اخر الاخبار

في 12 نيسان من عام 1930 رحل، انتحارًا بالمسدس، الشاعر العملاق، صوت الثورة وبوق الحداثة الشعرية في روسيا فلاديمير مايكوفسكي...

كوكبنا غير مهيأ للفرح.

علينا أن ننتزع السعادة من الأيام القادمة.

أن نموتَ في هذه الدنيا ليس صعبًا.

ولكن أصعب بكثير أن نصنع الحياة.

هكذا كان ردّ ف. مايكوفسكي على انتحار الشاعر الفذ سيرغي يسينين عام 1927... (يسينين الشاعر الرقيق والشفاف والمُفعم بالروح الروسية – وقد لقّبتُه بكمنجة روسيا الجميلة والحزينة)..

كتب مايكوفسكي ردّا على حقيقة انتحار يسينين: « لا بد من مقارعة الشعر بالشعر... وفقط بالشعر...» فكانت قصيدته الشهيرة «إلى يسينين»:

أن نموتَ في هذه الدنيا ليس صعبا،

لكن أصعب بكثير أن نصنع الحياة.

كان مايكوفسكي ، ذلك المدمر والمنقلب على كل القوانين الشعرية، يسير هنا على خطى يسينين... لكن المدهش أكثر أن يلجأ، بكل ما للكلمة من معنى، إلى ذات الأسلوب لتصفية الحساب مع الحياة ومع المتربصين به...

«إلى الجميع!

لا تتهموا أحدًا في موتي، وأرجو ألّا تنمّو. فالراحل لم يكن يطيق ذلك.

ماما، أخواتي ورفاقي، سامحوني – هذه ليست الطريقة الصحيحة (ولا أنصح غيري بها)،

ولكن لم يبق في اليد حيلة.

بطريقة الانتحار نفسها، وإنْ يكن بواسطة المسدس وليس عن طريق الشنق كما هو الحال عند يسينين - اختتمت حياة أحد رموز حركة الحداثة الشعرية في روسيا و أحد مؤسسي تيار المستقبلية في الشعر الروسي، المبشر بالثورة الروسية وحامل لوائها.

هكذا أنهى مايكوفسكي مسيرة صاخبة ومثيرة من الإبداع؛ وقد لاقت تلك المسيرة الأدبية والثورية للشاعر صدى طيبًا في أنحاء العالم لعدة أجيال، وما زالت الملايين تحتفظ في وجدانها وفي ذاكرتها بمقدار من الحنين إلى ذلك الزمن الثوري الممتلئ بمشاعر الرومانسية والفروسية على حد سواء الذي وجه: صفعة إلى الذوق العام - بيان الرمزيين:

نحن نأمر باحترام حق الشعراء:

- في زيادة حجم القاموس بكلمات جديدة وعبارات جديدة...

- أن يقفوا على صخرة الكلمة «نحن» وسط بحر من الصفير والاحتجاج...

وإذا كانت لا تزال توجد في سطورنا العبارات الدامغة لما تسمونه «المنطق السليم» و»الذوق الرفيع»، فإنها قد بدأت تخفق عليها لأول مرة النفحات اللطيفة لذلك الجمال الجديد القادم للكلمة الثمينة بحق».

عرض مقالات: