اخر الاخبار

اليوم يلتحق الملايين من فلذات اكبادنا اليافعة، بعد انقطاع طويل جراء جائحة كورونا، بمدارسهم وهم فرحون على سجيتهم وبراءتهم المعهودة بيوم مثل هذا، وقد كان الأمل معقودا على وزارة التربية ان تستقبلهم أسوة بتلاميذ العالم بمدارس جاذبة جذابة، وأن تحول يومهم هذا إلى عيد كما جاء في كتاب قراءتي للصف الثاني الابتدائي في نشيد بعنوان مدرستي، وهو على لسان واحد من أولئك التلاميذ مرحبا بهذا اليوم وهو يقول:

أهلا بها مدرستي         أهلا بكل إخوتي        

 الله قد  علمنا            للخير قد أرشدنا

في عامنا الجديد        كأننا   في عيد        

نبني ونحمي الوطنا    فخيره يسعدنا

وكل عام نكبر             وأن نجحنا نفخر

 

كلمات امتزجت في ثناياها براءة الطفولة مع عذوبة اليوم الأول لبرعم صغير لا بد من ان تستقبله أسرة المدرسة بحفاوة تضاهي استقبال أبيه وأمه له لتعوضه عن لحظة فراقه الأول لهما ، وان تعد وزارة التربية مدارس تليق بمن سيكون وزيرا لها في المستقبل ، لكن كما هو معروف أن ما تقدمه هذه الوزارة لتلاميذها هو تحصيل الممكن بعد تعاقب إدارات فاشلة على وزارة التربية التي لم تخجل يوما من أن بعض مدارسها لا زالت طينية وان تلاميذ البعض الاخر يفترشون الأرض في عنفوان الشتاء وتحت رحمة الأمطار ، وهاهم أهالي خان بني سعد وهي مدينة لا تبعد عن مركز الوزارة إلا بمسافة 50 كيلومتر تقريبا  يشكوا أهاليها من قيام مديرية التربية باستئجار دار طينية لتحولها إلى مدرسة، بعد ان تم هدم مدرسة المدينة منذ سنين من أجل إعادة البناء ، أو ما نقلته صحيفة طريق الشعب بعددها الصادر يوم الخميس الموافق 21 تشرين اول، من أن أهالي حي الصياغ في محافظة المثنى يناشدون  مسؤولي التربية لإنقاذ أولادهم من احتمال سقوط  بناء المدرسة الآيل للسقوط، أو شكوى إدارات المدارس من التجاوزات على مدارسهم ومن العشوائيات التي انتشرت حولها أو المعامل والورش التي تثقل سمع تلاميذها وتعكر صفو تعليمها، والكثير والكثير من التشويه الذي أخذ تدريجيا يلحق بمنظومة التعليم التي كانت سابقا تعد الأولى من بين دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا، والتقصير حكومي بحت فلقد كانت ميزانية وزارة التربية في موازنة عام 2021 على سبيل المثال لا تتجاوز ال 2،315 تريليون دينار من أصل 128 تريليون دينار، أي اقل من نسبة 2 بالمئة من إجمالي الموازنة العامة ، في حين أن الاردن الفقير يخصص ما يقارب 12،2 بالمئة من موازنته لعام 2020 لأغراض التعليم في هذا البلد العربي القريب من العراق ، هذا ونود أن نشير إلى أن بؤس التعليم الابتدائي والثانوي كان وراء تدني المستويات العلمية والمعرفية إلى حد تفشت فيه ظاهرة النقل والغش  وسرقة الاسئلة وتدني مستوى التصليح مما تسبب في تخرج أجيال لا تعرف حتى أصول لغتها العربية ، وكان للفساد دوره في وأد التعليم وجعل منه مادة تجارية تباع وتشترى في أسواق سوداء اضافة إلى انحراف واضح في السلوك الإداري التربوي الذي دفع بالبعض لنقل او إزالة هذه المديرة او ذلك المعاون لأسباب مادية بحتة،  أو أن وزيرا يقف في قمة وزارته وهو يتحين الفرصة تلو الاخرى لتمرير نجاح أخيه الفاشل دراسيا .

إن التربية الأساسية التي تتصدى لها وزارة التربية في العراق بحاجة ملحة للإصلاح على وفق معادلة إصلاح التعليم الاساسي = إدارة مدرسة صالحة + هيئة تدريسية ناجحة + إصلاح المناهج وأبعادها عن الفكر الطائفي + مدرسة جاذبة ومختبرات حديثة وتخصيصات مالية وأيد نظيفة تعمل على تحسين المناخ التربوي سيما وأن الاطفال بحاجة إلى عوامل مساعدة لتمكينهم من تلقي المواد بيسر وقبول. وتوفير مستلزمات النظافة والتنظيف وتعقيم الصفوف بما يؤمن سلامة التلاميذ، وأخيرا وليس آخرا، إبعاد وزارة التربية عن المحاصصة تلك التي كانت وراء كل ما أصاب هذا المرفق العتيد من سلبيات راح ضحيتها براعم العراق المحتفل تجاوزا بعيد دوامهم اليوم بعد انقطاع مرير، مناشدين وزارة الصحة بالعمل مع وزارة التربية من خلال المراكز الصحية التابعة لها بمساعدة المدارس على توفير كل أسباب السلامة وتجنب انتشار جائحة كورونا والسلامة الدائمة لأحبتنا التلاميذ بيومهم الدراسي الجديد.