اخر الاخبار

تثير اتفاقية النفط مقابل الخدمات الطبية بين بغداد وبيروت، تساؤلات كبيرة لدى مختصين ومراقبين في العراق ولبنان، عن جدوى الاتفاق ومبرراته وبنوده، مستنتجين من ذلك بأنها صفقة “تخادم بين نظامين طائفيين”.  

 

تساؤلات لبنانية

وصوت مجلس الوزراء بالإجماع على دعم لبنان بالنفط الخام، وزيادته من 500 ألف طن إلى مليون، مع وعد بأن ينفّذ القرار بالسرعة القصوى، نظراً لحاجة لبنان الماسة الى هذا الدعم.

وشكر الرئيس اللبناني ميشال عون المسؤولين في العراق على قرار مضاعفة كمية النفط الخام المخصصة لبلاده، عبر تغريدة نشرها الحساب الرسمي على موقع “تويتر”. 

وغرّد خبير النفط اللبناني أنس الحجّي على منصته على “تويتر”، معلقاً على الموضوع “ماذا يقصد ميشال عون بالنفط؟ إذا كان يقصد النفط الخام، فلا يوجد مصافي في لبنان فكيف يتم التكرير، وإذا كان يقصد البنزين أو الديزل فإن العراق لا يصدر أي منهما”.

وأضاف الحجي “الشيء الوحيد الذي بقي هو زيت الوقود، وهذا يعني أكثر أنواع زيت الوقود رداءة والممنوع استخدامه في كثير من دول العالم”.

 

ترقيع للمشاكل

ووصفت مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في لبنان، الدكتورة لوري هايتايان بحسب “سكاي نيوز عربية”، الاتفاق بأنه “ترقيع” للمشكلة التي يعانيها لبنان على صعيد حاجاته النفطية.

وأضافت ان “لبنان بين أن يجد طريقة يستورد بها حاجاته النفطية بشكل مباشر، وبين أن يستورد نفطاً خاما بتسهيلات معينة ثم يبحث عمن يكرره له، ويضطر إلى تلبية حاجات العراق من خدمات طبية”, بينما هو “يشهد انهيارا للقطاع الصحي، ويعجز عن تأمين حاجاته من المعدات والكوادر الطبية”، بحسب قولها.

وأكدت ان “الاتفاق في أساسه ليس مناسباً، لا للبنان ولا العراق، والغموض يلفه”.

وأردفت “هناك لغط حول ما سيصلنا من العراق، هل هو نفط خام أم انه وقود؟ وفي حال وصل النفط الخام كيف سيكرر؟”.

وتقول ان “مشكلة الوقود العراقي أنه يحتوي على نسبة الكبريت 4 في المئة، وما يستخدم في لبنان يجب أن يحتوي على 1 في المئة. أما إذا كان المستورد نفطا خاما فلا يمكننا الاستفادة منه بشكل فعال، حيث يستوجب البحث في الطريقة التي سيعمد فيها لبنان إلى تكريره، فمصافي النفط في لبنان معطلة، ما يستوجب تأمين طريقة لتكريره خارج لبنان، إما في العراق أو عبر طرف ثالث”.

 

طرف ثالث!

وتوقفت عند موضوع الطرف الثالث، فقالت “قد تكون شركة وسيطة، أما من هي هذه الشركة؟ هناك تكتم شديد والموضوع غير واضح، ونحن بحاجة إلى نص الاتفاق كي نفهم القصد منه والباقي يصنف تحت مسمى تخمينات”, متسائلا “من هي الجهة الثالثة التي ستكرر النفط وتستفيد من نقله وتسليمه، وكيف ستحصل على بدل أتعابها، مالياً أو عبر حصة لها وسط أزمة لبنان في القطاع الطبي؟”.

وختمت الخبيرة هايتايان بالقول “اللبنانيون يخشون دائماً من تكرار سيناريو الهدر والفساد كما جرى في العام الماضي مع شركة “سوناطراك” الجزائرية التي تزود لبنان بمادة الفيول، حيث أدخل طرف ثالث على العملية وهو شركة ZR energy  وأدى إلى فضيحة “الفيول المغشوش” التي لا تزال موضع نزاع قضائي بين الدولة اللبنانية وشركة “سوناطراك” .

 

غموض في العراق

وفي العراق، يبدو الموضوع أكثر غموضا. فالمعلومات المتوفرة شحيحة وغير مكتملة.

وأكد الخبير النفطي حمزة الجواهري، أن قيمة ما اعطاه العراق للبنان ضمن هذه الاتفاقية، يساوي 350 مليون دولار.

وقال الجواهري في تصريح صحفي إن “قيمة الطن المتري من النفط تساوي 7.3 برميل، فيما تبلغ قيمة الطن الوزني من النفط 6.3 برميل”, مشيرا الى ان “المليون طن من النفط العراقي تعادل 7 ملايين برميل”.

واشار الخبير الى ان “احتساب سعر الدولار بـ1500 ليرة لبنانية، يعني أنه لا قيمة له، خاصة وان سعر الدولار الان هو 15 الف ليرة لبنانية”.

 

تخادم مصالح

من جهته, قال محمد فرحان، مهتم في الشأن السياسي, لـ”طريق الشعب”: ان “الهدف من الاتفاق هو تخادم مصلحي بين نظامين قائمين على نفس المنهج, يعمد احداهما الى دعم الاخر في اوقات الازمات”، معتقدا ان “انهيار تجربة المحاصصة الطائفية في لبنان, يهدد وجود الاحزاب الطائفية ومكتسباتها في العراق”.

وأضاف فرحان، أن “الشعبين العراقي واللبناني لا يستفيدان بشيء من هذا الاتفاق، وستذهب الأموال الى جيوب المنتفعين في كلا النظامين”.

واعتبر فرحان “صمت مجلس النواب عن الموضوع، وعدم مطالبته الحكومة بتوضيحه، هو دليل راسخ على التخادم بين النظامين”, مؤكدا أن “هذه الصفقات هي حلول ترقيعية، سوف تؤدي في نهاية المطاف الى تفاقم المشكلة، لا حلها”.