اخر الاخبار

تتراجع أعداد الأبنية التراثية البغدادية يوما بعد آخر جراء التوسع العمراني والنشاط التجاري، وغزو التصاميم العشوائية الجديدة، ما أدى إلى تشويه واندثار الكثير من هذه الأبنية التي يعود تاريخ بعضها إلى قرنين من الزمان.

ويلاحظ البغداديون أن مدينتهم تتحول تدريجيا إلى معسكر للعمل والتجارة، مقابل تقلص حضور المباني التاريخية والبيوت التراثية التي تحمل هوية العاصمة.

أغلب البيوت التراثية تقع في شارع الرشيد ومحيطه وأحياء البتاويين والكرادة والأعظمية والكاظمية والشواكة وغيرها العديد من المناطق في جانبي الرصافة والكرخ. ولا توجد إحصاءات واضحة ودقيقة لأعداد تلك المباني، لكنها تصل إلى الآلاف، وقسم كبير منها شاطئي يقع على ضفاف دجلة.

طمس متعمد

شوكت عيسى، من سكان حي الكرادة، يقول في حديث صحفي أن “معالم بغداد التراثية والأثرية تتعرض إلى طمس متعمد”، موضحا أن “الأمر لا يقتصر على المنازل التي تتعرض إلى تشويه واستيلاء وتهديم، بل بلغ التعدي على التراث البغدادي مرحلة خطيرة، مثل محال سوق الصفارين التي صارت تتآكل تدريجياً، إضافة إلى الخانات والحمامات القديمة”.

ويضيف قائلا، أن “المدينة باتت رمادية، وتتكاثر فيها المنازل ذات التصاميم العشوائية بعد تراجع كبير في عدد المنازل القديمة ذات التصاميم الأصيلة”، معتبراً أن “ما يحدث هو انحدار ثقافي للتصاميم العربية، بعدما غزت التصاميم الغربية المدينة”.

بغداد تفقد ذاكرتها

من جهته، يشير المهندس محمد الربيعي إلى أن “بغداد تضم آلاف المنازل ذات التصاميم المعمارية الفريدة، لكن غالبيتها هُدمت خلال السنوات التي أعقبت 2003، وما بقي منها تحوّل إلى مخازن للتجار”.

ويؤكد في حديث صحفي، أن “العاصمة فقدت خلال الشهور الماضية أكثر من أربعة منازل تراثية في منطقتي الكرادة والعرصات، بعد أن تحولت إلى عمارات سكنية للطلبة ومكاتب للمحامين وشركات وغيرها”، موضحاً أن “أكثر من 3 آلاف منزل هُدمت في بغداد خلال السنوات الماضية، ولم تتحرك أي جهة تدعي حماية الآثار والتراث لمنع هذه التجاوزات، بل حتى المباني الأثرية التي تعود إلى الدولة، مهددة بالإزالة لأسباب تتعلق بحماية مقار حكومية، أو كونها آيلة للسقوط. ولعل ذلك قمة الاستخفاف بتاريخ البلاد العماري، خصوصاً أن العراق كان من أكثر البلدان العربية تقدماً في هذا المجال”.

أما سليم الفيصل، وهو مهتم بالتراث العراقي، فيرى أن “المباني التراثية تعرضت إلى تشويه بالغ القبح، على أيدي تجار اشتروها أو استولوا عليها”، مبينا في حديث صحفي أن “هذا التشويه والتهديم لمراكز حضارية هامة في بغداد، ينسحب على مدن أخرى، مثل بابل والبصرة وكركوك. ولعل السنوات العشر المقبلة قد تكون أكثر إيلاماً لمن يبحث عن تاريخ العمران العراقي ويجده خالياً من أي مشاهد أنيقة”.