزارة الماليَّة، فضلاً عن تضمين الرقم الضريبيِّ للمُكلَّف في التصريحة الگمرگيَّة؛ لتجنيب المُواطنين تحمُّل أعباءٍ إضافيَّـةٍ”. ورصدت “عدم نشر ضوابط ضريبة المهنة والعقار للمُكلَّفين والسماحات القانونيَّة؛ الأمر الذي يُؤدِّي إلى إيهام بعض المُكلَّفين بوجود مبالغ ضريبةٍ عاليةٍ مُترتِّبة عليهم، ومساومتهم من قبل بعض المُخمِّنين بتنزيل مبلغ الضريبة؛ لقاء مبلغٍ مُحدَّدٍ، فضلاً عن عدم الإعلان عن الوثائق المطلوبة لإنجاز المُعاملات؛ لضمان عدم تعرُّض المُواطن للاستغلال أو الابتزاز”.

الضرائب ترد..

من جهتها، أصدرت الهيئة العامة للضرائب، توضيحاً بشأن تقرير هيئة النزاهة بوجود ضرر بالمال العام يقدر بـ 4 ترليونات دينار جراء فساد نافذة بيع العملة الصعبة، فيما أشارت إلى اعداد برنامج الكتروني يقضي على حلقة الفساد. وقال مدير عام الهيئة أسامة حسام جودت، إن “مزاد العملة الصعبة يتبع السياسة النقدية للبنك المركزي للسيطرة على سعر الصرف”، مبيناً، أنه “عندما يحول شخص ما حوالة للخارج يتوجب أن يقابل هذه الحوالة استيرادات لأنه أخذ الحوالة بسعر الصرف الرسمي وليس الموجود في السوق”. واضاف، أنه “يفترض تقديم الفواتير والاسم والمعلومات الكاملة الى البنوك الأهلية، وهذه البنوك بدورها تعمل (سويفت) الى البنك المركزي وعلى هذا الاساس تتم الحوالة”، مستدركاً: إن “هناك مشكلة في قاعدة البيانات التي تأتي من البنك المركزي، حيث تاتي أما فيها تشابه أو اسم أحادي أو غير واضح وحتى على مستوى الشركات”.

وتابع، أن “هناك ضجة قد حصلت بدائرة ضريبة الاعظمية واستفسرت شخصياً من بعض المواطنين فاتضح، بأن عليهم ضرائب عالية تصل الى 30 و40 ألف دولار، وهم مواطنون بسطاء كسائقي تاكسي وغيرهم”.

اضبطوا مزاد العملة

واوضح، أن “هناك جهات تستغل مستمسكات المواطنين كاملة بذريعة التعيين وغيرها ويتم تسجيل أسمائهم داخل مزاد العملة والتحويل المالي”، لافتا الى أن “هيئة الضرائب لا تتحمل المسؤولية بذلك لكون الاسماء ترسل اليها كاملة مع المستمسكات، وانما المشكلة لدى المصرف الاهلي كيف له ان يسجل هذه الأسماء لناس بسطاء ليس لديهم اي دخل “.

ودعا جودت البنك المركزي الى “ضبط موضوع مزاد العملة والتدقيق بصحة الاسماء”، منوهة بانها “وضعت خططاً قصيرة ومتوسطة وبعيدة الامد،  تتمثل بإزالة الحلقات في مراجعة المواطنين لزيادة الايرادات وتسهيل اجراءات المراجعين، بينما المتوسطة التي انجزت تقريبا والتي سيتم العمل بنظام الرقم التعريفي بدلاً من الاسم المكلف للحوالات، وعلى هذا الاساس لا يتم قبول اي سم وانما رقم تعريفي حتى لا يحصل تشابه وكذلك سينهي عمليات الفساد وما شابهها. اما الخطة البعيدة الامد تتضمن انشاء النظام الالكتروني الشامل والذي وضع ضمن الورقة الاصلاحية البيضاء يتم تنفيذه 3 الى 5 سنوات”.

وخلص مدير عام الهيئة الى أن “برنامج الرقم التعريفي مكتمل ومتوقف تنفيذه على الموازنة لغرض التمويل”، مؤكداً ان “البرنامج يلزم المصرف الأهلي بوضع رقم تعريفي للمكلف وليس اسما حتى يحدث التشابه”.