اخر الاخبار

حذّرت محافظة جنين، يوم أمس، من تردي الوضع الإنساني للآلاف من الأهالي جراء استهداف الاحتلال للبنية التحتية للمدينة ومخيمها، وذلك في أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية التي استمرت يومين وخلّفت استشهاد 12 فلسطينيا وجرح العشرات ونزوح الآلاف.

وشيّع الفلسطينيون جثامين الشهداء، فيما أكد جيش الاحتلال أن أهداف العملية تحققت رغم تكبده ثمنا باهظا.

حطام هائل

أحصت السلطات المحلية تضرر نحو 80 بالمئة من المباني في المخيم بشكل كلي أو جزئي، كما أعلن محافظ جنين في السلطة الفلسطينية أكرم الرجوب، بدء لجنة رسمية حصر أضرار العملية العسكرية الإسرائيلية في المخيم.

وقال الرجوب في مؤتمر صحفي، إن لجنة متخصصة بدأت أعمالها في حصر كافة الأضرار الناتجة عن الهجوم الإسرائيلي برعاية كاملة من الحكومة الفلسطينية، مشيرا إلى أنه بموازاة ذلك تم إطلاق خطة شاملة للاستجابة الإنسانية في المخيم تتضمن إصلاح أضرار البنية التحتية وخطوط المياه والكهرباء وإغاثة السكان بدعم حكومي وشعبي.

وكشف نائب محافظ جنين كمال أبو الرُّب - في تقييم أولي - أن المخيم الذي يتكون من نحو ألف عقار موزعة ما بين منزل وشقة تضرر نحو 80 بالمئة منها، وتراوحت الأضرار بين تدمير كلي وجزئي وحرق وتخريب وإتلاف للممتلكات.

وأكد أن نحو 800 منزل دمرت بشكل كلي أو جزئي، وأن العدوان الإسرائيلي على المخيم أدى إلى إتلاف شبكتي المياه والكهرباء بشكل كامل. كما ذكر سكان المخيم أن عشرات المنازل دمرها جنود الاحتلال الإسرائيلي أثناء تنقلهم بين أزقة المخيم ومن منزل لآخر.

ووصف رئيس بلدية جنين نضال عبيدي حجم الدمار داخل المخيم بالكارثي، مشيرا إلى أن البنية التحتية في المخيم دمرت بالكامل، وانقطعت الكهرباء ومياه الشرب والهواتف الأرضية كما تضررت شبكة الصرف الصحي. واحترقت عشرات المركبات وتحول بعضها إلى كومة من حديد على جنبات الطرق التي أصبح السير فيها مشيا على الأقدام أمرا صعبا.

وأفاد عدد من الأهالي الذين أجبرتهم قوات الاحتلال على ترك منازلهم ولجأوا إلى المستشفيات، بأن اعتداءات جيش الاحتلال لاحقتهم أيضا داخل المستشفيات التي ظنوا أنها ستكون ملاذا آمنا لهم.

وضع صحي هش

من ناحية أخرى، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريتشارد بيبركورن في مقابلة مع الجزيرة، إن أكثر من 500 عائلة في جنين غادرت منازلها، وإن قطاع الصحة في المدينة يعمل في ظروف هشة واستثنائية.

كما ذكر أن القوات الإسرائيلية هاجمت خلال عدوانها على المدينة 3 مستشفيات، مؤكدا أن الموارد المالية المخصصة للمستشفيات غير كافية وأنه من اللازم ضمان وجود المعدات اللازمة فيها.

تشييع الشهداء

وفي الأثناء، شيّع الفلسطينيون جثامين 12 شهيدا سقطوا خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة جنين ومخيمها، وقال جيش الاحتلال إن أهداف العملية تحققت رغم تكبده ثمنا باهظا.

وسار الآلاف من المواطنين في تشييع 10 شهداء داخل المخيم، وانطلق الموكب الجنائزي من أمام مستشفى جنين الحكومي باتجاه وسط المدينة إلى مقبرة الشهداء في المخيم، بينما تمّ تشييع ودفن الشهيدين الآخرين في مسقط رأسيهما خارج المخيم.

وقد هتف المشيعون خلال التشييع للشهداء -الذين تقل أعمار خمسة منهم عن 18 عاما- وصمود المقاومة في مواجهة العدوان، متوعدين بمواصلة طريق المقاومة حتى دحر الاحتلال. وعمّت أمس شوارع جنين وعدد من مدن الضفة الغربية مسيرات شارك فيها آلاف الفلسطينيين، احتفالا بما اعتبروه انتصارا للمقاومة الفلسطينية في مخيم جنين خلال اقتحام القوات الإسرائيلية المدينة في اليومين الماضيين.

غالانت يتوعد

من جهته، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بأنّه “لن يبقى مكان آمن للإرهاب”. وقال إن الجيش الإسرائيلي سيفعل في الضفة الغربية مثلما فعل في غزة، بحسب تعبيره.

وأضاف أنّ الجيش الإسرائيلي عمل في جنين ضد كلّ من وصفها بمنظمات الإرهاب، وهو قادر على نسخ عمليته وتنفيذها في أي مكان آخر. وأضاف أن العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين حققت نتائج كبيرة تمثلت في ضبط مخازن ومعامل أسلحة وذخائر وتصفية مسلحين، على حدّ تعبيره.

وغداة الانسحاب، أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باعتقال 300 شخص وقتل 12 آخرين قال إنهم مسلحون في جنين، وأضاف -في تصريحات لإذاعة إسرائيلية- أن عملية جنين التي استمرت 48 ساعة، كانت معقدة وفي منطقة وصفها بالصعبة.

من جانب آخر، وصف الناطق باسم الجيش الإسرائيلي العملية العسكرية في جنين ومخيمها بأنها كانت ناجحة وحقّقت نتائج كبيرة، لكنّه قال إنّ الجيش تكبّد ثمنا باهظا، في إشارة الى مقتل أحد جنود قوات النخبة.

ونفى أن يكون هناك قتلى من المدنيين الفلسطينيين، معتبرا أنّ هناك جرحى ومصابين لأنّ من وصفهم بالإرهابيين اختبؤوا خلف المواطنين.

ونصب عناصر من القسام وسرايا القدس وشهداء الأقصى كمينا محكما، أدى لمقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخر، وأظهرت صور الاستهداف داخل مخيم جنين آلية عسكرية إسرائيلية بعبوة ناسفة.

من جانبها، قالت حركة حماس إن انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مخيم جنين، هو إعلان لفشله في تحقيق أهدافه وهزيمته أمام إرادة الصمود البطولي للمقاومة. وأضافت الحركة في بيان أن الشعب الفلسطيني موحد ومتمسك بخيار المقاومة، وشددت على تعزيز التنسيق الميداني المشترك في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه.

ودعت الحركة المجتمع الدولي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى تجاوز حالة الاستنكار والإدانة، والاضطلاع بمسؤولياتهم في إنهاء الاحتلال وملاحقته قانونيا ومحاسبة قادته على جرائمهم وإرهابهم.

إعادة انتشار المقاومة

وانتشر عشرات المسلحين الفلسطينيين امس الأربعاء وسط مخيم جنين بعد انتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية، وأعادوا نصب حواجز حديدية على مداخل المخيم، تحسبا لأي اقتحام إسرائيلي جديد، وفق مراسل وكالة الأناضول.

واعتبر أحد المسلحين في تصريح للوكالة، أن الجيش الإسرائيلي فشل في تحقيق أي من أهدافه، وأضاف أن قوات الاحتلال انسحبت من المخيم تحت ضغط وقوة المقاومة التي واصلت التصدي لقواته على مدار ساعات العدوان.

غارات على غزة ودعس وطعن في تل أبيب

وبعد إعلان انسحابه من جنين، شنّ الجيش الإسرائيلي غارات على قطاع غزة استهدفت مواقع للفصائل الفلسطينية، ردا على إطلاق صواريخ من القطاع اعترضتها القبة الحديدية.

وأفاد مراسل الجزيرة بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت بعدد من الصواريخ موقعا للمقاومة الفلسطينية في بلدة بيت لاهيا شمالي القطاع، وموقعا آخر غرب مدينة غزة.

وقال المراسل إن الغارات الإسرائيلية ألحقت أضرارا مادية في الموقعين المستهدفين من دون الإبلاغ عن إصابات.

وفي تل أبيب، أصيب 7 أشخاص بعملية دعس وطعن نفذها شاب فلسطيني. وأفاد شهود عيان بأن منفذ العملية كان يقود سيارة بسرعة فائقة، واصطدم بقوة بمحطة لتوقف الحافلات، وبعدئذ ترجّل وطعن إسرائيليين قبل أن يطلق حارس أمن النار عليه من قريب.