بين صخب وهدوء، بدت القاعة كساحل عصفت به الأمواج. بعد أن عَرَضْتُ كل الوثائق التي تدينه. رفع الرئيس ذراعه اليمنى. طرقات رتيبة على منضدته.
- سيدي نقطة نظام.
- وماذا بعد. ألم تكفيك ساعتان من الحديث؟
- شكرا لك سيدي الرئيس. ملاحظة واحدة فقط وهي حاسمة. وإذا رفضها الحاضرون فإن كل جهودي والأخوة الذين معي تذهب هباء,
- تفضل. باختصار رجاء.
- كما بينت في استجوابي لسعادة الوزير ولحضراتكم مقدار الهدر في المال العام وصفقات الأسلحة المبالغ باسعارها والصفقات المزيفة، إضافة إلى الطائرات المستخدمة والخارجة عن الخدمة التي استوردتها الوزارة و...
- اختصر رجاء.
- ناهيك عن الرشاوي التي استلمها معاليه بصيغة هدايا وملايين الدنانير التي صرفت من أجل الولائم وصفقة أجهزة كشف المتفجرات التي هي كلعب للأطفال. أقترح جعل التصويت على إقالة معاليه علنيا. شكرًا.
- طلبك مشروع.
- تصويت. هل توافقون على التصويت العلني لإقالة معالي الوزير؟ أكرر. هل توافقون على التصويت العلني لأقالة السيد الوزير؟ حسنًا. التصويت سري إذن.
ولأول مرة في حياتي أشعر بخذلان وذل ممزوج بعار لن يمحى أبدًا. أيعقل بعد هذا الجهد أن ترفع بعض الأيادي الخجولة؟ يا ترى أين ذهب القسم الذي أديناه في أول دورة للمجلس؟ أعلن الرئيس انتهاء الجلسة بينما انشغل الآخرون بتهنئة معالي الوزير الذي بدا مسترخيًا ومطمئنًا وهو يرمقني بنظرات لم أرتح إليها. لملمت أوراقي وجهدي الذي استمر لشهور. وثائق ادانة لا يكفيها الحبس الشديد ولا وحتى الإعدام. دوار شديد عصفني وصدى صوت عاصف لم يغادرني توغل لأعماقي وأنا أجلس بسيارتي مغادرًا: يبقى معالي الوزير في مكانه. مبروك معالي الوزير. التصويت بالأغلبية.