اخر الاخبار

تسببت كورونا في ركود غير عادي، يليه الآن انتعاش غير معروف. ويرى صندوق النقد الدولي بأن هناك مخاطر ويحذر من مزيد من الانقسام بين الأغنياء والفقراء على مستوى العالم.

يواصل الاقتصاد العالمي التعافي من الوباء، لكن البلدان النامية والصاعدة متخلفة كثيرا عن الركب. هذا ما قاله صندوق النقد الدولي في تقرير بشأن آفاق الاقتصاد العالمي الصادر يوم الثلاثاء 12 تشرين الأول 2021. إن المناطق التي أحرزت تقدما جيدا في تنميتها الاقتصادية  بما في ذلك أوروبا وأمريكا الشمالية - تعود بالفعل إلى مسار النمو الاقتصادي الذي كانت عليه قبل انتشار الوباء. لكن الكثير من بقية البلدان - باستثناء الصين

لن تتعافى تماما في غضون ثلاث سنوات، وستكون أقل ثراءً بنسبة 5,5 في المئة مما كانت عليه قبل تفشي كورونا.

نتج هذا الوضع من نقص اللقاحات ونقص الموارد المالية لدعم الاقتصاد. ففي الوقت الحالي، تم تطعيم 60 في المئة من سكان البلدان الغربية في المتوسط، بينما لم يتم تطعيم 96 في المئة من سكان أفقر البلدان. لذلك، يناشد صندوق النقد الدولي البلدان الغربية تسليم الجرعات الموعودة من اللقاحات في إطار برنامج كوفاكس Covax* وتحويل مساحة تمويل إضافية في صندوق النقد الدولي لا تحتاجها البلدان الغنية إلى البلدان الفقيرة.

قالت جيتا جوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إن انتشار الفيروس وظهور متغيرات جديدة قد يكلف الاقتصاد العالمي في السنوات الخمس المقبلة ما مجموعه 5300 مليار دولار (4500 مليار يورو). وقالت في بيان “الوباء لم ينته حتى ينتشر في كل مكان آخر.”

التضخم سوف يمر

يتوقع صندوق النقد الدولي أن تستمر موجة التضخم الأعلى خلال العام المقبل، والتي هي نتيجة لارتفاع أسعار السلع والطاقة وتعطل سلاسل الإنتاج الدولية. وينطبق هذا أيضا على عواقب ارتفاع أسعار الطاقة وتعثر إمداداتها الدولية وتأثيرها على النمو الاقتصادي.

   هذا لا يعني عدم وجود مخاطر. إذ تدرس الأسواق المالية بشكل متزايد إمكانية أن يظل التضخم مرتفعًا لفترة أطول مما كان متوقعًا، مما يجعل المزيد من الزيادات في الأسعار جزءًا من توقعات الأعمال والمستهلكين. ثم يمكن أن تؤدي زيادة الأسعار من قبل الشركات ومطالبات رفع الأجور من قبل الموظفين إلى دفع بعضهم البعض في “دوامة الأجور- السعر “.

    ينطبق هذا بشكل خاص على الولايات المتحدة، حيث كان التضخم أعلى من 5 في المئة لعدة أشهر وحتى الآن، وقد تستغرق البلاد للعودة إلى وضعها الطبيعي حتى نهاية عام 2022. إذا كان النمو الاقتصادي مخيبا للآمال أيضا فقد يظهر “سيناريو السبعينيات”. في ذلك الوقت، تم تلخيص حدوث التضخم والركود الاقتصادي المتزامن في مصطلح “التضخم المصحوب بالركود”، والذي لم تجد السياسة الاقتصادية إجابة له لفترة طويلة.

   تقول جوبيناث إنها تعتقد أن التضخم المصحوب بركود اقتصادي هو سيناريو غير محتمل. لكنها تؤكد أن البيئة الاقتصادية الحالية محاطة بـ “شكوك ضخمة” لأنه لا توجد تجربة حديثة لتأثيرات اقتصادية لجائحة. “لم نشهد انتعاشًا اقتصاديًا من هذا النوع”.

“خط رفيع” للبنوك المركزية

يقول صندوق النقد الدولي، إذا ظل التضخم أعلى هذه المرة، وكان النمو مخيبا للآمال بالفعل، فسيتعين على البنوك المركزية أن “تسير على خط رفيع” بين رفع أسعار الفائدة للحد من التضخم وخفض أسعار الفائدة للحفاظ على استمرار النمو الاقتصادي. من المهم أن يكون لديها بالفعل سيناريوهات جاهزة لذلك، وأن يتصرفوا بسرعة إذا لزم الأمر. قد يتطلب الانتظار طويلاً للحد من التضخم خطوات أكثر صرامة مما لو تم اتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب.

    من المخاطر ذات الصلة أن تقييمات الأسهم في الأسواق المالية، على سبيل المثال، مرتفعة. ويمكن أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة بعد ذلك إلى خسائر كبيرة. وينطبق الشيء نفسه على الارتفاع الحاد في أسعار المساكن في كل مكان تقريبا في العالم الصناعي. ويتمثل الخطر الآخر في أن العديد من البلدان الآن مثقلة بالديون لأن سياسة التصدي للوباء كلفت الكثير من المال. ووفقا لصندوق النقد الدولي، يجب أن تكون للرعاية الصحية الأولوية في الإنفاق.

هناك أيضا حوادث معيقة محتملة. إذ يشير صندوق النقد الدولي إلى خطر حدوث أزمة في قطاع العقارات الصيني، أو يمكن أن تتصاعد توترات تجارية، خصوصا بين الولايات المتحدة والصين. وفي الولايات المتحدة نفسها، تدور معركة سياسية حول زيادة الحد الأقصى للمبلغ الذي يمكن للحكومة أن تقترضه. فإذا لم يوافق عليه الكونجرس، فقد يصدم ذلك الأسواق المالية.

على سبيل المثال، ينبغي النظر إلى توقعات صندوق النقد الدولي التي تشير إلى أن النمو الاقتصادي العالمي سوف يصمد هذا العام والعام المقبل بهامش واسع. أما بالنسبة إلى الاقتصاد الهولندي فإن توقع صندوق النقد الدولي يشير إلى أن معدل النمو الاقتصادي سيكون 3,8 في المئة هذا العام و 3,2 في المئة في عام 2022، إذ لا يختلف بدرجة كبير عن توقع مكتب التخطيط المركزي الهولندي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* هي مبادرة دُشنت بين التحالف العالمي للقاحات والتطعيم وتحالف ابتكارات التأهب الوبائي ومنظمة الصحة العالمية، انطلقت في نيسان 2020، وذلك بهدف توزيع ملياري جرعة لقاح بنهاية عام 2021 على البلدان الأكثر فقرا. (المترجم)

الترجمة عن: أن آر سي هانلزباند – 12 تشرين الأول 2021