اخر الاخبار

رغم إعلان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي “إيقاف الهدر” في مزاد بيع العملة لدى البنك المركزي في نيسان الماضي، لكن نوابا ومراقبين اشروا عودة قوية للفساد وتهريب وتبييض الأموال في المزاد، ضمن مشهد يُبطل ادعاءات الحكومة بتحقيق انتصارات وهمية في مجال مكافحة الفساد.

إقرار برلماني 

ويقر عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، بـ”عودة تهريب وتبييض الاموال عبر مزاد بيع العملة في البنك المركزي بقوة اكبر”.

ويقول كوجر، إن “المزاد الذي يجريه البنك المركزي يومياً فيه فساد كبير”، مشيرا الى أن “الفواتير التي تقدم وارقام البيع التي تعلن مبالغ بها، وهي اكثر من حاجة البلد، وفيها تبييض للأموال وتهريب للعملة الصعبة لدول الجوار”.

ويضيف كوجر انه “رغم اعلان الحكومة القضاء على ملف الفساد في مزاد بيع العملة الى غير رجعة، إلا ان الفساد عاد وبقوة اكبر”، عازيا “سبب عودة الفساد الى غياب الارادة، ما جعل البلد مباحا للكتل السياسية المتنفذة”.

ويؤكد النائب ان “العراق يعتبر من الدول القلائل التي تجري مزاداً للعملة ويدار من قبل الدولة، وهو بحاجة له لان موازنة الدولة تصرف بالدينار، ومواردنا تأتي بالدولار والتجار يحتاجون الى الدولار لاستيراد السلع من الخارج، وبالتالي يجب ان تكون هناك جهة تقوم بهذا العمل وفق آلية معينة”، لافتاً إلى أن “الخلل ليس في وجود مزاد العملة، وإنما الدولار الذي يباع لا يتناسب مع الفواتير التي تقدم من قبل التجار والمستثمرين؛ حيث ما يتم بيعه في المزاد تربح منه بعض الجهات السياسية ولا يذهب للمكان الصحيح”.

وفي نيسان الماضي، اعلن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، نجاح حكومته في وقف الهدر والفساد في مزاد بيع العملة، مشيرا الى ان اجراءات محاربة الفساد رغم العراقيل التي يحاول البعض وضعها لكننا سنستمر دون تراجع.

اجراءات قاصرة

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي احمد خضير لـ”طريق الشعب”، ان “الحكومة لم تتخذ اجراء واحدا لوقف الفساد في مزاد بيع العملة، غير رفع قيمة الدولار امام الدينار”، مبينا ان “هذا الاجراء قلص بشكل وقتي من مبيعات البنك المركزي، ما اعتبره بعض القاصرين من القائمين على الاقتصاد العراقي اجراء صحيحا”.

 ويضيف الخبير ان “هناك عملة فائضة عن الحاجة في المصارف والاسواق ولدى المواطنين وعند رفع سعر صرف الدولار امام الدينار، قام من يمتلك هذه العملة ببيعها مقابل العملة العراقية، وما ان نفدت هذه الكميات حتى عاد الدولار الى الارتفاع مجددا”، مبينا ان “مبيعات البنك المركزي من الدولار بلغت اكثر من 200 مليون دولار يوميا، ما يعني بيع اكثر من 4 مليارات دولار خلال الشهر الواحد، في حين قيمة البضائع المستوردة لا تتعدى مليارا و500 مليون دولار شهريا”.

أين الفواتير؟

ويتساءل الخبير “اين فواتير المواد المستوردة بهذه المبالغ؟ كم يبلغ الايراد الجمركي من الاستيراد؟”، متهما الحكومات المتعاقبة بأنها “فشلت في معالجة هذا الملف بسبب سياسة التخادم بين الكتل السياسية المتنفذة، والتي تمتلك مصارف اهلية تقوم من خلالها بتهريب العملة الى خارج البلاد والاستفادة من فرق سعر البيع الرسمي والسعر الحقيقي للدولار، مقابل الدينار في البورصة والصيرفات”.

ويعتقد خضير ان “هناك شخصيات نافذة ومستفيدة من المزاد تمنع أي محاولة للاقتراب من المزاد”، منوها الى ان “العراق اصبح مكانا آمنا لتهريب وتبييض الأموال بسبب غياب الرقابة، وعدم قدرة الحكومة وجهازها الرقابي على مواجهة الفاسدين، والاكتفاء بالتفرج في احسن الاحوال، والمشاركة في الفساد في الغالب”.

ويعتبر البنك المركزي العراقي المؤسسة الوحيدة المخولة ببيع العملات الأجنبية للمصارف والشركات المعروف من قبلها، عبر ما يعرف بـ”نافذة بيع العملة الأجنبية”، والتي من خلالها يقوم بتحويل إيرادات النفط التي حصل عليها عن طريق وزارة المالية إلى دينار عراقي, لذا فإن عمل النافذة يرتكز حول هدفين أساسيين، هما: تحويل إيرادات النفط إلى نقود عراقية من خلال بيع الدولار. والثاني، تمويل التجارة الخارجية للعراق.

تخادم ومصالح

من جانبه، يبيّن الخبير المالي محمد فرحان، ان “تهريب العملة الصعبة من خلال نافذة بيع العملة يتم من خلال تقديم إجازات استيراد غير حقيقية أو عبر فواتير شراء مزورة أو مضخمة التكاليف”، مشيرا الى “قيام البعض بتضخيم قيمة البضائع المستوردة وتهريب فرق السعر”.

ويكشف عن فرحان عن “وجود لاعب دولي وإقليمي يتحكم في عملية تهريب العملة الصعبة واستخدامها كورقة ضغط سياسي بين الولايات المتحدة الامريكية وايران”.

ويصف فرحان اجراءات الحكومة لمحاربة ملف تهريب وتبييض الاموال بأنها “اجراءات شكلية سهلت عملية تهريب العملة من خلال المصارف الاهلية التابعة للأحزاب المتنفذة”، منتقدا “ترك المواطن فريسة في مواجهة الأزمات الاقتصادية، في الوقت الذي تستحوذ هذه الشخصيات على اموال العراقيين”.