اخر الاخبار

منذ وقت مبكر في الوعي البشري والانساني، اثبتت المعطيات على وفق بدايات الخلق، ان المرأة، ذلك العنصر الفاعل في تكوين بنية المجتمع ومنظوماته، ومؤسساته، بوصفها الكائن المنتج للحياة والجمال، على الرغم من اختلاف ثقافات المجتمعات ومستويات الوعي السائد هنا والمختفي هناك، الأمر الذي يحفزنا للبحث عن اكتشافات متعددة من الافكار والمفاهيم والنظريات إزاء دور المرأة في الحياة الاجتماعية والمهنية والعلمية والفنية مع تعدد لن يتوقف من المهارات، أسوة بما يتسم به الرجل رغم الاختلافات القائمة بينهما.

 فالوسط الادبي والفني والإعلامي من الانشطة الثقافية والابداعية التي تليق بطبيعة المرأة ومكنوناتها، فهي الأقرب إلى الجمال والالوان والذوق واللياقة والتنظيم والتنسيق والتخطيط وغيرها من الانشطة الناهضة في المجتمع فهناك الروائيات والرسامات والناقدات والمصممات والمعماريات والرياضيات اللائي وصلن إلى مراتب ابداعية عالية فضلا عن الحقول الاخرى ومجالات العمل المتعددة، ، ففي البرامج التلفزيونية وبخاصة برامج السيرة مثلا،  نادرا ما نجد في العديد من القنوات التلفزيونية، النسبة القليلة من الاهتمام بتسليط الضوء على تجارب النساء المبدعات المتميزات، كأفضل طبيبة عالمة باختصاصها، وافضل فنانة، مخرجة، روائية، رسامة، نحاته، مصممة، قاضية، دبلوماسية، أستاذة فلسفة ونقد وجمال، وغيرها من الاختصاصات،  وهناك تصميم سائد لدى البعض من  أصحاب القنوات الفضائية على أن أناقة المرأة وجمالها يكاد يفضل على بقية المهارات اللازمة لشخصية المذيعة أو مقدمة البرامج، فغالبا ما نجد البعض منهن لا تجيد فن الكلام نطقا ولغة واداءً، بما يضعها في موقف لا يخلو من السخرية، وهناك اختيارات أيضا ، لا تخلو من ابتذال واختلال الذوق، وضعف المستوى الثقافي، وكذلك، هنالك اختيارات لمواضيع برامج لا ترتقي إلى ما نهدف اليه من رقي في  استضافة أو تسليط الضوء أو سيرة حياة نماذج نسوية بمستوى المفكرة والعالمة والمبدعة والمبتكرة والمعمارية واستاذة الفكر والفلسفة والطب والهندسة والفلك والفضاء، مع الاشارة الى ان غالبية بعض البرامج الضعيفة  تستسهل الذهاب إلى المولات والأسواق والشوارع لتسجل لقاءات وبرامج عابرة وخالية من القيمة المعرفية والعلمية لدى المرأة. باستثناء بعض البرامج التي تحافظ على سمة الانصاف مع قضية المرأة. .وعندما ننظر الى المراة في الدراما التلفزيونية وفي البرامج نجد، ان هناك ثمة خلفيات ثقافية ونزعات ذاتية وموضوعية اربكت حدة التوازن، والحقت بالمراة” حيفا كبيرا، فمعروف جدا أن مجتمعات متعددة في العالم لم تتخلص من السمة الذكورية، الذي يشكل احيانا بعدا متخلف النظرة عن قيمة المرأة، منها ان ظروف المرأة في بعض المجتمعات جعلها ان تكون في مسابقة ليست هي الأقرب إلى الدور القيادي، وان هناك اعلام وثقافة خارجية تعمل للاطاحة بمظاهر الرقي في المجتمع ومنها عالم المرأة، وان هناك تأثير خارجي، من وسائل الاتصال الحر، في السفر والاحتكاك بالعالم الخارجي، وهناك بعض المؤشرات منها :

* فقدان القوانين الجادة لحماية المرأة. 

*.. طبيعة المرأة بحاجة إلى اهتمام خاص بها،لم يدركه البعض.من العاملين بشؤون الثقافة والفنون. .

*.. المستوى الثقافي والحضاري لأي مجتمع، له الأثر الكبير في تحديد مستوى النظرة والتعامل مع المرأة.

*.. كثرة الحروب والاضطرابات السياسية والامنية والاجتماعية تعمل على فقدان الكثير من الرجال، وبقاء المرأة في مسؤولية مضاعفة ، الأمر الذي يكسر خط التوازن، ويعرضها إلى العديد من الانتهاكات والمعاناة، والتحديات.التي تظهر لنا المرأة دائما في حالة عوز وضعف وانتهاك وسلعة واعلان وجسد وغيرها من حالات الهون.

وفي ما يتعلق بتوظيف شخصية المرأة في الدراما التلفزيونية والبرامج، هناك اختلاف واضح في مستوى الكتابة والمعالجات الصورية لها، ففي بعض الأعمال التلفزيونية التي أعطت الدور الإيجابي للمرأة، كمسلسل “عالم الست وهيبة”، و”ليالي الحلمية” ومسلسل “سيدة الرجال” ومسلسل “رباب”، وكذلك في مسلسل”مين يشتريك” التي  أظهرت نموذجا لدور السيدة ذات العطاء، القوية القادرة على التصدي لمحاولات استهدافها، وهناك أيضا  دورالصديقة “ليلى طاهر” في مين يشتريك وكذلك دور الزوجة “ميرفيت امين” في “الرجل الاخر” أو في مسلسل للعدالة وجوه كثيرة ودور الزوجة “دلال عبد العزيز” ودور العمة نور “نبيلة عبيد” في مسلسل العمة نور، ودور الزوجة نازك السلحدار “صفية العمري” في ليالي الحلمية،  وكذلك مسلسل “ثورة الحريم” الذي ضم العديد من عناصر الجذب والاهتمام والتشويق وبموقف قريب جدا من قيمة المرأة، التي لا نرغب ان يتحكم بها الرجل دون أدنى معيار كمسلسل “عائلة الحاج متولي” الذي يقود حياة زوجاته الاربع بمزاجه، ورغباته رغم شرعية الارتباط الاجتماعي ، وكثير من الاعمال أظهرت الجانب الإيجابي في المرأة بوصفها مصدرا للحب والحياة والتفوق والقيادة، بما يضعها في المراتب العليا من حيث الشكل والمضمون، في حين هنالك أعمال تعتاش فيما تحمله من رسائل بائسة عن ضعف المرأة واخطائها وانتهاكاتها للقيم الاخلاقية، فتظهرها  في ادوار رخيصة ومبتذلة وضعيفة الثقافة والوعي  وبائعة الهوى وبازياء فاضحة، بهدف الاثارة والجنس والسلعة، وبتكرار مقصود يتمحور مع ذائقة البعض وكانها ظاهرة تشكل الحالة الطبيعية للمرأة،

وهناك عوامل ساعدت على ذلك منها :

*ان الاعلام الإليكتروني والنشر الحر من دون رقابة، لعب ادوارا في إظهار المرأة في  الصور والفديوهات والعبارات والاكاذيب وتقنيات التحريف والتشويه في إطار نشر الفضائح ومقاطع التندر والمفارقات الكوميدية، وتحقيق نسب عالية من المتابعة والجذب والاستقطاب لمثل هكذا مواقع، لاغراض التطبيع مع هكذا حالات واعتبارها أمرا متداولا بشكل طبيعي. . ،

*كثرة الإعلانات التي تتخذ من المرأة جسدا مغريا في ترويج البضاعة.

*كثرة الاغاني التي تجلب اكبر عدد من الفتيات الراقصات العاريات برفقة مطرب من الدرجة العاشرة ان لم نقل اقل من ذلك بكثير.

*كثرة موجات التنحيف والرشاقة والالعاب الفاضحة للاجسام والأعضاء البشرية.

*الإكثار من عرض مشاهد الرقص في الملاهي والامان وجرائم الاغتصاب وشرب الخمور والمخدرات ومشاهد النكات البذيئة. وعروض الصور والفيديوهات الماجنة. بقصد افهام ضعاف النفوس، على ان ذلك واقع حال، بالامكان التأقلم معه، وهذا ما يعمل على تدمير الذائقة السليمة، وتقبل كل ما هو فاحش.

ومن الأدوار التي تظهر بتمثلات غير لائقة بقيمة المرأة.. منها :

*دور فتاة جامعية تشرب السيجار والناركيلة والمخدرات، ولها صداقات واسعة وتتغيب عن المحاضرات، برفقة صديقها الذي يستغلها وفق ما يشاء و الأخطر من ذلك، هو ليس لوحدها وإنما عشرات الفتيات على ذات الدور بشخصيات مختلفة.

*ضعف دور الأسرة أمام موجة الانترنيت وما جرى من تغيير في بنية المجتمع من أسواق ومقاهي وملاهي ومنتديات تدعي الثقافة واماكن التسلية.

  • دور لزوجة خائنة تبحث عن المظاهر والملابس والمكياج والهدايا والسهرات.
  • دور المرأة النكدية الغيورة الشكاكة التي

تخلق المشاكل دون تفكير وتأمل ومراجعة، وإنما بتهور وتسرع مما يفقدها صوابها وحسن تصرفها.

  • المرأة الجاهلة الضعيفة الفقيرة التي لا تحمل شهادة تعليم، ولا عمل، ولا مهارات خاصة، مما يضعها في دور لا تحسد عليه.
  • دور المراهقات تعد مادة اغراء للمشاهدة وكسب الجمهور لشباك التلقي.. مما يقدمها جسدا وليست قضية أو موضوع ما.
  • دور موظفة تتعاطى الرشوة.
  • دور معلمة تتقبل الهدايا مقابل النجاح
  • دور السكرتيرة العشيقة. .
  • تجرأت الدراما احيانا في منح بعض الأدوار العاطفية الشاذة والمخالفة للمجتمع والواقع والقيم والعادات المألوفة، بهدف خلق الدهشة والمفاجأة واجتياز حدود المواضيع المسكوت عنها، لهذا تضمنت بعض الأعمال وبخاصة العربية والعالمية بأدوار المثلية والشذوذ والانتهاكات الاخلاقية والاجتماعية التي شملت النساء والرجال، ومن الغريب جدا أن في احد الافلام الأجنبية تظهر شخصية عالمة آثار بمواصفات علمية ومعرفية تليق بشخصية امرأة في غاية الارتقاء ولكن يعكف الفيلم من خلال النص ان تتعرف هذه الشخصية العالمة على إحدى السائحات الراغبة كثيرا في معرفة أسرار الآثار وتاريخ حضارتها، مما شكل علاقة صداقة عارمة بينها وبين العالمة، لتتطور من الاهتمام الثقافي، إلى لقاءات حميمية على السرير بالعري التام من دون أدنى ستر أو تحفظ أو حياء، هكذا فكر الفيلم في انتهاك ما يشاء كي يطلق رسالة ان مثل هكذا حالات تحصل حتى عند ارقى العقول والحقول العلمية .وعلى غرار هذا الفيلم هنالك مئات الافلام التي تتناول مثل هذه المواضيع التي ساهمت في إشاعة ثقافة تناول المرأة بقدر اقل من قيمتها واستحقاقها الاجتماعي والأخلاقي الذي تسبب في خلق موجة من قبول التعاطي مع هكذا مواضيع وهكذا عروض وهكذا معالجات لا ترتقي إلى القيمة  العليا التي نطمح لها للسيدة المرأة

والفتاة المرأة. والعالمة المبدعة المرأة، التي تستنكر الارتماء في حقول المخالفة والانتهاكات..

عرض مقالات: