اخر الاخبار

تفاقمت معاناة المواطنين إثر رفع سعر صرف الدينار العراقي امام الدولار؛ إذ يشير عدد من الخبراء الى ان هدف الحكومة المزعوم من رفع سعر الصرف كان تحفيز الاقتصاد المحلي، وتقليل الاستيراد، وإيقاف تهريب العملة الصعبة، وتوفير سيولة مالية لدفع رواتب الموظفين، لكن شيئا من ذلك لم يتحقق حتى الان. وبحسب الخبراء، اعتمدت الحكومة على القروض لدفع الرواتب، قبل ارتفاع أسعار النفط، داعين الى ضرورة العودة لسعر صرف الدينار السابق، من اجل خفض الأسعار وإيقاف التضخم في الاقتصاد.

أسباب الحكومة 

وقالت وزارة المالية، ان هدف اعتمادها سعر صرف جديد للدولار الامريكي مقابل العملة المحلية، هو رفد الإنتاج الوطني وحماية احتياطي البنك المركزي ودعم الموازنة.

وذكرت الوزارة في بيان طالعته “طريق الشعب”، مؤخرا، أنها “تحملت خلال السنوات الثلاثة الماضية أعباء أزمة مالية خانقة هددت قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها المثقلة اصلاً بأعباء تركة كبيرة متمثلة بتضخم معدل الإنفاق العام وارتفاع فاتورة الأجور، الأمر الذي هدد تأمين رواتب موظفيها، في ظل انخفاض حاد بأسعار النفط العالمية ووضع صحي خطير بسبب تبعات جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني وانعكاساتها على الواقع الاقتصادي والنسيج الاجتماعي”.

وأشارت المالية إلى أن “الموازنة العامة تواصل بين الحاجة الى ادارة مالية عامة حكيمة مع التزاماتها لضمان حماية الفئات الاضعف والاكثر احتياجاً”، لافتة الى “دعم المجتمع الدولي سياسات وزارة المالية، حيث أقر كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ادارة المالية العامة في ظل ظروف صعبة للغاية”.

لم يحقق شيئا

وردا على هذا الموضوع، علّق الخبير الاقتصادي احمد خضير بالقول: ان “ضرر رفع سعر الصرف بات واضحا ولم يحقق شيئا ملموسا سوى زيادة معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة”، مشيرا الى “انتفاء اسباب القرار مع ارتفاع أسعار النفط، وزيادة الاحتياط النقدي في البنك المركزي من العملة الصعبة”.

وأضاف خضير في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “القرار حمل الطبقات الفقيرة والمتوسطة أعباء فشل الطبقة السياسية الحاكمة في إدارة موارد البلد. وفي الوقت الذي لم يتضرر منهم أحد، يحمل المواطن البسيط أعباء الفساد وهدر الأموال وسوء الإدارة”، مشددا على “ضرورة عودة سعر صرف الدولار الى وضعه القديم لانتفاء الأسباب مع تحسن أسعار النفط وقرب الانتهاء من تسديد تعويضات حرب الكويت”.

وتابع ان “الحكومة تحاول تجميل صورة الأوضاع الصعبة للمواطنين من خلال ادعائها تحقيق مكاسب اقتصادية، غير ان الواقع يفيد بأن السوق العراقية مازالت غارقة بالسلع المستوردة والرديئة، وارتفعت أسعارها عن السابق”، مبينا ان “المنتجات المحلية على محدوديتها هي الأخرى ارتفعت أيضا، ما يؤكد ان القرار كان غير مدروس، والهدف الأساسي منه هو الانصياع الى الوصفات المشؤومة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي من اجل تعويم العملة بشكل كامل”.

وبيّن خضير، ان “الاستمرار في هذا النهج الاقتصادية يعني زيادة الأعباء المالية على الطبقات الأكثر تضررا، في ظل عجز الحكومة عن توفير فرص عمل او تطوير القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية”، داعيا الى “ضرورة إعادة النظر في سعر الصرف خلال اعداد موازنة العام القادم”.

دعوات للمراجعة 

من جانبه، ذكر الخبير المالي محمد فرحان، ان احد اهداف الحكومة المعلنة في وقت رفع سعر الصرف كان إيقاف تهريب العملة الصعبة الى خارج البلاد عن طريق مزاد بيع العملة الصعبة في البنك المركزي، مشيرا الى ان هذا الهدف فشلت الحكومة في تحقيقه بسبب استمرار معدل مبيعات البنك المركزي من العملة الصعبة بحدود 200 مليون دولار يوميا وهذا الرقم هو تقريبا نفس الرقم حين كان البنك المركزي يبيع الدولار مقابل السعر القديم.

وأضاف لـ”طريق الشعب”، ان “مؤشرات أسعار النفط تؤكد استمرار ارتفاعه خلال العامين القادمين بسبب تعافي الاقتصاد من ازمة جائحة كورونا، وارتفاع الطلب على الطاقة”، مبينا ان “هذه المؤشرات تضع العراق في وضع اقتصادي جيد، يمكن له البدء في تنفيذ مشاريع تنموية في عدد من القطاعات الهامة، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية واقعية، بعيدا عن تحميل المواطنين أعباء الازمات المالية”.

وتابع ان “النهج الاقتصادي الحالي يعتمد على الوصفات الخارجية الجاهزة التي لا تعرف شيئا عن واقع الاقتصاد العراقي”، ناصحا “القائمين على السياسة النقدية والاقتصادية في البلاد بالتوجه نحو تفعيل المشاريع التنموية والاقتصادية والزراعية، بدل تركيز اهتمامهم على كيفية الهروب من الازمات”.

وبيّن الخبير ان “ارتفاع معدلات التضخم الى مستويات قياسية خلال العام الحالي هو مؤشر على فشل السياسة الاقتصادية في البلاد”، متوقعا “وصول معدلات التضخم مع نهاية العام الحالي الى 15 في المائة”.

ودعا فرحان، “مجلس النواب الجديد الى وقفة جادة مع الحكومة من اجل معالجة الأوضاع الاقتصادية والتوصل الى الية تجنب الفقراء أعباء فشل المنظومة الحاكمة في البلاد”، مشددا على “ضرورة مراجعة شاملة للاقتصاد العراقي وتبيان اضرار رفع سعر الصرف، وإيجاد آلية لعودة السعر القديم دون ارباك الأسواق”.

وفي وقت سابق، توقع وزير النفط إحسان عبد الجبار، أن تصل أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل في الربعين الأول والثاني من عام 2022، مع انخفاض المخزون العالمي إلى أدنى مستوياته.

واضاف عبد الجبار، أن الصناعة النفطية تمر اليوم بحالة انتعاش بعد ارتفاع أسعار النفط حاليا إلى مستوى 85 دولارا للبرميل.

عرض مقالات: