اخر الاخبار

امي وكانت تطحن عظامها

من اجلنا

(يمّه موفق اريدكم اتجيبون

بكالوريوس هاي خوش بنيّه

ابوكم المرحوم وصاني عليهه)

مرة ضاعت في الصوب الصغير

وكانت تنوح على بناتها في

مصلخ الحرس القومي وحين

سألوها من اين انتِ؟ أجابت

آي آم من العراق ظناً منها انها

دخلت في غابة من الوحوش البشرية

امي قارورة عطر وجناحٌ طلقٌ

خفاق يلمع في ليل عسعس امي

يا بنت عبد الله

يا اخت كلّ الهمْ

قد ذقتِ مرّ الآه

في زمن من سمْ

خذ المدن كلها

واعطني رغيفاً من خبز امي

وصَمّاً من الباگلة

واغنيتين لسعدي الحلي

وربعاً من حليب السباع

صاحب القبعة الحمراء التي يرفعها للندامى إجلالاً وهم

يترنّحون خلف الزورق الذي يجوب

الازقة باحثاً عن النهر الذي يسمع

صوته في البيوت

وليمونةً تطفأ نار حليب السباع

وكوخاً على ضفة النهر

وموجة اسمها مدلولة ترقص حافية في شط الحلة لأعطيها

الصبر كله في قبلةٍ بليلةٍ ضوئية

تنير طريق العليل الذي صار بعيداً

فجاءته المصائب جمرة في اثر جمرة

وأغفو فوق ساعدها طويلاً

ويحملنا سريرُ الماء لا ألمٌ ولا حسرة

ونسكن حيث يحلو العيش في بغداد والبصرة

*****

خذ المدارس كلها واعطني المدرسة

الشرقية التي يتوسط الكمان نخلتها

ويجري النهر غريداً في حديقتها

لنرى كيف تمد الشمس قوسها

مداعباً اوتاره فتغرق بالنور وموسيقى

الدرس الأول والنخلة ترقّصُ اعذاقها

طرباً فتسّاقط علينا رطباً جنيا يكمل

افطارنا الذي لم يكن سوى كسرة خبز

وقبلة تطبعها الام على الجبين

(وصير عاقل وأسمع المعلم زين).

*****

خذ الطرق كلها وأعطني الطريق

الذي كنت اسلكه للوصول الى المدرسة

سينما الفرات وفلمان في بطاقة واحدة

إسماعيل ياسين في الجيش

الذي يذكرني بصعود البساطيل الى السلطة

منذ منتصف الخمسينيات

صعوداً الى الالفية الثالثة

فصيّرتنا تراب حنطة

رماداً في مهب الريح

فرجةً للعالمين

وعلمتنا اللغة الحية

الناطق الرسمي أبو البكرة امدندل

على ... ويقرأ بالزناد

المؤخرات المزدانة بالمسدسات

ترمي صلياً ومفردا

إقامة المقابر الجماعية لتخليص الشباب من ليلة الوحشة

الإعدام رمياً بالرصاص او شنقاً حتى الموت

على اسيجة المدارس لتجييش الطلبة ورفع المستوى العلمي

تسفير آلاف العوائل العراقية النبيلة ورميها

افواجاً في حقوق الألغام للتأكد من صلاحيتها

قلع عوائل الخونة الذي لا يمشون في خط الحزب

والثورة وأطفالهم ورميهم في الصحارى المنقطعة

إكراماً للذئاب وصلال الامن

ردم البزول والمستنقعات بالفتية الذين يريدون وطناً

الصدمة والرعب في قلوب المستقلين

الحروب المشتعلة بالحطب العراقي الخالص

مع دول الجوار

قتل المرأة الجنوبية التي جاءت به لوحدها

من الجنوب

متحزمة وايدي اعله راسي

اشتلهم زلم حرب الكراسي

وهي تلعن الحاكم العسكري الذي اعدم طفلها

وهو لم يذق من الحلاوة سوى كاغدها ويغني: فد نوب ما مش رجه

 لهنا وصلت لا خبر لا جفية لا حامض حلو لا شربت

عليمن كتلت عبيّس يالـ ..

زهت نفسه وصار وي الشيوعية

ومن الغريب ان جنازة عبيس دارت

دورتها كاملة حول المرقد الشريف

وانطلقت طائرة الى مقبرة السلام يتبعها

سرب من الجنائز الصغيرة التي تمطر دماً

وشوارب الجهابذة العظام متوقفة عند

الساعة الثامنة والثلث قتلاً

والعراقيون يعضون قلوبها خوفاً

من خزنة المعتقلات وأحواض التيزاب

وهم من الزعاطيط الذين لم يشبعوا ...

والقادة وهم من وجوه السفلة

ممن ... الطائر ويكسرون جناحه ومنقاره ويمشون في جنازته

والعراقيات يد على خد وعين تتهجى السيارة

الملفوفة بالعلم الذي ينزّ دماً

طبعاً هذا الفلم استمر نصف قرن

وبنجاح منقطع وبهمة الشرفاء فلقد

توأمنا المدن والمقابر فلا راحة لدفّان في العراق

والشهداء يضربون السِرَة

فيأتيهم الرصاص من كل حدب وصوب

فأعين الرفاق يقظة حذرة وأصابعهم على الزناد

كيرك دوكلاس ورصعة ذقنه التي

تضيء ليل العبيد الطويل في فيلم “سبارتاكوس”

وقد صار ليلنا

بائع العمبة وربع الصمونة التي يبتسم

العسل الأصفر فيها

ساعة البلدية التي تضربنا بعقاربها

ونحن نصعد أسد بابل الرابض في

حديقتها علماً بأننا لم نكن واوية في تلك الأيام

سوگ الهرج الذي عدنا اليه في

تسعينيات القرن الماضي لبيع الإطارات

الخشبية لصور الاكرم منا جميعاً وأسرة أطفالهم

وكنا نتجمع في رأسه ونغني على إيقاع باعته:

اريد أخش.. أخش..أخش بالإبريگ .. وأطلع من البلبولة

فتعلو (القنادر) الطائرة من دكاكين السوق

فوق رؤوسنا مصحوبة بيا نغوله ويا أولاد الحبابات

فنعجب من براءتهم

مكتبة الفرات وأول كتاب قرأته

فأشتعل الرأس رعباً واشتغلت رحمة الله

كلما تدك الباب تعوي الخناجر

وأبقه ارجف من الخوف وافتحهه باجر

ووَجَب حضورك يومياً الى امن البلدة

للتأكد من قوة بصرك وبصيرتك

( .........)

فكم من باسورة صغيرة دكت جبلاً

عربياً كبيراً بهذه الحكمة المحكمة اوجز

خطورته الرئيس القائد فدمدم صوت القصائد والاغاني

وسارت بها الركبان

كل الامراض تهون الا البواسير

هم... ايشكوه هم مضحكه اتصير

*****

خذْ الحكومات الوطنية وحكامها التي

سلمتنا تسلوم يد الى مرحاض في جب

جهنم واتهمت الطرف الثالث

الذي لا يعرفه الا الراسخون في القتل

وأعطني يوماً عراقياً يضع الرجل المناسب

شرط ان يكون عالماً في اختصاصه

وكريمةً اسرته في المكان المناسب

بلا درجات حزبية ولا شعارات ولا راجمات

ولا قاذفات ولا طائرات ولا دبابات

ولا جكسارات ولا هم يقتلون

وأقبض عراقك من دبش

*****

خذ القرن الماضي كله وأعطني

حكومة تضع العراق على السكة

هذا ما كنا نتوقعه من الآلهة الهابطين

من سماء الدبابات الامريكية في زي

مختشع لله زمّيت وقد قل ناصرهم

وكثر عدوهم فتعترينا رعشة من النور

الساطع في جباههم فقمنا اليهم

ناصرين فباعوا العراق والسكة

مبسملين.. محوقلين

لك مجنون انا اشلون اكطعه للهوة منصله

من جان نبعه ما كطعته

اشلون اكطعه إشجرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* ألقاها الشاعر في حفل الذكرى التسعين لتأسيس الحزب       

    الشيوعي العراقي المقام في بغداد

 

عرض مقالات: