اخر الاخبار

عندما وقع عليّ الاختيار في اخراج سهره تلفزيونية من سيناريو للفنان الراحل يوسف العاني،كان لزاما علي ان اختار من الممثلين النجوم من له القدرة على لعب الادوار المركبه، فاخترت يوسف العاني لدور الموسيقي وازاد وهي صاموئيل بدور المنظفة، كان خيارا موفقا وكانت ازاد كما هو يوسف العاني جملتان موسيقيتان متناغمتان متوازيتان من ذات المقام،،كانت فرحتها كبيره عندما شاهدت هذه السهرة المعمولة باسلوب السينما كانت فيلما سينمائيا بحق  لعبت ازاد دورها بكل احترافية ونبل والتزام واحترام وصمت كبير،هذا العمل هو اخر اعمال ازاد على الاطلاق عام ١٩٩٢ ولكنها كانت تنتظر مني عملا اخر، احببتها كثيرا عندما شاهدتها لاول مره في مسرحية “النخلة والجيران” وحفرت في رأسي مكانا مرموقا وتصورا رائعا  كان غالبا ما يقع اختياز ازاد للادوار النمطية  للمرأة المسكينة الجدة الكبيرة الساذجة الطيبة ولكن في “الياقوتة” غير ذلك، فقد كان دورها مركبا مكتوبا بانتقائية ورصانة واحتراف،هذه المرة لعبت دورا سلبيا شخصية مغلفة بالشرور مقنعة بالطيبة والوداعة والسذاجة، وقد استطاعت مفاجأة الجميع بنجاحها في لعب هذا الدور وكانا وجهها مادة لدنة تغير ملامحه عبر فهمها العميق للدور وفلسفته وابعاده، من ناحية اخرى  كنت دائما اتعامل مع الممثلين الكبار كلاعبين محترفين يعرفون ما هو المطلوب منهم لتأدية ادوارهم، ولذلك نادرا ما اقوم بعمل البروفات التي تقتصر على الممثلين الثانويين والهواة الجدد، كنت اعطي للمحترفين مساحة واسعة للحركة واجتهاد كبير في الاداء، وازاد تبهرك بالتزامها بالحركة وحفظها للحوار ودقتها  في التوقف في الزمان والمكان الحقيقيين، لاول مرة كان مدير التصوير سهام شاكر مرتاح جدا لفهم ازاد ومعرفتها بدقة ما تعمل، آخذة بنظر الاعتبار حجم اللقطة ومساقط الاضاءة وحركة الكاميرا وايقاعها مع حركة الممثل، كذلك كان مسجل الصوت لا يعطي الملاحظات لان ازاد تعرف متى تتكلم ومتى تتوقف، متى ترفع الصوت ومتى تخفضه، كانت تأتي قبل وقت التصوير بمدة كافية لارتداء الملابس وعمل المكياج وضبط الاكسسوارات ومراعاة مراجعة النص لاتمام حفظه، وكان من اسباب نجاح اي عمل هو انسجام الابطال مع بعضهم  البعض  فكانت هي ويوسف العاني مقطعين موسيقيين متناغمين يضبط ايقاعهم المخرج وفق سلوك الشخصيات، كانت ازاد تفهم كثيرا ابعاد الشخصية الغير تقليديه  فكانت تؤدي دورها وهي تغير ماسكات وجهها ببراعة  لم ارها تغضب.. تتعامل باحترافية هائلة وكأنها خلقت نجمة كبيرة منذ الولادة، تلتزم الصمت عندما تنتهي من المشهد وتنتظر بفارغ الصبر لكي تؤدي مشهدا اخر هي ممثله تحب الجميع قليلة الحديث صموتة وبصمتها كانها تعيش الدور وتتماهى معه، ومن الغريب ان الكثير من الفنانات النجمات كانت تتدخل في ما تلبس وتتدخل باختيار تسريحة شعرها وطبيعة مكياجها، بحيث تحاول ان تصغر عمرها او تبيض بشرتها او تكبر شفتها لتكون  شابة  او ذا مظهر جذاب. الا ازاد فهي تتمسك بتعليمات المخرج لتقريب الوجه من ملامح الشخصية  لتكون اكثر تاثيرا، كان الوقت لديها مقدس  تحترمه وتجله ولم تاتي يوما متاخرة عن التمرين  ابدا ولم تكن متطلبة  بأجورها وخدماتها، ولا بنوع طعامها  كانت تخضع للتمرين صباحا او ظهرا او مساء او ليلا انها تتعامل بمهنية وأخلاق عالية وادب جم، هذه الفنانة الايقونة تركت بصمة كبيرة على الساحة الفنية في المسرح والتلفاز والسينما..

عرض مقالات: