اخر الاخبار

“تغيّر وجه مدينتنا وأصبح شاحبا، أردنا أن نعيد بعض البهجة لأزقتها من خلال تلوينها. إذ ليس لدينا ما نجمّل به مدينتنا سوى ألواننا”..

هذا ما يقوله مؤسس فريق “أثر الفراشة” التطوعي، الرسام علي خليفة، بينما كان منهمكا بمزج بعض الألوان ليزين بها جدارا متهالكا في زقاق بغدادي.

فقد كان ذلك الجدار مرتعا للنفايات قبل أن يقرر علي وزملاؤه المتطوعون في الفريق تنظيفه وإزالة المخلفات القريبة منه، وتزيينه بالرسوم.

جهود تطوعية ونفقات خاصة

في عام 2017، رسم علي على جدران إحدى المدارس. وبعد أن لمس سعادة الطلبة بتلك الرسوم، واصل مبادراته هذه لتكون أشبه بالروتين اليومي. فعلي يحب الرسم، لكنه لم يتمكن من دراسته أكاديميا بسبب ظرف ما.

يذكر علي في حديث صحفي، أنه “بدأت العمل مع صديقين متطوعين، وأنجزنا رسوما بسيطة على جدران بعض المدارس، فبدأت مدارس أخرى تطلب منا تزيين جدرانها”.

ويضيف قائلا أن فريقه بدأ يكبر بمرور الوقت، وأن كل ما يقوم به مجانا وبجهود تطوعية، حتى نفقات شراء الألوان ومستلزمات الرسم، كلها من جيوب أعضاء الفريق.

ويتابع قائلا: “انتقلنا بعدها من جدران المدارس إلى جدران المنازل، لا سيما في الأحياء الشعبية القديمة التي لا يستطيع سكانها تحمل تكاليف طلاء واجهات منازلهم أو ترميمها”.

إسعاد الناس

رسم علي ورفاقه في معظم مناطق بغداد، خاصة الأعظمية والكاظمية، لكن من محاسن الصدف ان طلبت منهم امرأة أن يرسموا على واجهة منزلها رسوما فلكلورية.  وفي هذا الصدد يقول، أنه رسم امرأة بزي بغدادي على امتداد واجهة المنزل القديم، ما أسعد السكان، وهنا كانت بداية معرفة الناس بنشاطهم التطوعي، مبينا أنه يهدف من هذا الجهد الفني الذي يبذله، إلى إسعاد الناس، خصوصا في الأزقة التي لا تلقى اهتماما.

الاحتراف ليس شرطا

من جهتها، ترى المتطوعة في الفريق آية أسعد، أن “عمل فريقنا لا يقتصر على الرسامين المحترفين، فللجميع حق التعاون والتطوع”، لافتة إلى أنه “غالبا ما نحث أطفال الأزقة على مساعدتنا في العمل. كما أن علي يجلب ابنته معه دائما لتشجيعها على العمل التطوعي”.

وتوضح في حديث صحفي أنه “ليس هناك وقت محدد لعملنا، من الممكن أن نرسم تحت أشد الأجواء برودة أو حرارة، ونعمل بشكل يومي، وهنالك جو من الألفة والحميمية بين أعضاء الفريق”. وتلفت آية – وهي طالبة ماجستير متخصصة في علوم الحياة – إلى أنه “رغم التعب الجسدي والرسم لساعات طويلة، وغياب الدعم الحكومي، فإن التطوع ومساعدة الآخرين يمنحنا شعورا عظيما”.

رسائل توعية

أما عضو الفريق زينب فراس، فتقول أن فريقها يحاول من خلال رسومه بعث رسائل توعية بضرورة التطوع من أجل البلاد، والحفاظ على الممتلكات العامة ونظافة الشوارع، مؤكدة أن “كل ما نبحث عنه هو إضفاء الحياة على الأحياء المهملة والمنسية”.

وتتمنى زينب أن يتمكن فريقها يوما من نشر رسومه في جميع محافظات البلاد “فنحن لا نريد سوى رؤية الفرحة على وجوه الناس.. أغلب المتطوعين لم يدرسوا الرسم، لكنهم يقدّرون بلادهم جيدا”.