اخر الاخبار

يبدو ان عملية (تفليّش)الدولة العراقية قائمة على وفق مخطط مسبق، في ظل وضع إعلامي رث تخلى عن مهماته بوصفه ركيزة مهمة في بناء دولة مدنية ديمقراطية، حيث تم تحييده وإفساده بشراء الذمم او ضمان سكوته بالامتيازات وبالقمع والترهيب!

فبعد ان مرت خطوة الغاء عيد تأسيس الجمهورية العراقية في ١٤ تموز من دون ردود افعال تناسب عملية تجريد الدولة من عيد تأسيسها، وتعويم علمها ونشيدها الوطني، وهي من رموز سيادة الدولة ووجودها، يجري العمل الان على إصدار قانون جديد يسمى ( قانون مجلس قبائل وعشائر العراق ) يُشكل بموجبه مجلس مركزي ، ومجالس محلية في المحافظات تضم شيوخ القبائل والعشائر بصلاحيات قانونية وميزانية مالية ، وحسب ما اطلعنا عليه في مسودة القانون ان الغاية من إصدار القانون هي ( حماية وحدة العراق وسيادته وثوابته الوطنية )!، وكأن البلد بلا قوات واجهزة أمنية وعسكرية تضم ملايين الأفراد وتُصرف عليها مليارات الدولارات من الميزانية العامة !.

وانا اقرأ مسودة القانون عادت بي الذاكرة إلى لقاء تداولي ليس للنشر دعانا اليه رئيس الجمهورية الأسبق الدكتور فؤاد معصوم مع مجموعة من الصحفيين العراقيين المخضرمين، يوم ٢٠ / ١١/ ٢٠١٤ أشار في سياق استعراضه للأوضاع في البلاد إلى وجود سعي لتدمير مناطق الجنوب بعد ان تم تدمير مناطق الغربية بدعم دول إقليمية، وذلك بخلق فتن وصراعات عشائرية وقبلية يعملون على استمرارها بتمويل الاطراف المتقاتلة من المصدر نفسه!

لا أستطيع التغلب على تشاؤمي باننا كشعب فقدنا حيويتنا وارادتنا وخضعنا لعصابات الفساد والجريمة بمختلف تسمياتها واتجاهاتها، بدليل اننا دعونا الى العمل على منع تمرير قانون العطل الذي تضمن إلغاء عطلة تأسيس الجمهورية العراقية ، وأشرنا إلى خطورته ودوافعه إلا انه مر بسهولة وبسرعة غير معتادة ، برغم ان إلغاء مناسبة تأسيس الجمهورية يعني ضمنا إلغاء الجمهورية نفسها، ونعتقد ان قرار الغاء مناسبة تأسيس الدولة ، هو (جس نبض ) قبل تقديم قانون مجلس قبائل وعشائر العراق ، ولا نستبعد بعد طرح وتمرير هذا القانون ان يُطرح قانون يعمل على ( عودة الإقطاع ) !، خاصة وان الوضع الان مهيأ بعد ( فرهدة ) الأراضي العراقية بحجة الاستثمار وتوزيعها على المتنفذين مثلما كانت توزع الإقطاعيات !!..

ومع اعتزازنا واحترامنا بعشائرنا الكريمة وأدوارها الوطنية في المراحل العصيبة التي مرت بها، إلا انه من حقنا ان نتساءل؛ ما جدوى وجود هذا المجلس بوجود مجلس النواب، ومجالس المحافظات والكثير من المجالس التي استحدثت لأغراض المناصب؟

وكوننا من أبناء هذه العشائر ونعرف ما تعرض له المجتمع العراقي من تشظي وتدخل الحكومات السابقة قبل وبعد ٢٠٠٣ في العشائر العراقية، ما أدى إلى تعدد الرئاسات للعشيرة الواحدة حتى ظهرت تسميات تهكمية لبعض هؤلاء، ترى من سيكون هو الممثل الحقيقي لهذه العشيرة أو تلك في المجلس المركزي او المجلس المحلي ؟، نخشى ان يؤدي هذا إلى المزيد من التشظي وحدوث صراعات وانشقاقات جديدة تهدد النسيج المجتمعي.

ندعو جميع الفعاليات الاجتماعية والمهنية والسياسية والمدنية إلى الوقوف ضد هذا القانون قبل ان يخرج من الأدراج إلى التصويت، لأنه ببساطة يعني نهاية الدولة المدنية المأمولة، وسنترحم على أيام الدعوات إلى تقسيم البلاد إلى أقاليم …

الموضوع لا يحتمل الجدل، دعونا نرصن مؤسسات الدولة بدلا من شرذمتها..

ومن موقعي كمواطن بسيط احذر من سوء العاقبة، وأدعو إلى التصدي لهذه المشاريع ووعي خطورة نتائجها ودوافعها..