اخر الاخبار

أضعف الدهر وجهها، وتردت عافيتها بسبب الفاقة التي تعيشها، تجتاز الشوارع في الصيف اللاهب والشتاء القارص، بعباءة شاحبة السواد بفعل الشمس اللاهبة، تمر بسرعة بين المارة وعينها على أقدام النساء، ربما تبحث عن موديل تخزنه في ذاكرتها وتلبسه عندما تنام ليلها البارد حتى في ليالي تموز الجافة، تبحث عن اكواب الشاي الفارغة وتعبئها بكيس بلاستيكي تعلقه في حزام تشده حول وسطها ولتسند ظهرها به.

لا تنظر للأطفال فقد تاهت عليها سنوات عمرها ، فمن اي جيل هي؟

هل فقدت وليدها مع أول بيضة نزلت  ام انهم تجار النساء مَن سرقوا بياض جسدها!

الكوب الان اهم منهم جميعا..

-  شاي... شاي ساخن !

مثل امنياتها كانت ساخنة تشبه تنور جدتها عند جرف الحياة...

- شاي شاي مهيل... !

تخاف على كرامتها الان.. فهي تجلد ذاتها كل ليلة وهي تخاطب الله بأنها أخطأت نحوه.. نعم انه الله الذي خلق لها الشاي لتبيعه وتسترد بثمنه بياض وجهيها الذي لوثه سخام السيارات والمارة بدخان الاراكيل والسكائر. “ارض العقارب”  كانت حديقة كبيرة تشبه الى حد كبير تاج ملك شاب مليئ بالفصوص الثمينة.. حديقة تزدحم بالشباب، تتجول بينهم...

- شاي شاي !

عيناها تتطلعان على أفواههم المشغولة باحاديث المحاضرات.. تساليهم ومرحهم  وأحاديث العشق الذي نسته مذ فقدت بياض وجهها في تلك الساعات المليئة بالخوف

... اكواب الشاي لم تنفذ لديها لحد الان والوقت يمر ، عليها العودة لتلك الخربة الفقيرة والمظلمة.

 ليلة سوداء مغبرة، تهرول للحاق بالفجر.. دخانها المتصاعد يشبه صوت المطربين الشباب هذه الأيام. كيف لها الخلاص وقد اكتوت بنار الجور والبحث في الازقة القديمة عن كل ما ترميه البيوت المرتفعة بدرجات اسمنتية ؟ انه الزمن الذي جعلها تتجول وتبحث عن كل ما هو قديم ومستهلك، أو لعلها  ربما تعثر على وجهها الذي ضاع منها بعد ان خسرته عند أول موعد له معها وآخر لقاء.

عرض مقالات: