كانت أعمال بريشت معروفة على نطاقٍ واسع في جمهورية ألمانيا الديمقراطية في وقت مبكر أكثر من ألمانيا الغربية، حيث عاش المؤلف والكاتب المسرحي آخر حياتهِ وعمل في شرق برلين. ويُعدُ بريشت أهم كاتب مسرحي ألماني في القرن العشرين حتى يومنا هذا، غالباً ما تتم قراءة مسرحياته، بما في ذلك (حياة غاليليو)، وتعرضها للكثير من النقدِ والتحليل لِما لها من سمات تعليمية وأخلاقية. استقبل الجمهور العرض الأول لمسرحية حياة غاليلو في زيوريخ بشكل جيد للغاية، على الرغم من وضع توقعات نقدية على العمل مسبقاً. ومع ذلك، كان إنتاج المسرحية ناجحاً بشكلٍ ملحوظ، وقد يكون ذلك أيضاً بسبب حقيقة أن تأثير التغريب الذي تبناه بريشت أدى لذلك النجاح.
لكن العرض الثاني للمسرحية في امريكا لم يكن ناجحاً بشكل مُرْضٍ. على الرغم من أن العروض على الأراضي الأمريكية غالباً ما كانت تثير حماس وهتافات الجمهور، إلا أنه لم يتم فهم موضوعية المسرحية والاهداف التي تبناها بريشت في الربط بين العلمِ والأخلاق. هذا النوع من الدراما فشل أيضاً في نظر النقاد بسبب افتقاره إلى البنية الدرامية.
وفي ألمانيا تم عرض المسرحية بنسختها الأخيرة، ولاقت قبولاً واستحسانا كبيراً من قِبل النقاد والمهتمين في الشأن المسرحي الألماني. ومن بين المدن التي تم عرضها بنجاح هي: عروض عام 1955 في كولونيا و1957 في مسرح أم شيفباوردام في برلين الشرقية، والتي لم يعايشها برشت لأنه كان قدْ توفي أثناء التدريبات في عام 1956. لهذا السبب، تولى إريك إنجل، الذي عمل سابقاً مع برشت، إنجاز التحضيرات الكاملة لعرض المسرحية. في حين أن العرض المسرحي في مدينة كولونيا قدْ تلقى الكثيرُ الثناء والكثير من الانتقادات، إلا أن إنتاج فرقة برلينر أينسامبل للمسرحية المذكورة حقق نجاحاً باهراً.
وتم استطلاع آراء الكثير من النقاد الذين حضروا العرض في مسرح برلينر أنسامبل، والذين حضروا من كافة أرجاء أوربا. ولم يطرأ أي تغيير على روح المسرحية بنسختها الأولى حتى في عروض 1961، بينما شهدت العروض اللاحقة في الأعوام 1971، وكذلك 1978 و1997 قد تمت إضافة بعض التغييرات على النسخة الأولى للمسرحية. وشهد عرض المسرحية في عام 1992 الكثير من التغيير على نسختهِ الأولى، حيث حقق هذا العرض نجاحاً كبيراً، كما أنه يعدُ الأكثر نجاحاً حتى الآن حيث عُرضت المسرحية قرابة 274 مرة. ولو حاولنا تحليل أسلوب العرض الذي تفردت به هذه المسرحية لوجدنا بانها قد شابها الكثيرُ من عناصر التغريب فضلاً عن أنها قد تم عرضها بأسلوب عصري وحديث. كما تم أيضاً تحويل المسرحية إلى فليمٍ روائي طويل ومسلسلاً إذاعياً مصحوباً مع موسيقى هانز ايسلر. “إن موضوع (مسؤولية العالم) لم يفقد جدواه، لذلك لا تزال “حياة غاليليو” واحدة من مسرحيات برشت التي يتم عرضها بشكل متكرر إلى يومنا هذا. واعتمادًا على الخلفية التاريخية لهذهِ المسرحية، والتي تم عرضها وتناولها في الكثير من الدراسات الأدبية والنقدية، لأن هناك إمكانيات جديدة للتفسير بشكلٍ دائم ومتجدد، مما يجعل العمل مع هذه المسرحية مثمراً للغاية وجديراً بالاهتمام ومثيراً للأجيال القادمة.
ويمكننا القول بأن مسرحية (حياة غاليلو) لبريشت، والتي ترسخ ذات المعنى الأخلاقي والترابط الجدلي بين المعرفةِ والأخلاق، كما جاء على لسان (يندرك كروش) الذي يؤكد ذات المعنى الأخلاقي والترابط الجدلي بين المعرفةِ والأخلاق. ويستطردُ كروش قائلاً: أن شخصية غاليلو في المسرحية ليست مجرد شخصية يجب أن تتصرف بطريقة واحدة، ولا يمكنها التصرف بشكل مختلف، بل تقع في دورها من خلال الأحداث التي تصيبها، وتتفاعل مع العالم على هذا الأساس، وبالتالي تتصرف بشكل إيمائي. ويمكنها كذلك أن تتغلب على وجه التحديد لأنها لا تتكيف مع سلوكها، بل يتم تحديده بطابع لا يتغير. ولم يكن لدى أبطال الدراما التقليدية هذه القدرة على التكيف مع الظروف.
ويضيف بريشت مؤكداً هذا الجانب: إن أوديب، الذي يدافع عن نفسه ضد بعض المبادئ التي قام عليها المجتمع في ذلك الوقت سيتم إعدامه، وسوف تعتني الآلهة بذلك، ولا يمكن انتقادهم. أفراد شكسبير العظماء، الذين يحملون نجوم مصيرهم في صدورهم، ينفذون هياجهم وحركاتهم العبثية والمميتة دون توقف، يستسلمون لأنه لا يمكن انتقاد الكارثة، ولا التضحية البشرية على الإطلاق!
في حين نرى أن مسرح برشت، والذي يعد مثلما وصفه برشت على أنه (المسرح الذي يحملُ قيماً أخلاقية) له سمات كلاسيكية، كما أن بريشت يرى نفسه خليفة للحقبة الكلاسيكية والمتمثلة في غوته وشيلر، بيدَ أنه كسر التقاليد في بنية شخصياته.