دأب البشر على تسجيل تاريخ الأحداث المهمة وحفظ ذكراها بمناسبات احتفالية دورية، يراجعون عملها ويتحققون من فعاليتها وانجازاتها وتأثيراتها على المراد منها، ويستخلصون النتائج ويتعلمون الخبرات والدروس ليستفيدوا منها في عملهم وخاصة في العمل الوطني ومسيرات تطور وبناء مستقبل شعوبهم. وهذا ما واصله الشيوعيون وتميزوا به. في 31 تموز 1935 أصدر الحزب الشيوعي العراقي أول صحيفة له باسم كفاح الشعب، كانت سرية وصدرت تحت ظروف قمع السلطات وبإمكانيات بسيطة. وباعتباره حدثا مفصليا، واصل الشيوعيون استذكاره سنويا وجعلوه مناسبة اعتبروها عيد الصحافة الشيوعية، وبمرور السنين ترسخ كمناسبة بارزة في تاريخ وطننا العراقي.
هذا العام يسجل العيد 90 للصحافة الشيوعية العراقية، ونشهد اليوم وبفخر صحافة شيوعية عراقية ترتقي، وبرغم كل الصعاب، إلى مستوى استحقاقات المرحلة وتؤدي مهامها ووظائفها بجدارة.
لا ننوي في هذا المقال التركيز على تقديم كلمات الإطراء والمديح، والتي تستحقها الصحافة الشيوعية بكل صدق، ولن نستعرض تفاصيل الأحداث التاريخية التي مر بها العمل الصحفي الشيوعي في العراق فهناك كثيرون كتبوا في هذا المجال، ولكن سنعرض هنا وجهة نظر تبين الوظائف الأساسية للصحافة الشيوعية في ظل المرحلة والوضع الحالي الذي يمر به الوطن. وهذا جزء مهم من عملية المراجعة والتعلم من الانجازات والعمل السابق قد يساعدنا في وضع الخطط والتصورات لمستقبل تطوير العمل.
يرتكز الشيوعيون بالأساس على مبادئ أفكار وأعمال المنهج العلمي الماركسي الذي يربط عملية التقدم ورفاه الشعوب والمجتمعات بطبيعة الأنظمة التي تسود ومدى تحقيق هذه الانظمة للعدالة الاجتماعية، وهكذا ارتبط مفهوم العدالة الاجتماعية بمفهوم الوطنية ورفاه الشعب لدى الشيوعيين بشكل عميق، فقال مؤسس الحزب الشيوعي العراقي يوسف سلمان فهد: كنت وطنيا وحين اصبحت شيوعيا ازدادت وطنيتي.
هذا النهج الوطني ميز الشيوعيين عن الأحزاب الاخرى القائمة على مفاهيم تقسيم المجتمع إلى طوائف وملل دينية وإثنيات قومية متضادة متناحرة تدعو إلى تفتيت النسيج الوطني إلى مكونات متنازعة ومتصارعة. وفي مسيرتهم وعلى طوال فترات كفاحهم اثبت الشيوعيون تمسكهم بمبادئهم ومسؤولياتهم الوطنية. وبشكل خاص نضالهم ضد سياسات انظمة الفساد والقمع والتي من أبرزها نظام صدام حسين الديكتاتوري القمعي بحروبه العبثية التي ارهقت الشعب العراقي. فرفضوا التعصب والتخندق الطائفي والقومي الانعزالي ودعوا للسلم وللإيقاف الفوري للحروب المدمرة وأكدوا على وحدة الهوية الوطنية العراقية الجامعة مع احترام الخصوصيات للثقافات المتعددة داخل المجتمع العراقي. ورفعوا شعار يربط انهاء الدكتاتورية بإقامة نظام يؤسس لديموقراطية حقيقية للشعب بدون تمييز. ولعبت صحافتهم دورا محوريا بارزا في هذا الكفاح، وركز عمل الصحافة الشيوعية على التوعية بالسياسة الوطنية مسترشدا برؤية مؤسسي الحزب الهادفة إلى بناء " وطن حر وشعب سعيد".
سببت سياسة النظام الديكتاتوري العبثية، التي زجت بالوطن في صراعات خارجية وأزمات لا مبرر لها مع القوى الإقليمية والدولية التي كانت تتربص وتسعى وتطمع في الهيمنة على العراق وعلى المنطقة، أضرارا جسيمة للمجتمع العراقي. وانتجت بيئة مهدت لاشتداد تأثيرات سياسات وأطماع دول الجوار الإقليمي والدول الاجنبية على الداخل العراقي بشكل متزايد فنشأت ظروف ملائمة لتفشي الرؤى الغير وطنية المبنية على التخندق الطائفي والاثني المتشدد الذي هدد اللحمة الوطنية، وارتبطت المجاميع المتعصبة بتبعيات للقوى الاقليمية والخارجية بالضد من المصالح الوطنية ووحدة الشعب وسيادته على بلده. وانبتت هذه التدخلات كيانات وحركات غير وطنية قائمة على أفكار طائفية شمولية ولاؤها ليس للوطن وبعيدة عن هموم ومصالح الشعب لعراقي الحقيقية ولا تؤمن بالديموقراطية الحقيقية. وغزت هذه الحركات والأحزاب المشهد السياسي العراقي وانتشرت كما تغزو الأعشاب الضارة حقول الغرس والزرع. ولم تواجه قوى الاحتلال الاجنبي هذا الخطر بل بالعكس ساهمت في تسهيل وتمكين هيمنة هذه الكيانات والحركات الطائفية على السلطة التي اقيمت بعد اسقاط النظام الديكتاتوري. واخذت تعمل على تفويت الفرصة على الشعب العراقي وقواه الوطنية لبناء نظام ديموقراطي وطني حقيقي يوفر الأمن والازدهار للمواطن. وأدرك الشيوعيون هذه المخاطر على الوطن وعلى البناء الديموقراطي فاندفعوا لتصعيد الكفاح السياسي مؤكدين على التوعية بالفكر الوطني، وبرز، مرة أخرى، دور الصحافة الشيوعية التي تصدت لهذه المهمة الوطنية بكل بسالة وتصميم.
واستمرت القوى الخارجية الدولية والاقليمية وبمباركة الاحتلال، تضغط وتزيد من تدخلها في الشأن العراقي الداخلي بمختلف الطرق مستغلة الأحزاب الطائفية لتحجيم دور الأحزاب الوطنية، فأسست لقيام نظام محاصصة طائفية لأحزاب تمتلك مليشيات مسلحة تتستر بعقائد طائفية، وانتشر الفساد في مؤسسات الدولة وشاعت حالات سرقة المال العام. وبعد ازدياد ردود الافعال والاحتجاجات الشعبية الرافضة لسياسات أحزاب المحاصصة الطائفية والفساد المستشري، صعدت قوى التسلط من قمعها للجماهير الشعبية والناشطين المدنيين واستخدمت السلاح والمليشيات والإعلام الأصفر ضد الجماهير. ولم يقف الحزب الشيوعي العراقي صامتا أمام تحديات ما افرزه الوضع بعد الاحتلال ومخاطر تفشي المحاصصة الحزبية الطائفية والفساد في الأجهزة الحكومية فشدد على اهمية مواصلة الكفاح السياسي بكل أنواعه وخاصة الكفاح الفكري والتثقيفي بالمصالح الوطنية وفضح التهديدات التي تواجه وحدة الوطن واقتصاده ومخاطر تغييب الإرادة والسيادة الوطنية. فعملت الصحافة الشيوعية وبكل نشاط وحزم لتفضح القمع وما ينتج عن سوء الإدارة والفساد والمحاصصة.
وبالرغم من كل هذه التعقيدات والمصاعب في المشهد السياسي لم تهمل الصحافة الشيوعية وظيفتها في التوعية بالمخاطر والتحديات الكونية لتي تواجه البلاد مثل التغير المناخي وتوفير الطاقة والعمل على التنمية المستدامة في مجالات الاقتصاد والمجتمع وغيرها من مقومات الحياة البشرية. واستنادا إلى تاريخها النضالي الوطني العريق وتجاربها الغنية تصدت الصحافة الشيوعية بكل وعي لتحديات المرحلة. وانتهزت فرصة امكانية العمل العلني وبرزت كرائدة للصحافة الوطنية الملتزمة الواضحة الاهداف والتي تخدم مصالح الشعب الأساسية.
وظائف مهمة وحاسمة تقوم بها الصحافة الشيوعية
ومن خلال هذه المسيرة المظفرة تميزت الصحافة الشيوعية بأداء وظائف مهمة وحاسمة في عملها لتحقيق المجتمع الديمقراطي المدني، والتي ركزت عليها في المرحلة الحالية بشكل خاص، ويمكن تحديدها كالتالي:
1- البحث عن المعلومة الصحيحة وإيصالها إلى القارئ والمواطن العراقي بشكل صادق وغير مفبرك:
تعتبر الصحافة الشيوعية العراقية أن من واجبها توفير المعلومات بأقصى قدر ممكن من الكمال والدقة والموضوعية والشمولية، لتمكين المواطنين الذين يستخدمون الصحافة من متابعة الأحداث العامة بشكل فعال وواضح وشفاف وصريح. فتسعى الصحافة الشيوعية، من خلال توفيرهذه المعلومات، إلى ضمان فهم المواطنين للسياقات والتفاعلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الجارية، وليتفهموا مبادئ النظام الدستوري الديمقراطي ولتمكينهم من إدراك مصالحهم واطلاعهم على نوايا وأفعال جميع المشاركين في العملية السياسية. ولتنمية استعداد المواطنين للمشاركة بفعالية في النشاط السياسي ورسم السياسات واتخاذ القرار الوطني- كناخبين، أو كأعضاء في المؤسسات والمنظمات الاجتماعية والسياسية وفي المجتمع، وتحفيزهم للفعل كمواطنين مبادرين في رسم السياسات الوطنية.
نحن بطبيعتنا، كأفراد ومجموعات متنوعة في هذا المجتمع، نحتاج ونعتمد على التواصل والحوار فيما بيننا، ولكن وبسبب توسع وتمدد حجم مجتمعاتنا بشكل كبير جدا لم يعد بالإمكان الاكتفاء بالاعتماد على الحوار والتواصل المباشر والفوري، لذلك تقوم الصحافة الشيوعية بتقديم وضمان هذه الخدمة وهي تؤدي هذه الوظيفة بشكل صحيح غير مشوه ومضلل. وهنا علينا ان نعي ولا ننسى في هذا السياق أننا وإلى حد كبير، لم نعد نتبين وندرك العالم من خلال المعايشة والتجربة المباشرة؛ بل أصبح عالمنا يعتمد في اغلب الاحيان على الوسائط للحصول على المعلومة.
2- وظيفة تشكيل الرأي:
وتقوم الصحافة الشيوعية ايضا بأداء دور هام في تشكيل الرأي العام. وهذا ينبع من قناعة راسخة بضرورة مناقشة قضايا المصلحة العامة، في ظل الديمقراطية، ولترسيخها وتحقيقها بشكل حرّ وشفاف ومفتوح. ويرمي هذا النقاش إلى هدف أن يحظى العقلاء الوطنيون بفرصة الغلبة في تصارع الآراء. وتعي الصحافة الشيوعية وتدرك، هنا ايضا، أن الآراء التي تحاول وسائل الإعلام المضادة، التي تمثل الفئات والأحزاب السياسية الفاسدة، تشكيلها وصياغتها، في المناقشات السياسية على سبيل المثال، لا تستند على تجارب الحياة الحقيقية التي يعيشها الشعب في المقام الأول بل تستند إلى ما تنقله وأحيانا تشوهه أو تزوقه وسائل الإعلام هذه، لتضليل الرأي العام وفبركة للأحداث.
وبسبب التحديات الكبيرة نتيجة التغير المناخي لعبت الصحافة الشيوعية دورًا محوريًا في تغطية مخاطره واثاره للتعريف ولتحفيز وتشكيل رأي عام واع واثارة النقاش الاجتماعي والسياسي. فقامت بتوفير المعلومات وكتابة المواضيع حول أسباب تغير المناخ وعواقبه وأساليب معالجة المشاكل، لتحفيز القيام بالإجراءات اللازمة. وأعدت التقارير الرصينة والمتوازنة والتي توجه نحو القيام بإيجاد حلول للآثار المناخية وفي مختلف الاتجاهات.
3- تمثيل الاقليات والفئات الضعيفة:
في واقع الممارسة السياسية في الانظمة الديموقراطية، لا تتوفر فرص المشاركة في عملية بناء الرأي العام بشكل متساو، فالأحزاب الممثلة في البرلمان، والمؤسسات الدينية والرسمية، ومؤسسات وجمعيات رجال الأعمال، ومثيلاتها من المنظمات المؤثرة، تتمتع بفرص أفضل في جذب اهتمام وسائل الإعلام مقارنةً بالأقليات العرقية والاجتماعية والدينية والسياسية - وينطبق هذا بشكل خاص على من يعتبرون من الأقليات الضعيفة مثل الأطفال والمتقاعدين والمعوقين والنساء، كما وتشكو هذه المجاميع أيضا من أن الصحف والإعلام التابع للأحزاب المتسلطة يركز على آراء القابضين على السلطة، بينما يتم تجاهل آراء مجموعات الأقليات، ونتيجةً لهذا الخلل، يزداد ترسيخ آراء ومصالح ونفوذ القوى المتسلطة، ويتم حجب ومنع الآراء الجديدة والمختلفة والمعارضة من الوصول إلى الجمهور. وللتغلب على هذا الضعف في العملية الديموقراطية، تزداد ضرورة واهمية الصحافة الشيوعية، التي تعتبر أحد مهامها الاساسية هو تمثيل مصالح الفئات الضعيفة ايضا في عملية تشكيل الرأي العام.
يتسم المجتمع الحديث ببنية متنوعة، ويضمّ فئات ومجاميع تتفاوت في الرؤية والمصالح، وتبرز هناك احيانا تقاطعات في هذه الرؤى والحاجات، وهنا تجد الصحافة الشيوعية في العراق ان من واجبها أيضا عكس هذه التعددية في الرأي والحاجات بطريقة تناسب وتنسجم مع المصلحة الاجتماعية والوطنية.
4- الوظيفة الناقدة والرقابة:
من المفترض ان تقع مهمة النقد والرقابة في النظام البرلماني بشكل أساسي على عاتق المعارضة البرلمانية. ولكن ونتيجة الخلل في مفهوم الديموقراطية عند أحزاب السلطة الحاكمة في العراق، قامت هذه القوى المتنفذة بترسيخ نظام المحاصصة الطائفية (ويطلقون عليه احيانا نظام التوافق) لتأمين استمرار نفوذها في الحكم والتسلط. وهكذا أصبح اتخاذ الغالبية الكبرى من القرارات البرلمانية يتم من خلال وعلى أساس المحاصصة الفئوية والحزبية وتم تقزيم وإلغاء دور المعارضة الوطنية داخل البرلمان. وهذا الواقع يشكل خللا كبيرا يهدد نجاح وفعالية العملية الديموقراطية. ولتعزيز النظام الديموقراطي وحمايته من الانهيار تصدت الصحافة الشيوعية بعد سقوط الديكتاتورية للقيام بمهمة الدورالناقد للسياسات ولتمارس دور الرقابة على الأجهزة التنفيذية والمؤسسات الحكومية والدولة بشكل عام. فقامت بكشف الانتهاكات ومظاهر وحالات الفساد والخلل، ونشرت التقارير والمقالات التي تلهم وتدعم تكوين رؤية وطنية واضحة وتقوم بمتابعة التحقيقات البرلمانية ولجان التحقيق في هذه الانتهاكات التي تعرض الوطن والديموقراطية لخطر التراجع والخضوع للفساد والتعسف البيروقراطي. وتقوم بفضح ومواجهة الاعتراضات من جهة الفئات الفاسدة والتي تدعي أن النقد قد يسبب ويلحق الضرر بسمعة المجتمع، هذا الادعاء الذي يحاول التضليل ويلقي اسباب الضرر على من يكشف الفساد والقصور والانتهاك ويعفي الجهات الفاسدة من مسؤولية القيام بالانتهاكات والتسبب بالضرر للمجتمع.
وفي هذا السياق تجدر الاشارة إلى أن الصحافة الشيوعية تقوم بمهمة ضمنية اخرى وهي التوعية بأن مسؤولية الرقابة على المؤسسات السياسية وأجهزة الدولة هي مسؤولية اجتماعية عامة. وتكشف الصحافة الشيوعية للرأي العام أولويات وأهمية المواضيع وتسلط الضوء على المواضيع المهمة المطروحة التي تواجه المجتمع.
5- وظيفة دعم وتعميق وتشكيل الثقافة الوطنية:
وفي هذا المجال تؤدي الصحافة الشيوعية وظيفة وطنية واجتماعية هامة. فتقوم بأدوار متعددة ومتنوعة في هذا الصدد. فهي تقوم بالتأثير على كيفية إدراك الثقافة من قبل المجتمع، وتوفر المجال للتماس معها وتجربتها من خلال تغطية الأحداث وتطور الاتجاهات والظواهر الثقافية، ونشرها وجعلها في متناول الجمهور الواسع. وتتمكن في الوقت نفسه من خلال المساهمة، من تشكيل التوجهات والخطاب الثقافي.
كما وتقوم بدور التبادل والتعرف على ثقافات الشعوب الاخرى من خلال التغطيات الصحفية وتعزيز الحوار بين ثقافات المجتمعات المختلفة، وترجمة المنتجات الثقافية من اللغات الأخرى، وليس فقط بين البلدان المختلفة بل داخل المجتمع العراقي ايضا، فتتم ترجمة الاعمال الثقافية من الكردية إلى العربية مثلا.
ومن خلال الطريقة التي تغطي فيها الصحافة المجال الثقافي ستساعد وتؤثر في تكوين آراء المواطنين تجاه الظواهر والاتجاهات الثقافية. وتساهم الصحافة الشيوعية في ترويج الابداع الثقافي الوطني وتوفر منصة للمثقفين والفنانين والأدباء من كافة الالوان، المسرح، الغناء، القصة، الشعر، التشكيل.. الخ.
وقامت الصحافة الشيوعية بإثراء الدراسات النقدية للتطورات في المجالات الثقافية الادبية والفنية وبهذا شجعت ودعمت التفكير والتأمل في القيم والمعايير المجتمعية والثقافية.
6- وظيفة دعم وتشكيل النشاطات الاجتماعية الاخرى:
إن الحديث عن دعم الثقافة الوطنية يمكن ان ينطبق أيضا على النشاطات الاجتماعية الاخرى ومن أبرزها الرياضة. فهي تقدم المعلومات والتحليلات عن النشاطات الرياضية وتروج لها لزيادة شعبيتها وتوسيع جمهورها. وتكوين الرأي عن نشاطات رياضية او رياضيين معينين والتسويق لهذه الرياضات.
وتركز الصحافة الشيوعية في هذا المجال على تثبيت القيم السليمة وتنمية الشعور بالانتماء الاجتماعي الوطني من خلال الرياضة. فقامت باحتضان المواهب الجديدة وحاولت جذب انتباه الرأي العام لهذه المواهب. وقامت بمراعاة الموضوعية والحياد في هذه المجالات.
وركزت الصحافة الشيوعية على جوانب المسؤولية الوطنية والاجتماعية والاخلاقية في تغطياتها للأحداث الرياضية. وهي تدافع دائما عن نقاء القيم الرياضية وإبعاد المتاجرة والفساد عنها.
الصحافة الشيوعية ركيزة أساسية للصحافة العراقية العلنية الحرة
أسس فهد هذا الصرح العتيد للصحافة الشيوعية الذي نراه اليوم وبإمكانيات بسيطة وكان يمتلئ يقينا ونفاذ بصيرة وإيمانا بانتصار وتطور هذا الصرح ليصبح أحد ركائز النضال الوطني في العراق وليشع نوره في المنطقة. يذكر عزيز سباهي في الجزء الاول من كتابه (عقود من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي) شهادة محمد علي الزرقة عن الرفيق فهد والذي سكن معه في نفس البيت في بغداد محلة الحيدرخانة كالتالي: “ ..كان إلى ذلك عاملا بارعا كأكثر عمال الطباعة مهارة. كان يصلح اجزاء المطبعة ويهيئ حروفها ويكتب مقالاتها ويصفها مهيأة للطبع ويقوم بنفسه بطبعها ورزمها..”
وبرغم كل الصعوبات التي واجهتها وتواجهها اصبحت الصحافة الشيوعية، بما تمثله من مفاهيم وطنية تقدمية، قامة وركيزة أساسية للصحافة العراقية العلنية الحرة التي تناضل لقيام دولة مدنية ديموقراطية تستند على مبادئ القانون واحترام المواطنة، إن عيد الصحافة الشيوعية هو بالتأكيد مناسبة مهمة للصحافة الوطنية الديمقراطية التي قامت على معايير الحرية والتقدم، ولم يأتي هذا الموقع المتميز الذي تحتله الصحافة الشيوعية الا بجهود وبفضل أعمال كوكبة الصحافيين الشيوعيين الرواد والاجيال التي اعقبتهم، ومنهم من استشهد دفاعاً عن حرية التعبير والكلمة الحرة وحقوق الشعب ومنهم من غادرنا لتبقى ذكراه عطرة بيننا ومنهم من لايزال يواصل المسيرة برفقة اجيال جديدة لا تقل بسالة عن أسلافها، عازمة للوصول إلى تحقيق الحلم بإقامة الوطن الحر ليحيا فيه الشعب السعيد.