اخر الاخبار

على هامش قمة الناتو في واشنطن، أصدرت الولايات المتحدة وألمانيا بيانا مشتركا في 10 تموز الفائت، أعلنتا فيه نشر أنظمة أسلحة أمريكية في ألمانيا اعتبارا من عام 2026. وبينما تحدث المستشار ووزير الدفاع عن إجراء تم التخطيط له منذ فترة طويلة، وسيتم تنفيذه كجزء من نشاط مجموعة عمل في مجالات متعددة، اشتكى آخرون من الإعلان المفاجئ دون مناقشة عامة وديمقراطية مسبقة.

وأشار البيان المشترك إلى ثلاثة أنظمة أسلحة من المقرر أن تتمركز في ألمانيا: صاروخ كروز قصير المدى (اس ام -6) وصواريخ كروز الأمريكية توماهوك، والصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.

هل ستنشر صواريخ نووية جديدة؟

كان الإعلان عن نشر لصواريخ توماهوك مادة لكثير من المناقشات. في الثمانينيات، تم نقل نسخة ذات قدرة نووية من صواريخ كروز هذه إلى ألمانيا كجزء من القرار المزدوج لحلف شمال الأطلسي. جنبًا إلى جنب مع الصواريخ النووية متوسطة المدى من نوع بيرشينغ-2، شكلت جوهر ما يسمى بالتعديل التحديثي ردًا على التمركز السوفيتي لصواريخ إس إس-20. وعلى النقيض من ذلك الوقت، يتضمن القرار الحالي نموذجًا جديدًا من التوماهوك الذي لا يمكن تسليحه إلا بشكل تقليدي. لم يتم التخطيط لتطوير وإنتاج رؤوس حربية نووية جديدة لصواريخ توماهوك القادمة إلى ألمانيا.

ومن المحتمل أيضًا أن يتم نشر نسخة أرضية من الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت في ألمانيا. ويبلغ مدى هذا الصاروخ المنزلق، الذي يسمى أيضًا "النسر الأسود"، 2800 كيلومتر، وبالتالي فهو صاروخ بعيد المدى. هذه الأسلحة الأمريكية مجهزة حاليًا بشكل تقليدي فقط. على عكس الأسلحة الروسية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والتي يمكن أيضًا تجهيزها برؤوس حربية نووية.

خطر نووي

ووفقا للخطط الحالية، لا ينبغي أن تتمركز صواريخ نووية جديدة في ألمانيا. لكن، بالتوازي مع هذا التطور، تنص التوجهات النووية لحلف الناتو على استبدال القنابل النووية القديمة الموجودة في ألمانيا بأسلحة نووية جديدة. ومع ذلك، فإن نشر أنظمة الأسلحة التقليدية الجديدة يمثل خطوة أخرى في سباق التسلح الحالي ويزيد من المخاطر النووية. ويمكن لكل من صواريخ توماهوك والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت اختراق عمق الأراضي الروسية ومهاجمة البنية التحتية النووية أو أجزاء من الترسانة النووية الروسية. وعند استخدام الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، تتقلص مدة التحذير، ما يعني وجوب اتخاذ القرارات خلال دقائق. وفي أسوأ الحالات، يمكن أن يؤدي هذا إلى اللجوء إلى مبدأ "استخدمها أو اخسرها"، حيث يتم اتخاذ القرار بإطلاق الترسانة النووية الخاصة بكل طرف قبل أن يتم تدميرها من قبل الخصم في الضربة الأولى. وهذا يزيد من خطر سوء الفهم الكارثي وسوء التقدير. قد يبدو مثل هذا السيناريو بعيدًا في الوقت الحالي، لكن النشر المعلن لأنظمة الأسلحة الجديدة يجعلنا أقرب كثيرًا إلى هذا التهديد.

الردع وسباق التسلح

ووفقاً لوزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، فإن النشر المخطط لأنظمة الأسلحة الأمريكية ضروري "لسد الفجوة بين القدرات في أوروبا" وزيادة الردع التقليدي. وهدفه اللحاق بروسيا، التي نشرت أسلحة متوسطة المدى. ومع ذلك، لدى الناتو أنظمة أسلحة جوية وبحرية يمكنها الوصول إلى أهداف عملياتية في عمق روسيا.

يتجاهل بيستوريوس أيضًا ديناميكية سباق التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا، كل فعل يؤدي إلى رد فعل. لأن الردع يتطلب دائمًا التخطيط لحرب محتملة حتى يكون ذا مصداقية. وهذا التخطيط يزيد من التهديد على الطرف الآخر ويجبره على التسليح من أجل تعزيز قوة الردع لديه. وتؤدي هذه الديناميكية إلى حلقة مفرغة من سباق التسلح، والتي لا يمكن كسرها إلا من خلال اتخاذ قرارات واعية. وكان رد فعل روسيا على إعلان حلف الناتو اعتزامه نشر أنظمة الأسلحة الأميركية في ألمانيا هو التهديد بمهاجمة العواصم الأوروبية.

إن تجاهل سباق التسلح الحالي أو التقليل من أهميته يعيق المناقشة الديمقراطية المطلوبة بشدة لهذا القرار. وتشكل خطط نشر الصواريخ الامريكية في الأراضي الالمانية مجددا، خطوة تصعيدية خطرة، تؤكد نهج العسكرة المكشوف للحكومة الألمانية والمدعوم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ويبعد الآمال مسافات جديدة بتجاوز أجواء الحرب التي تسيطر على القارة الاوربية.