بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي بإجلاء مناطق واسعة شرق محافظة رفح، تمهيدا لبدء عدوان بري، عقب سلسلة من عمليات القصف الليلي المتواصل، والتي أسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى.
ونشر المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي خريطة للمناطق التي هدد “الجيش” باجتياحها، وتقع في المنطقة الشرقية من رفح، وتشمل محيط معبر رفح، الذي يعد المنفذ الوحيد للفلسطينيين نحو الخارج.
وطالب جيش الاحتلال النازحين بالتوجه نحو مناطق المواصي التي تقع غرب مدينة خانيونس، زاعما أنها مناطق “إنسانية” آمنة.
وبعد مرور سبعة أشهر من الهجوم الإسرائيلي على غزة، تزعم حكومة الاحتلال أن رفح تؤوي الآلاف من مقاتلي حركة حماس، وأن من المستحيل تحقيق النصر دون السيطرة على المدينة.
ولكن مع لجوء أكثر من مليون فلسطيني إلى رفح فإن من شأن أي هجوم كبير عليها أن يؤدي إلى وقوع خسائر كبيرة وهو ما يثير القلق.
السلطة الفلسطينية تحذر
حذرت الرئاسة الفلسطينية إسرائيل من ارتكاب “أكبر جريمة إبادة جماعية” باجتياح مدينة رفح المكتظة بالنازحين جنوبي قطاع غزة”، محملة الإدارة الأميركية المسؤولية. جاء ذلك في بيان للناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”.
وحذر أبو ردينة من أن “سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) بدأت فعلياً التمهيد لارتكاب أكبر جريمة إبادة جماعية باجتياح رفح”، محملاً الإدارة الأميركية مسؤولية هذه “السياسات الإسرائيلية الخطيرة”.
وقال أبو ردينة إن “الإدارة الأميركية التي توفر الدعم المالي والعسكري للاحتلال الإسرائيلي، وتقف بوجه المجتمع الدولي لتمنع تطبيق قرارات الشرعية الدولية ووقف العدوان، وهي التي تشجع نتنياهو وقادته بالاستمرار بمجازرهم ضد الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية، كما يحدث في محافظة طولكرم ومخيماتها”. مضيفاً: “اجتياح رفح يعني أن مليون ونصف مواطن فلسطيني سيتعرضون لمذبحة إبادة جماعية، ومحاولات تهجير حذرنا منها سابقاً”.
مزيد من الموت والمعاناة
وحذرت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” من أن الهجوم على رفح، سيعني المزيد من المعاناة والوفيات بين المدنيين، وستكون العواقب مدمرة لـ 1.4 مليون مواطن.
وأكدت “الأونروا” في تصريح نشرته عبر منصة “إكس”، أمس الإثنين، أنها ستحافظ على وجودها في رفح لأطول فترة ممكنة، وستواصل تقديم المساعدات المنقذة لحياة للناس.
من جهته، قال المتحدث العسكري الإسرائيلي نداف شوشاني: “وفقاً للخطط العملياتية التي وافقت عليها الحكومة، بدأنا عملية محدودة النطاق لإجلاء السكان مؤقتاً في الجزء الشرقي من رفح. هذه ليست عملية إخلاء واسعة النطاق لرفح، إنها عملية محدودة النطاق في منطقة شرق رفح، كما ترون في الخرائط التي وضعناها”.
رفض مطلق
في موازاة ذلك، جددت فرنسا، معارضتها القوية للهجوم الإسرائيلي المزمع على مدينة رفح. وقالت وزارة الخارجية في باريس في بيان: “فرنسا تؤكد مجدداً أن أي تهجير قسري للمدنيين يمثل جريمة حرب بموجب القانون الدولي”.
في الشأن ذاته، دعت الحكومة الألمانية، “جميع الأطراف” إلى عدم تعريض المفاوضات حول هدنة محتملة في قطاع غزة للخطر.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الألمانية كاثرين ديشاور: “يجب ألا تُعرّض المفاوضات للخطر، ويجب على جميع الأطراف بذل أقصى الجهود من أجل التوصل إلى وضع يمكّن من إمداد سكان غزة بالسلع الإنسانية على أفضل نحو ممكن ويتيح تحرير الرهائن”.
إلى ذلك، قالت منظمة أكشن إيد الخيرية إن “إجبار أكثر من مليون فلسطيني نازح في رفح على الإخلاء دون وجهة آمنة ليس أمراً غير قانوني فحسب، بل سيؤدي إلى عواقب كارثية. مضيفة: “يبلغ عمال الإغاثة لدينا عن بعض أقسى الظروف في الذاكرة الحديثة مع انتشار المرض والمجاعة والفوضى. ولنكن واضحين، لا توجد مناطق آمنة في غزة، يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة لمنع وقوع المزيد من الفظائع ومحاسبة نفسه، وكذلك الحكومة الإسرائيلية.. إذا كان اجتياح رفح هو “الخط الأحمر” بالنسبة لكم، فهل ستبذلون كل ما في وسعكم لوقف هذا الهجوم الوشيك؟”.
ويتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ 213 على التوالي، وسط قصف عنيف تزيد معه فداحة حرب غزة بسقوط أعداد إضافية من الشهداء والجرحى، فيما تعلن فصائل المقاومة الفلسطينية، من وقت إلى آخر، استهداف آليات وتجمعات الاحتلال في عدة محاور من قطاع غزة. وكان آخر تلك العمليات قصف معبر كرم أبو سالم، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من جنود الاحتلال وإصابة 12 آخرين.