اخر الاخبار

* منذ أن عرفته في ثمانينيات القرن العشرين، وحينما وفّر لي فرصة ان اشاهد اعماله التشكيلية بكل مراحلها، فقد أيقظ الفنان التشكيلي العراقي فاخر محمد شعوراً واحساساً وهاجساً خاصاً ومُكثفاً ومحتدماً ومتوهجاً في روحي ومخيّلتي وذائقتي الشغوفة بكل انماط واشكال وابعاد وثيمات وجماليات الفن التشكيلي سواءً كان عراقياً او عربياً او عالمياً.

وعلى ضوء مشاهداتي التي كانت متواصلة لمعظم اشتغالاته التشكيلية، وذلك كوننا كنا صديقين مهتمين بالفنون والاداب وخاصة الرسم والشعر والمسرح. وكذلك فقد كنا جارين في مدينة بابل

الحضارات، وأعني  : الحلة فيحاء الفرات والحب والابداع والجمال،  وكنا نلتقي ونتواصل بحكم زمالتنا الدراسية في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد الحبيبة،  قلتُ على ضوء كل ماذكرتُه وأشرتُ اليه، فقد ادركتُ ان الفنان فاخر، هو فنان ذو مشروع تشكيلي وابداعي وجمالي خاص وحقيقي واستثنائي واستثنائي، ولاأخفي حقيقة إحساسي ويقيني بالموهبة الفذّة للفنان فاخر وطاقته وقدرته النادرة في الإنشاء والتخيّل وفلسفته في إستخدام اللون والظل والضوء وكذلك بحثه الدائم ومثابرته المتوثبة في ابتكار نصوصه التشكيلية وسعيه المتوهّج من اجل التفرّد وامتلاك البصمة الفنية الخاصة به بين مجايليه وزملائه وحتى اساتذته من الفنانين التشكيليين العراقيين المبدعين الكبار. وارى ان من اللافت والمثير للانتباه هو اصرار الفنان فاخر على التجريب والابتكار واكتشاف كل ماهو حداثوي ومختلف ومدهش وسحري في حياته وواقعه المعيوش وبيئته المحلية العراقية وتواريخها وشخصياتها وكائناتها العجيبة والغريبة والمهملة من التناول الفني وفق رؤيته وبصيرته النابهة واللمّاحة بشكل واضح، حيث ان فاخر محمد استطاع ان ينظر لها ويتعاطى معها انطلاقاً من وعيه الفني والفكري والروحي والجمالي الخاص به. وأُرى إن كل عمل فني يجب أن يحتوي في داخله على كل ما ينبغي توفّره ووجوده من أجل فهمه وتحليله. ذلك ان لوحاته تقترب من هذا التصور الذي من المتوجب ان يكون. إذ ان اعماله تُقدّم عناصر تأويلها من داخلها. حيث ان العملية الفنية تستمد معناها ليس من علاقتها بالتفاصيل التي هي في داخل اللوحة نفسها، بل بانعكاس شعاع تلك التفاصيل على ارض الواقع. وعلى الرغم من انه بقي في البعض من لوحاته يدور في إطار النمط والاسلوب الذي بدأ به ولم يخرج من إساره في بعض الاوقات والحالات، وهنا أقصد نمط التذبذب الشديد التوتر ما بين الحالة الفنية المكثفة وبين فكرة الاسلوبية، ولذا فقد كانت لفاخر محاولاته الجسورة للمزاوجة بينهما من خلال الابتكار واللعب والتحايل على قماشة وفضاء اللوحة، ولهذا وغيره من الافكار والرؤى والاسباب فإنه قد استطاع ان يحقق أفضل إنجازاته التشكيلية عبر لوحاته المُتعددة الثيمات والواسعة والمفتوحة الآفاق، حيث إنها قد ارتقت وتبلورت وتجلّت حتى تكون بعيدة عن ما يُهددها من تكرار واخفاق ونكوص فني. اصبحت أقرب إلى تكامل العمل الفني عندما يأتي في شكل لوحة جديدة ومختلفة ومتوهجة. وازاء كل ما قلته؛ أُضيف انه قد استطاع ان يخلق له بصمته التشكيلية   الشخصية في الوسطين الفنيين العراقي والعربي وحتى العالمي عبر قدرات وطاقات ورؤى وأخيلة وبراعة متفردة في عمله ومشروعه التشكيلي. مثلما يُشكّل العالم وبلاده على وفقَ رؤيته وذائقته الخاصتين.وكما يريدهما ويحلم بهما ويراهما بعينيه وروحه المكتنزة بالحب والجمال والإنسانية والابداع الحقيقي.

عرض مقالات: