اخر الاخبار

ستون عاماً مضت على النكبة التي حلت في بلدي العراق. ستون عاماً لم ير الشعب فيها بصيصاً من نور ليشع في حياتهم. جاءوا بقطار أمريكي محملين بأدوات القتل والتعذيب، كانوا رعاع الغدر في ذلك الزمن، رفعوا شعاراتهم القومية الزائفة ليضللوا بها أفعالهم النكراء. حرسٌ لا قومي استباحوا حرمة البيوت.

 أتذكر والدي صبيح مبارك رحمه الله الذي زرع فينا حب الشعب والوطن ونحن صغار. أخذتني تلك الذكريات المؤلمة لحادثة لم تمح السنون ذكراها.

كان والدي صلة الوصل بين الشهيد حسن سريع والحزب، وكان مقرراً ان يكون هنالك لقاء بين والدي والرفيق الشهيد محمد صالح العبلي في دارنا بخصوص ما دار بين والدي ورفاق حسن سريع، أعلمنا والدي قبل ذلك إن حدث أي شيء طارئ يجب علينا أن نضع بطانية على سور الشرفة “ البالكون “ إشارة ليجنب الرفيق الشهيد العبلي الوقوع في أيدي المجرمين.

في يوم اللقاء هجم الحرس اللاقومي على دارنا نتيجة وشاية قذرة لإلقاء القبض على والدي. أدركت أن عليَ أن أنشر البطانية، هرعت ونشرتها على سور الشرفة وفي تلك اللحظة وإذا بي أرى شخصاً نحيفاً على دراجته الهوائية يعود أدراجه مسرعاً فاطمأن قلبي بأنه قد نجا في الوقت المناسب. وفي ذلك اليوم تم القاء القبض على عمي سليم الذي كان صديقاً للحزب وبقي عندهم ليلة وثاني يوم جاءوا به إلى دارنا مخضباً بدمائه ويداه مكسورتان وطالبوا بإحضار والدي والا سيقتلون عمي وكذلك أخي الصغير، كانوا زمرة التعذيب ناظم كزار وعصابته. هي ذكرى مؤلمة أخرى، ولقد تم القاء القبض على والدي والواشي الذي كان بحمايتنا.

ظل حرس الموت في دارنا مدة خمسة أيام يأملون في إلقاء القبض على من أخبرهم الواشي (لا أريد ان أذكر اسمه) وغادروا الدار بعدها غبر مأسوف عليهم بخفي حنين، ولكن يا للأسف تم القاء القبض على الشهيد العبلي بعد أن فشلت محاولة الشهيد حسن سريع، وخسرنا الكثير من الرفاق الذين مازالت ذكراهم تؤرق الطغاة وما زال الحزب يستمد من ذكراهم العزيمة على مواصلة النضال.

ورغم مرور هذه السنين التي لم تستطع محو هذه الذكرى، بل زادتني كراهية بما فعله الطغاة بشعبنا.

عرض مقالات: