اخر الاخبار

كثُر الحديث خلال الآونة الأخيرة عن استرجاع الأموال العراقية المنهوبة الى خارج البلاد، من خلال تقديم رئاسة الجمهورية قانون استرداد عائدات الفساد الى مجلس النواب السابق، واتجاه هيئة النزاهة الى ابرام مذكرات تفاهم مع عدد من الدول لاستعادة الأموال المهربة.

ويشكك عدد من المتابعين والمهتمين في الشأن العراقي بجدية الموضوع، مؤكدين ان هذه المحاولات لا تعدو عن كونها محاولة لذر الرماد في العيون، بسبب خضوع هذا الملف لتوافقات وضغوطات سياسية داخلية، تجعل من عملية ملاحقة الفاسدين ضربا من الخيال.

تحرك تنفيذي

واعلنت هيئة النـزاهـة الاتحادية، مؤخرا، إنها تتجه لإبــرام مـذكـرات تفاهم مع عدد من الدول العربية والصديقة لفتح آفـاق التعاون وتبادل المعلومات عن الأشخاص المـطـلـوبـين وأمـوالـهـم وتـنـظـيـم طـلـبـات المـسـاعـدة القانونية لاستعادتهم والأمــوال المهربة العائدة للعراق.

وقال مدير عام دائرة الاسترداد في هيئة النزاهة معتز فيصل العباسي في حديث صحفي، إن “المـعـايـيـر الأسـاسـيـة الـتـي تـوضـع لأجــل إبــرام مذكرات التفاهم هي فتح آفـاق التعاون وتبادل المـعـلـومـات عـن الأشـخـاص المـطـلـوبـين وأمـوالـهـم وتنظيم طلبات المساعدة القانونية. أمـا اختيار الـدول التي يتم توقيع المـذكـرات معها فهي التي يتواجد فيها مطلوبون في أراضيها”.

وكشف عـن أن “الهيئة فـي طـور إبــرام عـدد من المذكرات مع دول منها (المملكة الأردنية الهاشمية وجـمـهـوريـة لـبـنـان ودولـــة الـكـويـت وجـمـهـوريـة تركيا وبولندا) والسعي مستمر بالتوجه نحو دول أخــرى لإبــرام مـثـل هــذه المــذكــرات وتعزيز الـتـعـاون مـعـهـا”، مـؤكـداً أن “الأولوية تبقى في اختيار الدول بحسب الاعتقاد والمعرفة بوجود إمكانية وجود أموال فساد مهربة في تلك الدول”. 

وأضاف أن “ملف الاسترداد والأموال المهربة عـبارة عــن ملف يتضمن مجموعة من الأوليات والوثائق أهمها (طلب المساعدة الدولية الـذي يقدم الـى دولـة ما يتواجد فيها المتهم أو المـدان) تطلب فيه الحجز على أمــوال المــدان أو المتهم فـي تلك الــدول ويتم إعداد الملف في دائرة الاسترداد، ويرسل الى تلك الدول عن طريق وزارة الخارجية ومن ثم السلطة المعنية بالاستجابة لهكذا طلبات”.

مصير قانون الاسترداد

وحول مصير قانون استرداد عائدات الفساد المقدم من قبل رئاسة الجمهورية، يقول مستشار رئيس الجمهورية عبد الله الزيدي، ان “مشروع قانون استرداد عائدات الفساد أرسل إلى مجلس النواب، وذهب الى اللجنة القانونية في مجلس النواب، لكن لم يتم التصويت عليه في هذه الدورة النيابية”، معرباً عن أمله “بدراسة القانون دراسة موضوعية ومستفيضة من قبل مجلس النواب في الدورة المقبلة مع امكانية التعديل وإبداء الملاحظات وإرساله الى رئاسة الجمهورية مرة أخرى”.  

مهمة صعبة 

من جانبه، تحدث مصدر مسؤول في مجلس الوزراء عن صعوبة ملاحقة الأموال العراقية المنهوبة، كونها مرتبطة بعدة جهات سياسية متنفذة، مشيرا الى ان فتح هذا الملف يعني سقوط زعمات سياسية كبيرة.

ويوضح المصدر الذي رفض كشف هويته، في حديث لـ”طريق الشعب”، ان “جهود الحكومة في هذا الملف انطلقت من خلال تشكيل لجنة لاسترداد الأموال المنهوبة في خارج البلاد، وعقد مؤتمر استرداد الأموال العراقية في أيلول الماضي بمشاركة واسعة من قبل دول ومؤسسات معنية”، مبينا ان “اللجنة قدرت حجم الأموال المهربة الى خارج البلاد منذ 2003 بحوالي 150 مليار دولار، فيما يقدرها البعض الاخر بـ350 مليارا”.

ويضيف ان “الحديث عن ضرورة اشراك المجتمع الدولي في هذا الملف ضروري جدا، ولكن على العراق ان يحسم هذه الملفات داخليا ليتمكن من التوجه صوب العالم”، منوها الى “صعوبة الشروع في ملاحقة الأموال لكون اغلبها هربت من قبل مسؤولين في الدولة ما زالوا يحظون بنفوذ واسع”.

ويتابع ان “الحكومة غير قادرة على متابعة هذا الملف دون وجود قرار من الكتل السياسية المتنفذة، وهذا الامر مستحيل في ظل الأوضاع الحالية”، مؤكدا ان الحديث عن استرداد أموال عراقية من خارج البلاد هو “اضغاث أحلام”.

ترويج اعلامي وسياسي

بدوره، يشير الخبير المالي زمن الجيزاني الى ان “لحديث عن استرداد الأموال المهربة من قبل القائمين على النظام الحالي هو ضحك على الذقون ومحاولة للكسب الإعلامي والترويج السياسي”، مبينا ان “المؤتمر الذي نظمته الحكومة بهذا الشأن لم يحقق شيئا، فضلا عن مرور اكثر من عام على تشكيل لجنة استرداد الأموال، ولم يعلن لغاية الان عن استردادها لدولار واحد”.

ويقول الجيزاني لـ”طريق الشعب”، ان “الجهات الحكومية عاجزة عن ملاحقة الأموال المنهوبة في داخل العراق، فكيف ستلاحق الأموال في خارجه؟!”، مشيرا الى ان “الكثير من الأموال المهربة الى خارج الأموال جرى تبييضها ونقلها الى بنوك وأصبحت أموالا شرعية ويستحيل استعادتها”.

ويؤكد ان “الطريقة الوحيدة للحفاظ على الأموال العراقية واسترداد بعضها هي عن طريق ضرب كبار الفاسدين واجبارهم على ارجاع الأموال عن طريق تشريع قوانين تعامل الفاسدين معاملة الإرهابيين”، منوها الى “ضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية في الدولة وإخضاع المسؤولين وكبار الضباط والتجار الى مبدأ (من اين لك هذا؟) ومراقبة ثرواتهم منذ توليهم المسؤولية”.

ويقر الخبير بـ”صعوبة تطبيق هذا الاجراء كون من يسيطر على مفاصل الدولة هو من قام بنهب ثرواتها”، داعيا الحكومة الى “التحقيق في عقود التسليح وبناء الملاعب والمستشفيات والمشاريع المتلكئة ان كانت تسعى بحق الى استرداد الأموال المنهوبة”.

عرض مقالات: