أصدر مجلس النواب قراراً نيابياً بجلسته رقم (7) المنعقدة يوم الأربعاء الموافق 7/8/2024 بدورته التشريعية الخامسة السنة التشريعية الثانية الفصل التشريعي الثاني يتضمن زيادة رواتب ومخصصات أعضاء مجلس النواب بما يعادل راتب ومخصصات الوزير، كما تضمن القرار زيادة نسبة الخطورة الممنوحة لموظفي مجلس النواب بما يعادل (30%) من قيمة الراتب الاسمي. ولغرض تأكيد بطلان القرار المذكور دستورياً وبالرجوع إلى المادة (61) من دستور جمهورية العراق التي حددت اختصاصات مجلس النواب، حيث خصت الفقرة (أولاً) من تلك المادة على (أولاً - تشريع القوانين الاتحادية)، ولم يرد ضمن الفقرات التسعة التي تضمنتها تلك المادة ما يشير إلى اختصاص مجلس النواب بإصدار القرارات التشريعية.
* كما أن المادة (63/ أولاً) من الدستور نصت على (تحدد حقوق وامتيازات رئيس مجلس النواب ونائبيه وأعضاء المجلس، بقانون).
* وقد تم تأكيد ما تضمنته النصوص الدستورية آنفاً ما ذهبت إليه المحكمة الاتحادية العليا في أكثر من قرار لها بهذا الصدد، نذكر منها قرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر بالعدد (57/ اتحادية/ 2011) والذي تضمن عدم اختصاص مجلس النواب بإصدار قرارات تنفيذية، لذا قررت المحكمة الاتحادية العليا الحكم بإلغاء قرار مجلس النواب المتخذ بتاريخ 10/8/2011.
* كما أن قرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر بالعدد (89/ اتحادية 2019) تضمن في نصه أن ذلك الاختصاص ليس له سند في الدستور وليس من حقها إصدار قرارات تشريعية بديلاً للقوانين ووفق السياقات التي رسمها الدستور لإصدار القوانين، وهذا ما قضت به المحكمة الاتحادية العليا في القرار الذي أصدرته في الدعوى المرقمة (140/ اتحادية/ 2018) الصادر بتاريخ 23/12/2018.
* كما أن مجلس النواب انتهك نص المادة (64) من قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2018 (المعدل) والتي اشترطت لإصدار الرئيس بالتوافق مع نائبيه وبموافقة المجلس بتعليمات تحدد كل ما يتعلق بالرواتب والمخصصات، في حين أصدر مجلس النواب القرار التشريعي بزيادة الرواتب في ظل غياب رئيس مجلس النواب.
* ونضيف إلى ما أوردناه آنفاً من انتهاكات شابت إصدار القرار التشريعي الخاص بزيادة رواتب أعضاء مجلس النواب، انتهاكاً للنظام الداخلي لمجلس النواب رقم (1) لسنة 2022 والذي تضمن في الفقرات (أولاً/ ثانياً) في المادة (37) منه على وجوب تبليغ النواب بجدول الأعمال قبل موعد انعقاده بيومين على الأقل، وعدم جواز عرض أي موضوع لم يدرج في جدول الأعمال ومناقشته إلا بموافقة أغلبية الأعضاء الحاضرين، وهذا ما لم يتم حيث لم يكن الموضوع مدرجاً في جدول الأعمال المبلغ لأعضاء مجلس النواب، ولم يعرض موضوع إضافته للتصويت مما شكل انتهاكاً آخر.
إن انتهاك مجلس النواب بإصداره القرار التشريعي الصادر والمتضمن زيادة رواتب أعضاء مجلس النواب بجعلها مساوية لراتب ومخصصات الوزير خلافاً لما نص عليه الدستور، وحسب ما أكدته المحكمة الاتحادية العليا في أكثر من قرار بأنه ليس من اختصاص مجلس النواب إصدار قرارات نيابية، وإن اختصاصها ينحصر بتشريع القوانين وحسب ما رسمه الدستور، مما يتوجب على مجلس النواب الرجوع عن قراره أو أن يتم إلغاؤه من خلال المحكمة الاتحادية العليا التي تمارس دورها في الرقابة على دستورية القوانين.
ومن المفيد أن نشير هنا إلى الغليان الذي يشهده الشارع العراقي في جميع المحافظات لتحسين الوضع الاقتصادي لجميع شرائح المجتمع الذي يعاني من تصاعد التضخم وهبوط القوة الشرائية للعملة العراقية من خلال ارتفاع الأسعار بجميع متطلبات الحياة، ونذكر بشكل خاص شريحة المتقاعدين التي يتم تجاهل قانونها البائس المتضمن تخويل مجلس الوزراء بتعديل رواتبهم بنسبة التضخم الحاصل، وكذلك شريحة الموظفين ممن يطالبون بإعادة النظر بسلم الرواتب بما يحقق العدالة. هذا مع الزيادة الكبيرة في أعداد العاطلين عن العمل ممن يطالبون بفرص عمل تحقق لهم الحياة الكريمة.
كل هذه المعاناة تم تجاهلها من قبل مجلس النواب العراقي بذهابه إلى زيادة رواتبهم ومخصصاتهم كأنهم يمثلون أشخاصاً آخرين وليس أبناء الشعب العراقي.