ضيّف منتدى «بيتنا الثقافي» في بغداد، صباح أمس السبت، الباحث د. خالد المعيني الذي ألقى محاضرة بعنوان «الطبقة القائدة – دور الكفاءات الوطنية في بناء الدولة المدنية».
المحاضرة التي احتضنتها قاعة المنتدى في ساحة الأندلس، استمع إليها جمهور من المثقفين والإعلاميين والأدباء والمهتمين في الشأن السياسي. وقد أدارها الإعلامي سعدون هليل، وقدم في مستهلها نبذة مختصرة عن الباحث الضيف ونتاجاته البحثية، وعن كتابه الذي يحمل عنوان المحاضرة ذاته.
د. المعيني قال في معرض محاضرته أن «العراق شهد عقودا ذهبية ابان خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي»، مبينا أن هذه الحقبة مثلت «بدايات تبلور عطاء الطبقة الوسطى، التي كانت انعكاساتها واضحة على منظومة القيم وبدايات النهوض والتقدم، قبل الانكفاء والانخراط في دوامة العسكرة وأتون الحروب».
وأوضح أن «الطبقة الوسطى بمثابة البوصلة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي توجه وتضبط حركة المجتمع نحو الاستقرار والوحدة الوطنية»، مبينا أنه «في تلك الحقبة الذهبية، ونتيجة حراك الطبقة الوسطى وفعالياتها، شهد العراق استقرارا مجتمعيا نسبيا، وشاعت فيه قيم المدنية والسلم والاستقرار الأهلي».
واستدرك المحاضر في قوله «لكن العراق اليوم، دولة ومجتمعا، يمر في ما يشبه الغيبوبة، ويعيش مرحلة انحطاط بسبب تهشم وانحلال شريحة الطبقة الوسطة التي تشكل نصف المجتمع، وتركها مواقعها القيادية، وتخليها عن دورها ووظيفتها لصالح قوى تحالف التخلف من الأميين وأنصاف المتعلمين، ليتحكموا بمقدرات البلد ويتصدروا المشهدين السياسي والاجتماعي، وينحدروا بالمجتمع ومستقبل أجياله إلى أشد مراحل التخلف والاصطراع المجتمعي مرارة في تاريخ العراق الحديث والمعاصر».
وللنهوض بواقع البلاد وإزالة أعباء المرحلة الراهنة عنه، يرى د. المعيني أن الأوان آن «لمغادرة شريحة الطبقة الوسطى حالة التشظي واللامبالاة، كي تقول كلمتها وتستعيد زمام المبادرة وتضطلع بمسؤولياتها التاريخية من أجل النهوض بالبلد للمرحلة المقبلة».
وأوضح ان «شريحة الطبقة الوسطى تشكل العمود الفقري لنهوض معظم الدول المتقدمة. فقد كانت وظيفتها بمنزلة القاطرة التي تقود بقية الشرائح نحو المستقبل وبالاتجاه الصحيح، وذلك نظرا لطبيعة خصائصها التي تتسم بالوعي والعقلانية والواقعية، ولأنها الشريحة الأكثر إنتاجا ماديا وفكريا».
وختم د. المعيني محاضرته قائلا، أنه «كثيرا ما شكلت الطبقة الوسطى، عبر موقعها، صمام أمان للمجتمعات المتقدمة، من خلال تخفيف حدة الصدمات والمطبات التي تتعرض لها تلك المجتمعات. كما ان حراك هذه الطبقة يعد شرطاً لا بد منه في أية فرصة، لتشكيل المجتمع والدولة المدنية. إذ يتم من خلالها بانسيابية، تحول عناصر القوة من إطار السلطة الى مفاصل المجتمع».
وأثارت المحاضرة أسئلة ومداخلات قدمها العديد من الحاضرين، بضمنهم سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الرفيق رائد فهمي، وعضو اللجنة المركزية الرفيق د. علي مهدي، فضلا عن السادة شمخي جبر ورجاء الخفاجي وفارس شاكر وعامر هرمز وماجد القطبي.