قد نكون أمام انعطافة اجتماعية تأريخية، تتعرض فيها المرأة إلى هجمة شرسة، وتهميش واقصاء اجتماعي، في ظل قوانين مجحفة، الهدف منها تعطيل دورها، في صنع القرار السياسي ، وإدارة عجلة البلد، نحو النمو المجتمعي، انطلاقاً من رؤية سلبية ، تعتبر ان المرأة ، لازالت تحت سطوة الجهل والامتهان، وقد يعتقد القائمون على إدارة السلطة ، إننا لازلنا في عصر الجاهلية والجواري، معتقدين بعدم أهليتها وضعفها، متناسين أننا في عصر التكنلوجيا، والثورة العلمية، والاتصالاتية، التي جمعت العالم تحت خيمة واحدة، ورؤية واحدة، وأن الإنسان يعمل ويجتهد، وينتج ويبدع ، بل يبني ويرسي أسساً، وقواعداً من البناء الفوقي والتحتي، بعيداً عن التفاهات العتيقة، وزمن العبودية .
ولنا في قول الإمام علي عليه السلام (لا تعلموا أبناءكم على عاداتكم، فأنهم مخلوقون، لزمان غير زمانكم)
وحتى طبيعة القوانين، وسننها، ومواضعها، تتغير وفق التطور الزمكاني المتسارع، وضعياً.
فالإنسان مجبل على صناعة القانون الوضعي، الذي يكفل حقوق المواطنين والجمهور الواسع منها.
وجلنا يعرف أن للقوانين قواعد مجتمعية، تنظم حياة وعلاقة الافراد، فيما بينهم من حيث صلة النسب، والرحم، والزواج، وما ينشأ عنها من مصاهرة، وولادة، وحضانة، وحقوق أخرى، وواجبات متبادلة.
فالزواج بعمر تسع سنوات، والاستمتاع للحصول على النفقة، وحرمان الفتاة من الإرث، والمرأة من الحضانة، هو ما يتضمنه (قانون الأحوال الشخصية) المزمع تشريعه واقراره، والذي يثير موجة من الشكوك، والاستفهامات، والاعتراضات، والجدل، يصل البعض منها للسخط والامتعاض.
وما فيه من السلبيات، والسقطات، أولها.. عدم المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة، فهو لا يضمن للمرأة، حقوقها الكافية، وهو ما يعزز التمييز بين الرجل والمرأة، الأسرية والإرثية، وطغيان ذكورية الحقوق وهيمنتها، في المجتمع القادم. والقانون ويعمل على التفكك الاسري.
ولابد من الاشارة إلى أن فقرات القانون الجديد، قد تتعارض مع مجموعة من التشريعات العامة، والتقاليد الاجتماعية السائدة، مما يسبب الدخول بصراعات، ونزاعات أسرية واجتماعية.
فالعراق بلد متعدد الطوائف، والأديان، والاجناس، وقد لا يلبي القانون الجديد، حاجات الفئات المذكورة، ويتعارض مع تقاليدها، وأساليبها الحياتية، والاسرية، ويستبعدها من الحصول على حقوقها الشرعية، والقانونية، وتثبيت هويتها العملية والوطنية، ويكون لها دور أساسي في المجتمع، مربية حقيقية، في مجتمع يسوده العلم والعمل، وصانعة للأجيال، ومساهمة في تطور البلدان.
فنحن بلد الحضارات من سومر، وأشور، وبابل، واينانا، وعشتار، يوم كانت المرأة حاكمة وفارسه وشاعرة وحكيمة. خاضت الحروب مع الخائضين، وكانت لها مكانة خاصة في بلاد ما بين النهرين.
وآخر القول أجمله، في ذكر بعض، من رائدات العراق.. نزيهة الدليمي، ونازك الملائكة وروز خدوري، وسافرة جميل حافظ، وصبيحة الشيخ داود، وزكية اسماعيل حقي، ورباب عبد المحسن الكاظمي. وأسماء اخريات طرزن خارطة الوطن بأحرف من نور.