اخر الاخبار

ضمت حركة الأنصار الشيوعيين العراقيين، التي نشأت تشكيلاتها الأولى وبشكل عفوي في كردستان، أواخر عام ١٩٧٨، وامتدت أكثر من عقد من السنين، ضمت نخبة من المثقفين العراقيين، من فنانين وأدباء وصحفيين ومختصين، في مختلف مجالات المعارف والعلوم كالأطباء والمهندسين والطيارين والمحامين والمدرسين والمعلمين وغيرهم. وبذلك اختلفت الحركة الأنصارية بشكلها الجديد عن حركة بيشمركة الأحزاب القومية الكردية، ذات القاعدة الفلاحية الواسعة، وتختلف أيضاً عن حركة الأنصار الشيوعيين السابقة عام ١٩٦٣، والتي إعتمدت وقتها بشكل رئيسي على الرفاق والأصدقاء من أبناء المنطقة الكردية. كما ضمت هذه الحركة مزيجاً من قوميات شعبنا بعربه وكرده وكلدانه وأشورييه وتركمانه. وفي ثنايا هذا التشكيل المتنوع من القوميات والأختصاصات، نمت وإزدهرت حركة ثقافية وإعلامية يندر مثيلها، حركة تميزت بالغنى والتنوع والإبتكار، رغم الظروف الموضوعية الصعبة.

في أذار ١٩٧٨ عقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي إجتماعها الإعتيادي في ظروف بالغة التعقيد، إِذ تفاقمت حملة البعث لتصفية منظمات الحزب، والتضييق على نشاطاته وصحافته، ففي عام ١٩٧٧ لوحده إستدعي أكثر من سبعة ألاف رفيق وصديق من قبل الأجهزة القمعية للسلطة، لذلك جرى في هذا الإجتماع وبشكل واضح وصريح نقد سياسة وممارسات سلطة البعث، خصوصاً سياسة التبعيث القسري للمجتمع والدولة، وتعريب المنطقة الكردية، وتشويه مضامين الحكم الذاتي في كردستان. وكان مضمون هذا التقرير إنعطافاً واضحاً في سياسة حزبنا نحو المعارضة، لذلك سرعان ما جاء رد البعث عنيفاً، أولاً من خلال مهاجمة التقرير الصادر عن إجتماع اللجنة المركزية في جريدة ( الراصد ) في ٥ أيار ١٩٧٨، ثم تبع ذلك إصدار أحكام الإعدام في ١٨ أيار ١٩٧٨ بحق ٣١ مواطناً من الشيوعيين وأصدقائهم، بحجة تكوينهم لتنظيم شيوعي عسكري!! وكانت تلك مقدمات إنهيار تجربة الجبهة الوطنية بينَ حزبنا الشيوعي العراقي وحزب البعث الحاكم، وإضطرار حزبنا للإنتقال للمعارضة وإقرار سياسة الكفاح المسلح، وتشكيل فصائل الأنصار(البيشمركة ) في كردستان بشكل رسمي وواضح في إجتماع اللجنة المركزية عام ١٩٧٩.

في بداية عام ١٩٧٩ بادرت كوادر قيادية من الحزب وبالذات من منطقة إقليم كردستان، للتوجه الى الجبل، من أجل الدفاع ليس عن وجود الحزب فقط، وإنما عن الشعب أيضاً. وكانت بداية القواعد الأنصارية في منطقة ( نوزنك)، وبالطبع كان الإعلام مهمة رئيسية لقيادة الحزب وكوادره ولمئات الرفاق الذين بادروا مع الأيام للإلتحاق بقوات الأنصار، قادمين من مختلف مدن الداخل العراقي، وأيضاً من مختلف دول العالم، وبينهم العشرات من الإعلاميين والصحفيين، ومن جميع قوميات شعبنا، من العرب والكرد والتركمان والكلدوأشوريين وغيرهم، وهكذا بدأت التجارب الإعلامية تولد في مختلف المواقع الأنصارية، في بهدينان وأربيل والسليمانية، على شكل نشرات حائطية ومجلات دفترية أولاً، ثم تطورت الى صحف ومجلات وإذاعة باللغتين العربية والكردية.

ومع تشكيل المكتب العسكري المركزي للحزب (معم)، والذي كان مقره في البداية في نوزنك، ثم إنتقل الى منطقة بشتاشان، وفي ٨ شباط ١٩٨٠ تم إصدار العدد الأول من صحيفة (نهج الأنصار) باللغة العربية و(ريبازي بيشمركة) بالكردية، وكانت في البداية تطبع على الألة الكاتبة وبثمان صفحات وبحجم صغير، وباللغتين العربية والكردية، وتوزع في مناطق مختلفة من كردستان العراق، ثم يعاد طبعها على شكل جريدة وبحروف طباعية عادية خارج العراق وبصفحتين فقط، حيث توزع بشكل واسع هناك.

وأول الرفاق الذين عملوا في هذه الصحيفة الرفيق أسو كريم الذي كان يترجم من العربية للكردية ويراجع ترجمته الرفيق رفيق صابر، كما عمل في الصحيفة الرفاق  تحسين عثمان، وجورج منصور (أبو أمل) وتحسين محمد خليل (أبو دلشاد) ونجيب حنا(أبو جنان). وظل هؤلاء الرفاق يعملون في(نهج الأنصار) حتى جريمة هجوم قوات الإتحاد الوطني الكردستاني( أوك ) في أيار ١٩٨٣، على مقرات الحزب الرئيسية في بشتاشان، وتوقف الصحيفة وإذاعة الحزب ومعظم وسائل إعلامه. وكانت مواد الصحيفة تتضمن في كل عدد مقالا إفتتاحيا وفعاليات أنصارية وأخبار الحزب وقيادته وبعض المقالات والأخبار والمواد الثقافية.

بعد المؤتمر الرابع للحزب خريف عام ١٩٨٥، صدر قرار من قبل قيادة الحزب، بتوحيد الجهد الإعلامي لكافة القواطع الأنصارية وإعادة إصدار صحيفة المكتب العسكري المركزي(نهج الأنصار)، وبهيئة تحرير جديدة تتكون من الرفيقة الفقيدة  بشرى برتو رئيسة التحرير، والرفيق صوفي عبد الله(أبو تارا) وأنا كمحررن فيها، وكنت وقتها مسؤولاً لإعلام قاطع بهدينان، ونقوم بإصدار صحيفة شهرية للقاطع هي(النصير)، لذلك كان قرار نقلي مؤلماً لقيادة قاطع بهدينان ولنا نحن العاملين في إعلام القاطع، ولكني بالتأكيد نفذت قرار الحزب وإنتقلت الى مقر الإعلام المركزي في منطقة(خواكورك) لأعمل بالإضافة للمهمة التي نقلت بسببها كمحرر في صحيفة(نهج الأنصار)، وعملت أيضاً كمذيع في إذاعة الحزب المركزية وأيضاً في هيئة تحرير صحيفة الحزب المركزية(طريق الشعب) ومهام حزبية أخرى.

وفي هذه الفترة التي إستمرت حوالي ثلاث سنوات تميزت مواد(نهج الأنصار) بتغطيتها لكافة العمليات العسكرية لأنصار الحزب، وفي جميع قواطع كردستان، كما تميزت الصحيفة بصلتها المباشرة بالأنصار، من خلال الزيارات الميدانية للقواطع، كقاطعي أربيل وبهدينان، وكنتَ أنا من يقوم بهذه الزيارات ممثلاً عن الصحيفة، حيث التقي بالأنصار وأسجل تفاصيل المعارك والعمليات العسكرية التي يقومون بها، كذلك أحصل على نسخ من كتاباتهم الأدبية وقصائدهم وذكرياتهم وأوضاع مناطقهم. لقد كانت صحيفة (نهج الأنصار) تشمل جميع القواطع الأنصارية وتغطي عموم مناطقها، لذلك إكتسبت جماهيرية واسعة من قبل الأنصار، وكانت كتاباتهم لها غزيرة ودائمة .