اخر الاخبار

قمة الناتو التي اختتمت أعمالها في 12 تموز الحالي في عاصمة ليتوانيا فيلنيوس، تمخضت عن خطط تسلح جديدة، وتفاهمات بشأن خطط ملموسة لحرب محتملة ضد روسيا.  وجغرافيا توزعت سيناريوهات تمركز قوات الحلف على ثلاث مناطق هي: شمال الأطلسي، ألمانيا وبحر البلطيق والبلدان المجاورة، وجنوب أوروبا والبحر الأسود. ولتوفير الغطاء المالي للتسلح، قرر الناتو أن يكون الحد الأدنى للموازنات العسكرية 2 في المائة من الناتج الاقتصادي للدول الأعضاء. لقد ارتفعت الموازنات الحربية لدول الناتو الأوروبية وكندا بنسبة 8.3 في المائة في العام الفائت.  وسيستمر تخصيص أموال طائلة لتسليح أوكرانيا، هذا ما عكسته الضمانات الأمنية التي قدمتها دول مجموعة السبع، خلال القمة إلى أوكرانيا، التي تتوزع بين التسليح واسع النطاق، وتغطية عمليات إعادة الأعمار. وعلى الرغم من ذلك لم تحصل كييف على التزام ملموس بضمها إلى الناتو، وهو ما طالب به الرئيس الأوكراني زيلينسكي.

وفقًا لأحد موظفي الناتو، فإن هذه “خطط حرب عملية تبين كيف نريد القتال”.  ووفقًا للتقارير، فإن الخطط شديدة السرية تصل إلى أكثر من 4000 صفحة. يتم تقسيمها بطريقتين. من ناحية، تشمل الأبعاد الخمسة للحرب اليوم: الأرض والجو والبحر والفضاء، والحرب الالكترونية. ومن ناحية أخرى اعتماد التفاصيل الميدانية بالتقسيم الجغرافي الذي أشرنا اليه. لقد بدأت صياغة الخطط في وقت مبكر من عام 2018، أي قبل الغزو الروسي لأوكرانيا بوقت طويل. بعد القرار الرسمي للقمة بتنفيذ خطط الدفاع الجديدة، ستبدأ الاستعدادات العملية فورا.

نموذج جديد

أكد الناتو على نموذج قوات الحلف المسلحة الجديد، الذي أقر في قمة الناتو في حزيران 2022 في مدريد. وينص القرار، على إبقاء 300 ألف جندي في حالة تأهب قصوى؛ والقدرة على نشر 100الف منهم خلال 10 أيام و200 ألف خلال 30 يومًا. وتعهدت الحكومة الألمانية بإبقاء 30 ألف جندي في حالة تأهب قصوى، ووضع 85 سفينة وطائرة تحت تصرفهم. وفي حالة الطوارئ الجدية، يمكن توفير المزيد من الجنود الألمان. واعترفت وزارة الدفاع الألمانية في تموز 2022: “بشكل عام، يغطي نموذج القوة الجديد جميع القوات المسلحة الألمانية تقريبًا.” على ان يتم ذلك بواسطة ثماني مجموعات قتالية تابعة للناتو، والتي تقع في قوس عريض حول غرب روسيا وتتراوح مواقعها من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا إلى بولندا وسلوفاكيا والمجر إلى رومانيا وبلغاريا. ووفق الضرورات الاستراتيجية، يمكن زيادة هذه القوات. وسيقوم الجيش الألماني في المستقبل بتوفير لواء مسلح يجحفل بشكل دائم في ليتوانيا.

عضوية مؤجلة

هيمنت خلافات حادة على أجواء القمة بشأن آفاق انضمام أوكرانيا للحلف. وفي النهاية حسمتا الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا الاتحادية، اللتان اتخذتا موقفًا ضد الالتزام الصارم بانضمام اوكرانيا قبل نهاية الحرب وبعدها. ينص البيان الختامي، وبشكل غير ملزم إلى حد كبير، على أن “مستقبل” أوكرانيا يكمن “داخل الناتو”، في إشارة إلى إعلان قمة الحلف في نيسان 2008، والتي منحت فيها أوكرانيا وجورجيا احتمال الانضمام إلى الناتو من حيث المبدأ، وطيلة السنوات اللاحقة لم يتم تحديد أي شيء؛ ومنذ ذلك الحين، لم تقترب أوكرانيا خطوة باتجاه الانضمام. ومن أجل تجنب أي صيغة توحي بالانضمام التلقائي، نص إعلان القمة على إرسال “دعوة” إلى أوكرانيا “إذا وافق الحلفاء”. ولهذا جاء رد فعل الرئيس الأوكراني زيلينسكي، مباشرا وعنيفا، متهمًا الناتو بـ “التردد” و “الضعف”.  وبدلا عن ذلك تعهدت دول مجموعة السبع بتقديم ضمانات أمنية إلى كييف، التي سيتم تأمينها بعد حوار ثنائي وحسب الحالة المعينة.

ضمانات أمنية

تنص الضمانات الأمنية على ثلاثة ملفات، اولا: التسليح الاستثنائي لأوكرانيا، وهذا يشمل توريد الدبابات والدفاعات المضادة للطائرات والمدفعية “والقدرات الرئيسية الأخرى”. ويرتبط هذا بالتوسع الهائل في إنتاج الأسلحة في بلدان الناتو الرئيسية. بالإضافة إلى توسيع قاعدة صناعة الأسلحة الأوكرانية. وتكثيف التدريبات العسكرية والمناورات المشتركة. ثانيًا، تمتع أوكرانيا بالاستقرار الاقتصادي وأن تكون قادرة على الصمود. وهذا يشمل على وجه الخصوص إعادة إعمار البلد الذي مزقته الحرب. وتقدر التكاليف بالمليارات. ثالثًا، تعد مجموعة السبع بتقديم دعم فني ومالي فوري. في نهاية المطاف، تمكين أوكرانيا من الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم في المستقبل كدولة مستنزفة وفقيرة ولكنها مسلحة حد النخاع. بمعنى آخر ساتر أمامي لحماية حدود الناتو.