اخر الاخبار

قبل كل شئ نود ان نذكر الجمع الحاكم سياسيين واداريين منذ العام 2003، أن الاقتصاد هو أداة تقييم جهد الحكومات ويمنحها ميزة النجاح، فأين انتم من الاقتصاد.؟ الجواب انتم الأبعد، وعلى رسلكم انتم الأجهل. والدليل أن رؤساء كل الكابينات كانوا حتى لا يتحدثون ولو بأرقام عامة أو أرقام مبسطة عن حالة البلد الاقتصادية، وعندها فقط فقد العراق هويته الاقتصادية، بل وسار عكس سياسة اقتصاد السوق التي تنادون بها، لأن الولايات المتحدة زعيمة الرأسمالية ورائدة العولمة الجديدة اخذت بنظام الحماية التجارية إزاء الصين واليابان والاتحاد الاوربي، وانتم لجهلكم اتبعتم سياسة الباب المفتوح، وجئتم ببدعة مزاد العملة، وأخذ كل من سرق المال العام يوظف هذا المال الحكومي المسروق عن طريق الاستيراد وإعادة التحويلات الخارجية عن طريق مصارفكم الأهلية الخاصة، ولا نود أن نشاطر الغير بالحديث عن لفساد العام  المستشري في كافة ثنايا دوائر الدولة وملحقاتها الإدارية والدبلوماسية، بل نشير فقط إلى تجاوز الاستيراد الحدود المسموح بها دوليا والخاصة بالتعريفات والرسوم الكمركية أو الاستيراد المظهري أو شبه الكمالي، او عدم التقييد بشروط النوعية من حيث الصلاحية ومطابقة المستورد للمواصفة العراقية، وصار المباع عن طريق البنك المركزي مثارا للريبة والشكوك فتارة يذهب لاستيراد ما هو غير موجه للإنتاج أو يذهب إلى الإرهاب ليعود بالأحزمة الناسفة أو المتفجرات،  وبحسب تقدير الاقتصاديين فإن العراق يستورد سنويا بما لا يقل عن 60 مليار دولار، وان الرسوم الكمركية الواجب استحصالها لا تقل في أسوأ الحالات عن ال 12 مليار دولار، فهل استطاعت المنافذ الحدودية الوصول إلى هذا الهدف.؟ وهل يتم فرض ضريبة الدخل على المصارف الاهلية التجارية أو الإسلامية بما يحقق إيرادات معقولة للخزينة العامة. هذا وقد تم اتباع ابشع الطرق الرأسمالية استغلالا لشعبنا وذلك عن طريق التشجيع على البيع بالتقسيط وهو إحدى وسائل ترويج للسلع ذات الاستهلاك المظهري أو الترفي على حساب حاجات الناس الأساسية، وصار النظام الاقتصادي بعد هذه اللمحة أكثر رأسمالية من الرأسماليين، وفي الكثير من الأنظمة الرأسمالية قطاع عام وانتم صرتم تخنقون أكبر قطاع عام في الشرق الأوسط تعداد شركاته 300 شركة عامة قبل السقوط.

إن الكابينات الوزارية المتتابعة بشخوص رؤسائها ووزرائها والمدراء العامين فيها وصولا إلى مدراء الاقسام كانوا وراء تفشي فساد الذمم وتعاطي الرشوة وبسبب التعيينات في الدرجات الإدارية غير الإنتاجية وبسبب الدرجات الوهمية كانوا جميعا وراء تفشي البطالة المقنعة وشيوع التراخي الإداري في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية، وكانت النتائج واضحة في اجتياح داعش للعراق بسهولة وبوقت قياسي، كما وان الكابينات الوزارية والوزارات المختصة كانوا هم أيضا وراء تردي الصناعة وتخلف الزراعة وانقطاع مياه الشرب والري، وصار العراق يوظف العمال المهرة والصناعيين في خزن ونقل وتفريغ المستورد ، وصار يستورد الفواكه والخضار، وصرنا نروح للتمور الايرانية والإماراتية والسعودية ، بعد أن كان العراق أول دولة في إنتاج أكثر من 350 نوعا من التمور.

أن معاداة القطاع العام الزراعي والصناعي والسياحي، وتوقف عجلة الإنتاج نقل مفردات الموازنة التشغيلية من حسابات التمويل الذاتي (قبل السقوط للشركات) إلى حسابات الخزينة المركزية، مما اثقل الموازنة العامة وحول عمال هذه الشركات إلى منافسين حقيقيين للعمال العاطلين عن العمل جراء الاستيراد العشوائي لكافة السلع الجيدة والرديئة، وصار شعار العطل لا العمل هو شعار كل الكابينات، وصار شعار المولات لا المعامل هو مانشيت هذه الوزارات.

إن فشل قطاع النقل في مواكبة تطور العالم التكنولوجي كان وراء تأخر النمو الاقتصادي، وصارت طرق المواصلات عامل موت للبشر قبل الموت الاقتصادي، وصارت وزارة النفط تستورد الغاز الإيراني بخطة مدروسة لجعل الكهرباء عاملا يعوق التقدم والتنمية الصناعية وهكذا شأن كل وزارات الدولة، بما فيها وزارة الإعمار والإسكان، حيث كانت شركات هذه الوزارة من أكثر شركات الاعمار والتشييد في المنطقة تقدما وعطاءً، وقبل كل تلك الوزارات نود أن نوجه اللوم لوزارة التخطيط، فبعد أن كانت هذه الوزارة تقف في مقدمة دوائر الدولة لتقدم الخطط الخمسية والعشرية وتقدم المشورة وضبط المواصفات، أصبحت هذه الوزارة بحاجة إلى من يخطط لمستقبلها المجهول .

أن الإصلاح الاقتصادي يبدأ قبل كل شئ بإزالة كل الفاسدين وعلى مراحل متداخلة من دوائر الدولة بدء من مدير القسم وصولا إلى الوزير، ومن محرك المكناسة إلى المستشار في الرئاسة، وبعدها يأتي دور وزارة التخطيط ووزيرها المهني لوضع الخطط التفصيلية للتنمية المستدامة ابتداءً من إعادة تفعيل دور مصانع القطاع العام وصولا إلى المصانع المهمة للقطاع الخاص مقابل خطة لإيقاف الاستيراد وعلى مراحل محسوبة النتائج وحسب الأهمية والأولوية لهذه السلعة أو تلك،

على أن يتم فورا دراسة ايقاف بيع العملة، وتطبيق نظام فتح الاعتماد المسبق وللسلع حسب الاهمية النسبية ابتداءً من السلع الأساسية، وان يدرس البنك المركزي دراسة تصفير العملة وجعل سعر الدينار مقابل دولار واحد ، والعمل على تخفيض التضخم والترويج للعملة المعدنية، وان تتوقف المصارف عن سياسة التسليف العشوائي، واقتصار التسليف على الاغراض الإنتاجية والسكنية، يقابل هذا كله أن تقدم الدولة بشجاعة نحو إعادة فعالية شركة النفط الوطنية، والتخلص تدريجيا من عقود التراخيص التي اباحت النفط أمام الشركات الأجنبية دون مبرر، وخاصة في هذه المرحلة التي لا نعرف فيها الكميات المنتجة والكميات المسروقة أو المسربة عن طريق التهريب في الإقليم ومناطق متعددة في الجنوب. والحديث عن الاقتصاد لا يمكن أن يختصر بهذه اللمحة، ولكن نود أن نقول لكل من سيتصدى للكابينة الوزارية القادمة، رئيسا أو وزيرا، أن الخلل في طواقم الوزارات، وان معالجة هذا الخلل يتطلب رجالا مهنيين شجعان، يبدأ كل منهم من الصفر، لأن ارقام الدوائر العالية كذبة، ولا يمكن لأي دولة متمدنة أن تعيش على الكذبة، وان الكابينة المنتظرة يجب أن لا تكون هي الأخرى كذبة، فقد دفع العراق الكثير من طاقاته جراء هذا الوزير الكاذب أو ذاك المدير الفاسد...