اخر الاخبار

حلول ترقيعية وتدوير للسياسات الخاطئة يفاقم الازمة

يعاني العراقيون منذ أكثر من ثلاثة عقود من تردي خدمة تجهيز الكهرباء، التي تفاقمت أزمتها منذ الاحتلال الأمريكي للبلاد، حيث تراجعت ساعات التجهيز في أحسن الأحوال إلى 12 ساعة يوميا، مع انهيار مستمر لمنظومة الكهرباء في أوقات الذروة الصيفية والشتوية.

تراجع مريع

وينتج العراق قرابة 19 الف ميكا واط، فيما تبلغ الحاجة الفعلية لتزويد المنازل والمؤسسات الحكومية بالطاقة الكهربائية حوالي 32 الف ميكا واط. وتعتمد المحطات العراقية على الغاز المستورد من إيران، والذي تراجعت امداداته خلال الفترة الماضية، مما سبّب تراجعاً كبيراً في ساعات تجهيز الكهرباء، إلى الحد الذي باتت معه المنظومة على شفا الانهيار نتيجة لنقص الوقود، الأمر الذي دفع بالحكومة إلى البحث عن حلول، قد توفر بديلاً مناسباً للغاز الإيراني المستورد.

الربط الكهربائي مع الخليج

ويبدو ان الحكومة عازمة على الإنتهاء من موضوع الربط الكهربائي مع دول الخليج، حيث بحث الأمين العام لمجلس الوزراء، المنسق الوطني للمجلس التنسيقي (العراقي – السعودي) حميد نعيم الغزي، يوم الأربعاء الماضي، مع وزير الطاقة السعودي، عبد العزيز بن سلمان، في العاصمة السعودية الرياض، ملف الطاقة والكهرباء المشترك بين جمهورية العراق والمملكة العربية السعودية. وذكر بيان للأمانة العامة لمجلس الوزراء، طالعته “طريق الشعب”، أنه “جرت قبل هذا اللقاء، مراسيم توقيع مذكرة التفاهم الخاصة بالربط الكهربائي مع السعودية، وآلية تفعيلها وتقديم كافة التسهيلات من قبل وزارة الكهرباء العراقية”.

وأكد الأمين العام لمجلس الوزراء على “اهتمام رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، بهذا الملف الحيوي، ووجّه بتقديم كافة التسهيلات للجانب السعودي، والتشديد على أهمية الإسراع بملف الربط الكهربائي، الذي سيسهم في زيادة الطاقة في العراق، وضرورة أخذ الموضوع بعين الاهتمام من قبل الجانب السعودي”، داعياً إلى “إيجاد حلول سريعة لتحسين مستوى إنتاج الطاقة في العراق خلال موسم الصيف المقبل”.

ودعا الغزي، وزارة الطاقة السعودية، لـ “إرسال وفد فني إلى بغداد الأسبوع الحالي، من أجل وضع اللمسات النهائية لآليات الشروع بمشروع الربط الكهربائي، وعقد ورش عمل مع الجانب العراقي، إضافة إلى الوقوف على تفاصيل التوقيتات الزمنية ومناقشة بنود المذكرة الموقعة بين الطرفين”.

هذا وكان الجانبان قد ناقشا أيضاً، “مشاريع تطوير حقل عكاز لإنتاج الغاز الطبيعي ونبراس الشرق للبتروكيمياويات وإنشاء محطة للطاقة الشمسية، إضافة إلى مشاريع المدن الصناعية”. وعبر وزير الطاقة السعودي، عن “رغبة الحكومة السعودية وجديتها في تفعيل مذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين، والسعي لزيادة حجم التبادلات التجارية والاقتصادية”، مبدياً “استعداد وزارة الطاقة، للوقوف على حل جزء من أزمة الكهرباء في العراق خلال فصل الصيف المقبل”.

محاولة يائسة

ويعتبر خبراء في مجال الطاقة ان موضوع ربط منظومة العراق الكهربائية مع دول الجوار محاولة يائسة لمعالجة الموضوع، داعين إلى إيجاد سبل كفيلة لتوفير الغاز الطبيعي بدل حرقه يوميا في حقول النفط العراقية، وتوفير الوقود لتشغيل محطات الكهرباء، ومكافحة الفساد الذي لعب دور رئيسيا في هدر الأموال المصروفة على هذا القطاع الحيوي منذ عام 2003.

وأشار المهندس الاستشاري ضياء لعيبي في حديث لـ”طريق الشعب”، إلى ان “ربط العراق مع دول الجوار لن يحل الازمة القائمة لأن المشروع بحاجة إلى حوالي 18 شهرا للانتهاء منه ولن يضيف على المنظومة الوطنية سوى 500 ميكا واط في حين ان الحاجة الفعلية للطاقة في العراق تقترب من 32 ألف ميكا واط”، مبينا ان “الحكومة تحاول التخلص من مشكلة احتكار توريد الغاز والكهرباء من قبل إيران، عبر تنويع مصادر الاستيراد، وهذا الامر جيد في حال عدم إمكانية توفير الكهرباء محليا”.

وبيّن لعيبي ان “العراق يستطيع معالجة الأمر في حال توفر الإرادة السياسية لمعالجة المشكلة”، معتبرا ان “أساس المشكلة هي رغبة الفاعل السياسي المتنفذ في بقاء العراق رهينة للمواقف السياسية الإقليمية وصراع المحاور الذي دفع ثمنه العراقيون غاليا منذ احتلال البلاد”.

ودعا المهندس، “وزارتي الكهرباء والنفط إلى الاستفادة من الغاز المصاحب واستخراجه بدل حرقه يوميا، بغية الكف عن استيراد الغاز”، مشددا على “ضرورة التعاقد مع شركات عالمية لبناء محطات توليد للكهرباء في البلاد، تعمل بالوقود المتوفر محليا لتجاوز الازمة”.

ازمة الفساد

بدوره، نوه الباحث في مجال الطاقة فؤاد جاسم إلى ان مشكلة توفير الكهرباء في البلاد مرتبطة بشكل أساسي بملف الفساد، مؤكدا عدم إمكانية توفير ساعات تجهيز مرضية للمواطنين في ظل انتشار الفساد والاعتماد على نفس السياسات الفاشلة طيلة السنوات الماضية.

وذكر جاسم لـ”طريق الشعب”، ان “العراق أهدر حوالي 60 مليار دولار على هذا الملف منذ عام 2004 دون تحقيق نتيجة تذكر”، مشيرا إلى ان “الفساد لعب دورا كبيراً في تفاقم المشكلة نتيجة لعدم محاسبة المسؤولين الفاسدين على استيراد محطات تعمل بالغاز في ظل عدم توفره محليا، في الوقت الذي كان بإمكانه استيراد محطات تعمل بالوقود المتوفر”.

وأضاف جاسم ان “الحكومة الحالية تحاول معالجة المشكلة عبر اللجوء إلى نفس الأساليب السابقة وهذا الامر لا يقدم حلولا جذرية بل هو محاولة لتدويرها”، مبينا ان “هناك ارادات تعمل على بقاء البلد اسيرا للطاقة من اجل تمرير اجندات سياسية يذهب ضحيتها المواطن البسيط”.

وتابع ان “القائمين على ملف الطاقة في البلاد عليهم الالتفات إلى مصادر الطاقة البديلة والاستفادة من الطفرة التكنولوجية في هذا المجال واستخدام طرق بديلة مثل الطاقة النظيفة والالواح الشمسية”، متسائلا “اين وصلت مباحثات الحكومة لبناء 8 مفاعلات نووية لإنتاج 11 ألف ميغا واط من الطاقة الكهربائية؟”.

وأشار إلى ان “معالجة ملف الكهرباء في البلاد بحاجة إلى صانع قرار وطني يعمل على تنفيذ مشاريع استراتيجية دون الرضوخ إلى ارادات محلية وإقليمية، مع انتاج سياسة توزيع عادلة وأتمتت جباية الكهرباء، مع شيوع ظاهرة ترشيد الكهرباء من اجل حل الازمة”، مؤكدا ان “كل الحلول المطروحة حاليا هي حلول ترقيعية لا ترتقي إلى مستوى الازمة”.

عرض مقالات: