اخر الاخبار

يشكّل غياب الحسابات الختامية التي تُهمل مع تقديم الحكومة لمشروع قانون الموازنة الاتحادية، فضيحة اقتصادية تندرج في خانة صفقات الفساد والهدر المالي، فضلا عمّا ذلك يسببه سنويا من “مخالفة دستورية”، حاولت الحكومة السابقة تجاوزها بتشريع قانون “موازنة واقع الحال” للسنوات التي غيّب عنها تشريع قانون الموازنة السنوية، لأجل تقديم الحسابات الختامية الخاصة بتلك الاعوام.

لكن برلمانيين وسياسيين يستبعدون ملاحقة تلك الاموال، بسبب وجود “توافقات سياسية” لتغطية مبالغ كبيرة صرفت من قبل احزاب متنفذة، تحت تبرير سلف مالية.

ويقترح اقتصاديون اعتماد “الانفاق الفعلي” في الحسابات الختامية للسنوات التي لم يقدم خلالها موازنات مالية. وتظهر المعطيات المتوافرة ان عام 2015 هو الوحيد خلال ستة عشر عاما الفائتة الذي قدمت فيه الحسابات الختامية في وقتها وبصورة سليمة. في حين قدمت وزارة المالية بيانات ختامية للفترة من عام 2004 حتى سنة 2011 فجاءت يشوبها الكثير من الغموض في اوضاع الوزارات من حيث حجم الانفاق واوجه الصرف، نظراً لمزاعم بوجود سجلات محترقة او مفقودة بسبب العمليات الارهابية.

وتشير بعض التقديرات الى ان قيمة الاموال المهدورة تشكل 25 في المائة من كل موازنة، حيث تبقى عمليات الاختلاس المنظم والهدر المالي والانفاق المفتعل مستترة.

“موازنة واقع حال”

وقال المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، ان “عدم تشريع موازنة عامة اتحادية لعام 2014 عرقل تقديم الحسابات الختامية للأعوام اللاحقة”.

واضاف صالح في حديث خص به “طريق الشعب”، يوم امس، ان “تقديم الحسابات الختامية يحتاج الى تشريع قانون (موازنة واقع حال) من قبل مجلس النواب للعامين 2014 و2020 وذلك لعدم تشريع موازنتهما السنوية”.

وأكد أن “الحسابات الختامية للسنوات التي لم تقدم بها، جاهزة وبالإمكان تقديمها حال تشريع القانون”. لكن عضو اللجنة المالية في مجلس النواب، شيروان ميرزا، أكد أنه حتى الموازنات السنوية التي قدمت كانت “غير دقيقة”.

وفقا للمستشار المالي د. مظهر فان “مشروع القانون (موازنة واقع حال) نوقش من قبل مجلس الوزراء في حكومة عادل عبد المهدي، لكنه لم يقدم الى مجلس النواب للتشريع”، لأسباب فضّل عدم التطرق اليها.

مخصصات في مهب الريح

وقال ميرزا لـ”طريق الشعب”، يوم امس، ان “مجلس النواب لا يعلم اين صرفت المخصصات المالية التي رصدت من الموازنات السنوية الى الوزارات”.

وذكر النائب انه “في موازنة عام 2019  بلغ الانفاق الفعلي 111 ترليون دينار. وفي عام 2020 هناك من يقول ان الانفاق الفعلي بلغ 164 ترليون دينار”، متسائلا: كيف حددت هذه المبالغ، وعلى ماذا صرفت، وكيف؟

وبحسب ميرزا فان الفساد المستشري في جميع مفاصل ومؤسسات الحكومة، جعل من السلطات “تتهاون في تقديم الحسابات الختامية للأعوام 2013 – 2020”.

وفي العام 2014، بررت الحكومة عدم تقديم حسابات ختامية بعدم اقرار موازنة ذلك العام. لكن السيناريو والتبرير ذاتهما تكررا في العام المنصرم، بحسب الخبير الاقتصادي حازم هادي.

المصالح الحزبية تمنع تقديمها

وقال هادي لـ”طريق الشعب”، يوم امس ان “عدم وجود موازنة للعام 2020 عرقل تقديم الحسابات الختامية مع موازنة عام 2021”.

واقترح هادي انه “بامكان الحكومة اعتبار الانفاق الفعلي للسنوات التي غيب عنها تشريع موازنة سنوية، هو ذاته موازنة سنوية، وبالتالي يمكن على ضوئه، عمل حسابات ختامية”.

ورهن هادي تكرر هذه المشكلة، سنويا، بـ”تهرب الجهات الحكومية المعينة، من محاسبتها على اهدار المال العام، وما يهدد مصالحها الحزبية والشخصية”. كما رأى أن الحكومة “غير جادة الى الان في اصلاح العملية السياسية المالية في البلاد”.

توافقات سياسية

من جهته، كشف المحلل السياسي والاكاديمي د.احسان الشمري عن وجود “توافقات سياسية” لتغطية مبالغ كبيرة صرفت من قبل احزاب حاكمة، تحت تبرير سلف مالية.

وقال الشمري، ان ذلك يشكل “سببا رئيسيا” في الاتفاق على عدم تقديم الحسابات الختامية السنوية.

واتهم الشمري مجلس النواب بأنه “شريك اساسي في عمليات الفساد، كونه تخلى عن الحسابات الختامية السنوية في تشريع قانون الموازنة”، موضحا ان دوره “حماية القوانين الدستورية التي اكدت ضمنها على ان الحسابات الختامية تقدم مع مشروع قانون الموازنة للتشريع”.

عرض مقالات: