اخر الاخبار

الانسان بلا ضمير حي.. لا يعني شيئاً.. مهما يكن هذا الانسان على دفّة المسؤولية او مواطنا اعتياديا بلا منصب ولكن الجميع مسؤولون تحركهم ضمائرهم ان كانت حية.

التعليم في العراق في خطر يا سادة.. والجميع يعلم أن الأمم ترتقي وتتطور بالعلم والتعليم فكيف إذا تدهور العلم والتعليم فهذا يعني أن الأمة في خطر والعراق وشعبه في خطر. قدّم العراق الآلاف من الشهداء من أجل ان يبقى شامخاً ووطناً للجميع يعم فيه السلام ويندحر فيه الارهاب.. فلماذا لا تتحرك الضمائر وخاصة من أصحاب القرار لمعالجة الخلل الذي اصيب به التعليم والذي ينذر بخطر.. نُحذّر.. نُحذّر.. نُحذّر بأن التعليم إلى الهاوية ان لم يتداركه المخلصون والوطنيون والتواقون إلى العلم والذين يريدون للشعب التقدم والرخاء. يا سادة انكسرت شوكة التعليم في السنوات الأخيرة وبدأ بالتدني رويداً رويدا. نعمل في ظل تشريعات مضى عليها أكثر من اربعين عاماً، وفي هذه العقود تغيرت الدنيا وتبدلت الأزمان فلماذا يُقر هذا القديم؟ هل أن العراق جفت منابعه من الخبراء والعلماء والاختصاصيين ورجال التربية والتعليم للحد الذي لا يتمكن فيه من اصدار تشريعات جديدة تواكب المدنية والتطور لدى شعوب العالم المتحضر.. تشريعات مضى عليها الزمن وصدّأتها السنون وضعت لأجيال غير هذه.

في محافظتنا ذي قار لعب الزمن ما لعب وعبث العابثون بمقدرات المؤسسات التربوية والمنابر العلمية بفعل المحاصصة رغم وجود الأخيار الذين يذودون عن التعليم وكأنهم في ساحات وغى، فهم يقاتلوا الوهم والوهن والروتين والفساد واللامبالاة والمحاصصة. حصل التغيير في الكثير من المفاصل افتقدنا الخبرة لكن اكتسبنا همة الشباب واندفاعهم وحرصهم. لكن يا خوفي من الحزبية وتحويل بعض المفاصل التربوية إلى هيمنة بعض القوى والأحزاب والإئتمار بأوامرها وبذلك نعود للزمن السابق الذي افتقدت فيه المهنية ولعبت فيه السياسة دورا مرعبا أفرغ التعليم من محتواه. التسويات والتنسيبات هذه المعضلة التي لم تحل رغم الجهود المضنية التي بذلت وكأننا عجزنا عن رسم خارطة لهذه المعضلة، ولو دققنا جيداً لوجدنا كما كبيرا من الاختصاص الواحد في مدارس عديدة في مراكز المدن يقابله ندرة او لا وجود لمثل هذه الاختصاصات في الاطراف والأماكن النائية، وهذا يحملنا مسؤولية كبيرة، وبسبب هذا بقيت هذه الاختصاصات سنين مضاعفة فوق ما تعهدت به بسبب سوء التوزيع، ثم ان التربية تشهد تدخلا من البعض الذين لا يفقهوا شيئا من التربية وأنظمتها وبعيدون عن الشأن التربوي لكن لكونهم متنفذين يغيرون الموازين نحو الأسوأ ارضاءً لمريديهم واتباعهم الذين لا يريدون لهم الضرر. مشاريع الأبنية المدرسية متوقفة ومحافظتنا تعاني من الازدواج الثنائي والثلاثي بسبب قلة الأبنية. جرت بعض المعالجات للترقيع وتم اعتماد كرفانات لكن الكرفانات هذه وضعت عليها اليد واحتكرت من البعض، الأمر الذي قيّد التربية ومنعها من التصرف وحل الاختناقات. المتنفس الوحيد الآن هو اليونسيف التي جهزت العديد من مدارسنا بالكرفانات ونفذّت مشاريع آخرها الإدارة المستندة على المدرسة.

يلوح في الأفق شبح التآمر على المدارس الحكومية وخلق المتاعب أمامها وتحميلها ما لا تتحمل وإظهارها كأنها عاجزة بسبب بناياتها وضعف توفير المستلزمات الدراسية والأثاث لها وإفراغها من اختصاصاتها المهمة لكي يعلن البعض فشلها. وفي الآونة الأخيرة تفاعلت قضية انتقالات الطلبة بين المدارس وامتناع العديد من إدارات المدارس عن قبول الطلبة بمبررات غير مقنعة وأخذت اعداد من الطلبة تطرق ابواب المدارس بلا جدوى لكي يدفعوا بهم إلى المدارس الأهلية التي توسعت وزادت اعدادها بسبب الهجمة على التعليم الحكومي والتي يتم من خلالها شراء الطلبة المتميزين واغرائهم وأولياء امورهم بطرق شتى وإعفائهم من الاقساط السنوية لكي ينقلوا التميز من القطاع الحكومي إلى الأهلي وهذا ما نشهده هذه الأيام. المعنيون بالشأن التربوي حرصوا على اصدار قرارات للحد من هذا وتنظيم العمل في المدارس الأهلية لكن الإشراف التربوي والاختصاصي وللأسف الشديد رغم حرصه وتفانيه الا ان متابعته للمدارس الأهلية ينتابها الغموض رغم ان نظام المدارس الابتدائية والثانوية هو المعمول به في القطاعين عدا بعض الاستثناءات البسيطة. أما هيئة الرأي في وزارة التربية فليس لها رأي مستقر فما أكثر القرارات منها دور ثالث(تكميلي)، دخول للامتحانات الوزارية عام، نظام المحاولات، الكورسات، الاحيائي والتطبيقي، اضافة 5 درجات، اضافة 10 درجات، سنوات عدم رسوب، معالجة الحالات الحرجة.. الخ. هذه سياسة مترنحة تلقي بظلالها على التعليم وتفقده بريقه. اتباع اللامركزية في النظام الإداري والسياسي انجاز تعزز بنقل الصلاحيات وكنا نأمل من أن نقل الصلاحيات من شأنه تعزيز مكانة التعليم ورفع شأنه وكان بودنا ان تطلق اليد إلى المديرية العامة للتربية للعمل بحرية ومهنية للارتقاء بالعمل التربوي لكن الوضع الآن أصبح أكثر تعقيدا بل خلق العديد من الأزمات، وتجربة المعلمين والمدرسين المنقولين إلى محافظات أخرى أخذت مدى كبيرا من المعاناة والهم والجهد. كان يحدونا الأمل ان اللامركزية هي حل للعديد من المشاكل وتخفيف للعبء على الوزارة، ويبقى هذا أملاً يراودنا، ثم ان الوزارة لم تنقل صلاحياتها جميعها بل تركتها مقيدة وإلا ماذا نفسر عدم نقل صلاحيات اقسام التعليم المهني والإشرافين التربوي والاختصاصي وصندوق التربية، علامَ بقاء هذه المفاصل اتحادية في الوقت الذي ارتضينا فيه ببقاء اقسام الامتحانات والمناهج اتحادية.

رغم حراجة الموقف فأن التربية جادة في ايصال رسالتها رغم الظروف الصعبة التي تمر بها. وسيبقى المعلم والمدرس والمشرف مشاريع تضحية وانوارا لمسيرة أجيال لا تنقطع ومن يتخلف عن هذه المسيرة يلفظه الزمن.