بتُ لا أُفرقُ بين الحرب وأغنيةٍ
يُعِدونها تمامًا كالأغاني
مثلما تهبط الكلماتُ من غيوم الحزنِ
على قلب الشاعر
تخرج شياطين الكراهية من عالمها السفلي
وتحج لقلب الطاغية.
ضباطُ الحرب ملحنون
يختار المُلحنُ أدواته
الطبلةُ - مدفعٌ
الكمانُ- بندقيةٌ
العودُ - رشاشٌ آلي
والنايُ - بندقيةُ قنص.
الجنودُ مغنون
حناجرهم تقطرُ دمًا
وحبالهم الصوتية سياجٌ شائكٌ
بأشلاء اطفال مبعثرة.
الجبهةُ استوديو الإنتاج
حيث تشتبكُ الأصوات - الرصاصُ
الخنادقُ - درجاتُ السلم الموسيقي
تسيلُ الدماءُ حتى النوتة الأخيرة...
المطبلون مسوقون
يقنعونك أن الخلاص أغنية مقدسة
استَمِعْ لها اصغِ بكل حواسك لتنجو،
وفي كل مرة تشتري آخر اصدارتهم
ينبت شوكٌ على حبالك الصوتية
إلى أن تبدأ بالغناء
وتطوق رقاب الضحايا بالخوف والوجع!
بتُ لا أُفرقُ بين الأغنية والحربِ
البهجة، النشوة، الفرح
دبابة، مدرعة وطائرة مسيرة
تركضُ خلفي وأنا اعدو
نحو الظلمة في اعينِ القتلى.
من يرقصون، أسرى مصابون بداء الفجيعةِ
اقدامهم تزرعُ حقولاً من الألغام!
من يضحكون، أصواتهم تخرقُ حاجزَ الصوتِ
فتهتز النوافذ لينطفئ ضوء العمرِ
مهشمٌ زجاج المرايا وأنا مهشمٌ فيه
من يهمس لجدران المنزل أني أخاف عليها من الأغاني
أخاف عليها من مقام القصفِ
أخاف أن تستسلم لنغمةِ العصفِ...
أخاف أن ادندن باسمي
فتهربُ زيتونةُ الدارِ
موالٌ يحاصرُ اشجارَ الأرز
وأهزوجة تضرم النار في قلوب النخيل!
بتُ لا أُفرقُ بين الموت والحبِ
الجثةُ - فتاةٌ من رحيق السماء
الكفنُ - فستانٌ من حرير آلهة الرغبة
التابوتُ - صندوقُ القُبل الضائعة
القبرُ - خيبة الرحيل.
الدفانون - صانعو باقات الوردِ
معاولهم تعرفُ دربَ الخلاص
تقضمُ حجارة الفقدِ،
وتُنَصِبُ الرمال تاجًا فوق الرؤوس.
في الوطن-الحربِ
سنحيا جميعًا لنموت ذات قضية.