تسعى جهات حكومية إلى استعادة أراضيها العائدة لشركات منتجة، والتي يستولي عليها عناصر مرتبطة بجهات متنفذة، إذ لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من استرجاع تلك الاراضي، فيما تفكر إحدى الوزارات اذا ما “فشلت” في ايجاد تسوية معينة مع الجهات التي تستحوذ عليها بتصفيتها.
وتعد شركة الدجيلة العراقية الأردنية من المشاريع ذات الأهمية الاقتصادية الكبيرة، والتي تملك قطع أراض ذات مساحات شاسعة، وتختص بإنتاج الحليب والالبان وحتى اللحوم. لكن بعد سقوط النظام المباد استولت مجموعة من الفلاحين والموظفين العاملين في الشركة على تلك الأراضي بداعي امتلاكهم لها.
ونتيجة لمشاكل عديدة لم تتمكن الشركة من سداد رواتب موظفيها، فيما فشلت حكومات متعاقبة في استرجاع أراض تلك الشركة. وفي الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة الى مثل هذه المشاريع يتم التلويح بتصفيتها في حال عدم التوصل الى حلول. والى جانب ما تعانيه “الدجيلة” يوجد الكثير من الأراضي التي تحتاج الى وقفة حقيقية لاستعادتها.
اجتماع لبحث أوضاع الشركة
وعقـدَ وزير الصناعة والمعادن منهـل عزيـز الخبـاز يوم الأحد الماضي اِجتماعاً بحضور رئيس مجلس إدارة شركة الدجيلة العراقية الأردنية، وأعضاء المجلس ومُدير عام المناطق الحرة في وزارة المالية، ومُعاون مُدير عام الشركة العامة للمنتوجات الغذائية وعدد من المسؤولين في دائرة الاستثمارات بمقر الوزارة، لمُناقشة الواقع والمشاكل المُحيطة بالشركة واقتراح جُملة من الحلول لمُعالجتهـا.
وأكد الوزير خِلال الاجتماع “أهمية حسم ملف الشركة”، مُعتبرا اياها من الشركات المُهمة التي تمتلك وزارة الصناعة والمعادن (٨٧.٥%) منها، فيما يمتلك الجانب الأردني (١٢.٥%).
وأشار إلى “ضرورة إيجاد حلول سريعة للمشاكل التي تُعاني منها، وذلك من خِلال مُعالجة موضوع عائدية الأرض بالتنسيق مع وزارتي المالية والزراعة، واستحصال المُوافقات اللازمة لتخصيص أرض الشركة إلى وزارة الصناعة، للمُضيّ بالمشروع وإعادة تأهيل وتشغيل الشركة عن طريق الشراكة”.
وأردف كلامه بأنه “إذا تعذرَ إيجاد الحلول النهائية لهذا الموضوع فسنقوم بتصفيتها”.
ووجّه الوزير بعقد اِجتماعٍ لاحق الأسبوع القادم بحضور مُمثلين عن وزارتي الزراعة والمالية، لوضع أسُس سليمة وبلورة اتفاق يضمن إيجاد الحلول للمشاكل العالقة بين الأطراف ذات العلاقـة.
متى تسترجع الأراضي؟
وللتعرف أكثر إلى تاريخ هذه الشركة، قال مصدر خاص لـ”طريق الشعب”، ان “الشركة تم تأسيسها في نهاية الثمانينيات، لتطبيق التجربة اليوغسلافية وقدم بالفعل خبراء من يوغسلافيا وقاموا بمسح للأراضي العراقية، من ضمنها منطقة ربيعة لكن وقع الاختيار على الدجيلة في الكوت، كون أراضي ربيعة مستصلحة، وتقدر مساحة الأرض بـ(36 ألف) دونم في المرحلة الأولى، وفيما بعد تم تخصيص 73 ألف دونم لإكمال هذا المشروع”.
وتابع المصدر حديثه “تم تأسيس الشركة على اراضي وزارة الزراعة، وتم شراؤها فيما بعد من قبل الشركة العامة للألبان وشركة اردنية في التسعينات، وبقيت الأرض تابعة لوزارة الزراعة، والى اليوم يتم احتساب إيجار سنوي وأجور الري مثل الشركات التي تؤجر من الوزارة”.
وبيّن المصدر أن طاقة المحطة تقدر بـ”9000 بقرة خصص لكل بقرة 3 دوانم، وقبل السقوط كانت تحتوي على 3000 الاف بقرة، وبعد احداث العام 2003 تم الاستيلاء على أراضي الشركة من قبل الفلاحين، مدعين امتلاكهم لها. وفي زمن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أصدر أوامر لاستعادتها حتى لو تطلب الامر استخدام القوة، ولكنه لم يفلح في استعادة شبر واحد منها”.
وبحسب المصدر فانه “في أحد الأيام أرسل المستثمر في المحطة مهندسا لاجراء مسح وكشف على الأراضي، وتشخيص الاحتياجات، لكن تم اغتيال المهندس”.
وعن قدرات الشركة بينّ أنها كانت “ترفد الشركة العامة لمنتوجات الالبان بحليب خام ذي نوعية ممتازة، ينتج منه حليب معقم يصدر الى دول منها الكويت لغاية 1990، ولم تنتج الحليب فقط، بل حتى اللحوم والجلود، فيما كان يباع روث الحيوانات كسماد للفلاحين”.
ونوّه بأن “الشركة بعد السقوط تمت سرقتها، وبات انتاجها معدوما، ولا تحتوي الان على أي بقرة، وكل المحاولات التي حدثت لاسترجاع هذه الأراضي، انتهت بنتيجة واحدة هي الفشل”.
وذكر المصدر الذي تتحفظ “طريق الشعب” على ذكر اسمه، ان الاجتماع الأخير للوزير الذي بحث فيه وضع الشركة “تضمن مقترحا للوزارة بتصفية المحطة في حال عدم إيجاد حلول، بل يجب على الدولة تشكيل قوة تسترجع بها هذه الأراضي المستولى عليها، وإعادة احياء هذه الشركة”، مبينا ان “محطات الابقار موجودة وفيها حراس وموظفون، لكن الأراضي مستولى عليها. وهناك حلول كثيرة مثل ان يدفع الفلاحون ايجارا للوزارة كحال باقي الشركات”.
وخلص الى ان مثل هذه المقترحات بتصفية الشركة “هي بوادر غير مطمئنة وتنذر بخطر، ونخشى ان الوزارة تريد التخلص من الشركة والتخلي عنها، وبدون قوة الدولة من المستحيل استعادة الأراضي المستولى عليها من قبل فلاحين. هناك ارض زراعية في قضاء أبو غريب تعاني هي الأخرى من ذات المشكلة”.