اخر الاخبار

العالم قد يُخدع أحيانًا بالمظاهر، لكن الشعوب دائمًا تدرك الحقيقة. بين كاسترو والشرع يتجلى درس مهم، المبادئ والقيم هي التي تصنع القادة، أما المتسلقون، فمصيرهم أن يُطوى ذكرهم في صفحات النسيان.

ماركس وانجلز وكاسترو وجيفارا جميعهم لديهم لحى طويلة، اعتراضنا ليس على اللحى وليس على اللبس ولكن على القيم والمبادئ.

كاسترو وجيفارا لديهم لحى طويلة، حتى أصبحت اللحى في زمنهما رمزا تقليدياً يقتدي به الشبان الثائرون وكانت السلطات الجائرة تطاردهم وتعتقلهم بسببه.

أحمد الشرع او "الجولاني" نموذج لمخطط امبريالي، ونتاج مستورد من خارج الوطن السوري، بأدوات دينية سلفية متشددة، بدأها في تنظيم القاعدة انتقالاً إلى داعش ثم النصرة وصولاً إلى هيئة تحرير الشام "العثمانية الإخوانية"، من أجل تطبيق شريعتها الاسلامية.

أما "كاسترو" فهو نتاج قضية مبدئية ثورية لتحقيق العدالة الاجتماعية لشعبه، نبعت من داخل الوطن الكوبي وبأدوات وطنية وحاضنة شعبية واسعة، ولم تكن مستوردة من الخارج.

حين تَفضح القيم الفارق بين القادة والمتسلقين، في عالم يعج بالتناقضات، يظهر أحيانًا أشخاص يحملون ملامح مشتركة توحي بوجود رابط يجمعهم. لكن عند التعمق في شخصياتهم، تتكشف الفجوة الشاسعة بين المظهر والجوهر. فيدل كاسترو، رمز النضال والثبات على المبادئ، وأحمد الشرع، مثال التقلب والمراوغة، يمثلان نموذجين متناقضين في القيم والقيادة.

كان فيدل كاسترو، قائد الثورة الكوبية، نموذجًا حقيقيًا للالتزام بالقيم والمبادئ. عاش حياة مليئة بالتحديات، لكنه بقي وفيًا لمشروعه الثوري، مؤمنًا بعدالة قضيته. رأى في مقاومة الإمبريالية واجبًا أخلاقيًا، وفي تحقيق المساواة هدفًا ساميًا لا يحتمل المساومة.

كاسترو لم يكن مجرد سياسي تقليدي؛ بل قائدًا حمل هموم شعبه على عاتقه، وسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية رغم كل الصعاب. بفضل ثباته ووضوح رؤيته، تمكن من كتابة اسمه في صفحات التاريخ كرمز للثورة والكرامة الإنسانية، تاركًا إرثًا لا يُنسى.

على النقيض، يظهر أحمد الشرع، شخصية تُجسد التقلب والمراوغة في أبهى صورها، سريعا تخلى عن الخاكي وارتدى البدلة الرسمية، لم يحمل يومًا مشروعًا حقيقيًا يمكن الاعتماد عليه، بل اعتمد على تغيير مواقفه وولاءاته وفقًا للمصالح الشخصية.

بينما ضحى كاسترو من أجل مبادئه، سعى الشرع لتحقيق مكاسب مؤقتة على حساب قيم الاستقامة والوضوح. افتقاره لجذور فكرية وقيمية جعله نموذجًا للسياسي الانتهازي الذي يغير قناعاته كما يغير ثيابه.

قد يلفت التشابه الظاهري بين كاسترو والشرع الانتباه لأول وهلة: لحى كثيفة، أطوال فارعة، وربما حضور شخصي مميز. لكن هذا التشابه ينتهي عند السطح؛ إذ تكمن الحقيقة في عمق القيم والمبادئ.

كاسترو كان واضحًا وصادقًا، جاء من أدغال كوبا، اما الشرع فجاء من(إدلب) محمية السلطان العثماني وولي نعمته، واتسم الشرع بالغموض، الفارق بينهما يتجلى في أفعال كل منهما، حيث عكس الأول التزامًا ثابتًا، بينما عكس الثاني تناقضات صارخة.

التاريخ لا يحتفظ بمن عاشوا على هامش المبادئ، بل يخلد من ناضلوا بصدق وإيمان بقضاياهم. الفرق بين كاسترو والشرع ليس مجرد اختلاف في السمات الشخصية، بل هو تعبير عن الفارق الجوهري بين القائد الذي يصنع التاريخ والمتسلق الذي يكتفي بلعب الأدوار الزائفة.

إن وضوح الرؤية والالتزام بالمبادئ هو المقياس الحقيقي للقيادة. فالقادة العظماء يُعرفون بثباتهم في وجه التحديات، بينما يذوب المتلونون في زحمة الأحداث، تاركين وراءهم إرثًا من التناقضات.

عرض مقالات: