اخر الاخبار

بمناسبة الذكرى الـ 41 لاستشهاده

هذا الشاعر الطبقي والمتحيز في حياته وشعره إلى طبقته العاملة إنه الشاعر الشعبي فليح بن زاير حسن ماضي الطائي المولود في محافظة البصرة في العام 1943.

نشأ شاعرنا وترعرع في محلة الجمهورية وسط البصرة حيث تفتحت عيناه على الفقر والبؤس الذي يطغي على المناطق العمالية وخاصة مدينته الفيصلية (الجمهورية) التي أنشأت عام 1950 وسميت بمحلة الجمهورية تيمناً بثورة 14 تموز الخالدة وضمت بكل أحيائها أغلب الناس من المعدمين والعمال البؤساء والذين فرضت عليهم صعوبة ومشاق الحياة وقساوته بحيث لا يستطيعون سد رمق الحياة المريرة.

في هذا الواقع المأسوي نشأ وترعرع شاعرنا الشهيد، وبالرغم من الظروف الحياتية الصعبة أكمل دراسته المتوسطة، وحين سدت بوجهه مناهل العلم بسبب ظروف العيش القاسية، انتمى إلى طبقته العاملة كعامل في معمل الورق في البصرة الواقع في كرمة علي فكان نموذجا للعامل الواعي المضحي في سبيل تحقيق مطالب العمال من أبناء طبقته العاملة، وكان نموذجاً متميزاً في الوعي الطبقي لما تعانيه الطبقة العاملة سواء في معمل الورق أو المشاريع العمالية الأخرى.

وعند زواجه رزق بمولودين من الأولاد حيث كان مثار اعتزاز وفخر من عائلته وإخوانه وابناء محلته حيث يذكرونه وهو الشهيد الذي اختطفته عصابات البعث الفاشي وتم اعدامه شنقاً على يد السلطات الفاشية في الثالث من تموز 1983 لا لسبب بل لاعتزازه بالحزب الشيوعي وطبقته العاملة وكان مثاراً للذكر الطيب والاعتزاز بهذا المناضل الذي ترك وراءه عائلة تعاني مشقة الحياة ومطاردة الحكام الطغاة.

انتمى الشهيد فالح الطائي للحزب الشيوعي عام 1960 وتعرض للكثير من المضايقات والاعتقالات من قبل زمر البعث وأجهزته البوليسية التي كانت تخشاه وترتجف من رجولة هذا المناضل حينما كان يتجول في أزقة محلة الجمهورية ومرتدياً طاقية على رأسه تشبهاً بالراحل الشاعر محمد مهدي الجواهري، أجل كانوا يرتبعون منه خوفاً من مواقفه الرجولية.

كان شاعراً شعبياً متميزاً في انحيازه الطبقي للعمال، وشارك في قصائده الوطنية في العديد من التجمعات العمالية والنقابية وفي الكثير من المهرجانات الخاصة بالشعر الشعبي خلال سبعينيات القرن الماضي في أغلب المحافظات منها العمارة والديوانية والسماوة والبصرة مع رفيق حياته وصديقه الراحل عبد البطاط فكان صوتاً عمالياً هادراً هاتفاً في شعره بالمجد والانتصار للطبقة العاملة في العراق وعلى المستوى الأممي.

وللعلم أن تعرضه للكثير من المضايقات ممن حسبوا أنفسهم شعراء ومداحين للسلطة البعثية الفاشية ظلماً وعدواناً لأنهم يحسدونه على ابداعه وشاعريته النابعة من حبه لشعبه وطبقته العاملة.

صدرت له في أوائل سبعينيات القرن الماضي مجموعته الشعرية الاولى (سجه وحبيب وضوه) عن مطبعة دار الساعة النجفية أهداها إلى كل القلوب المتعطشة للحب والحرية والسلام. كتب مقدمتها الراحل وصديقه السيد عبد البطاط وكان اخاً وفياً للشهيد حيث كانا أخوين لا يفترقان.

قال المرحوم البطاط في تقديمه للمجموعة ...

عزيزي القارئ أستميحك عذراً لمطالعة صفحات ديوان هذا العامل الشاعر الذي وهب كل ما يملك من طاقة لخدمة طبقته العاملة، فكان من الشعراء الصادقين في التعبير عن مشاعر طبقته العاملة التي خرج من معطفها.

وكان للشاعر مجموعة شعرية أخرى سماها (أسرار الليالي البيض) لم تجد طريقها للنشر بسبب عدم موافقة وزارة الثقافة والإعلام على طباعتها، وقد ترجم العديد من قصائده إلى اللغة الألمانية.

وقد استذكر الشهيد في العديد من قصائده الشهيدين محمد الخضري وستار خضير عضوي اللجنة المركزية في قصيدة عنوانها (مرني بشمع زفتك)، وكذلك شارك في مجموعة شعرية (قصائد للوطن والناس) التي صدرت في الذكرى الأربعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي.

بالإضافة إلى نشاطه الشعري وانحيازه إلى طبقته العاملة من خلال انتمائه للحزب الشيوعي العراقي كان عنصراً نشيطاً في المسرح العمالي وشكل فرقة مسرحية في معمل الورق في البصرة، قدمت من ضمن أعمالها مسرحية (رأس الملك جابر) ومسرحية (ورود واشواك)

تم اعتقاله للمرة الاخيرة في 15 آب 1981، بالرغم من اختفائه من عصابات الحكام الطغاة، إلا أنه اضطر لحضور مجلس عزاء أخيه المتوفي في تلك الفترة الزمنية فكان صيداً سهلاً لعصابات البعث والأمن لإلقاء القبض عليه فانقطعت اخباره عن عائلته وأهله ورفاقه إلى أن سلمت سلطات أمن البصرة شهادة استشهاده مؤرخة في 3 من تموز 1983 الذي صادف يوم الذكرى العشرين لانطلاق انتفاضة معسكر الرشيد (حركة حسن سريع) في الثالث من تموز 1963.

ولم يسلم جثمانه الشريف لعائلته مع التهديد بعدم اقامة مجلس التعزية على روحه الطاهرة.

هذا مقطع من قصيدة له القاها في المهرجان العمالي الاول في البصرة 3 آب 1971 (هذول احنه) وقد نشرت في مجموعته الشعرية:

اجة ايار ... يعزف للأمل فرحه

اجه ايار .. يضمد من الألم جرحه

شامخ ما تهزه اصعاب

جاكوجه نشد بسمه

غنوة نصر مبتسمه

شحلاة اسمه

والقى في المهرجان القطري الثالث في محافظة ميسان في 8/7/1971 قصيدة

جف ايدي ابيض شايل حنه ... وشايل هيل

شايل صوغات من هروشي

  لنجم سهيل

وله قصيدة بعنوان (ملاحظات حول الطبقة العاملة) ألقيت في المهرجان العمالي الثاني في البصرة عام 1972 يحيي فيها الطبقة العاملة في الأردن وفي السودان في شخص الشهيد شفيع الشيخ قائلاً..

يا شفيع... الدنيه لو دلهم سماها

باب الله بوجهك ضوه

شكك اسنين التعب... بجفوف زودك

ولا ينسى شاعرنا عامل الصمود في وطنه العراق.. قال

يا عامل على زنودك

نصر تلتف ألف رايه

تظل انت على الايام

روحك روح فختايه

لا يسعنى في هذه الذكرى لاستشهاد الشاعر فالح الطائي نقدم أسمى آيات الاعتزاز لبطولته وشاعريته وله المجد والخلود