اخر الاخبار

شهدت المنطقة العربية خلال عام 2023 الجاري كوارث طبيعية، سقط خلالها آلاف الضحايا، إذ سجلت الأرقام مقتل أكثر من 10 الاف شخص في ثلاث دول منذ شباط الماضي.

وشهدت سوريا وليبيا والمغرب في العام الحالي زلازل وعواصف أودت بحياة الآلاف، وأصيب وفقد آلاف آخرون.

وضرب زلزال مدمر سوريا في شباط الماضي بقوة 7.8 درجة في مقياس ريختر أسقط نحو 6000 ضحية، وآلاف المصابين والمشردين، واغلب ضحايا الزلزال لا يزالون يعانون من تبعاته.

فيما باغت زلزال ثاني المغرب قبل 5 ايام بقوم 7.2 درجة، وحصيلته حتى لحظة اعداد التقرير تجاوزت 3000 قتيل وأكثر من 5000 آلاف جريح.

وفي ليبيا سقط أكثر من 35000 ألف قتيل وتشرد ما يزيد على 10.000 شخص، وما زال مصير الآلاف غيرهم مجهولا، بعد ان ضربت العاصفة الممطرة (دانيال) عدة مدن، واختفت احياء بكاملها تحت المياه، واتجهت لاحقاً الى مصر وفلسطين.

إعصار دانيال

واستمر رجال الانقاذ في العمل بمدينة درنة المدمرة في شرق ليبيا لإحصاء الضحايا المقدرة أعدادهم بالآلاف جراء الفيضانات المدمرة الناجمة عن العاصفة “دانيال” التي ضربت المنطقة ليل الأحد إلى الإثنين.

وأكدت المنظمة الدولية للهجرة، أن الكارثة تسببت في تشرد 30 ألف شخص على الأقل.

ويؤكد مراقبون، مخاوفهم من ارتفاع كبير في حصيلة ضحايا الكارثة، فيما أظهرت صور التقطتها أقمار صناعية قبل وبعد كارثة السيول المدمرة في مدينة درنة، حجم الدمار الذي تسببت به العاصفة.

في الأثناء، بدأ وصول المساعدات الدولية للمتضررين من الفيضانات بشرق ليبيا، بينهم فريق انقاذ فلسطيني.

مقابر جماعية

وأعدت فرق الإغاثة مقابر جماعية لدفن العديد من الجثث التي انتُشلت جراء الفيضانات العارمة، وبحسب مسؤولين، ان الجثث المنتشلة توضع في الشوارع بغية التعرف إليها من قبل الأقارب، قبل دفنها في المقابر الجماعية.

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة، أمس، أن ما لا يقل عن 30 ألف شخص أصبحوا بلا مأوى في مدينة درنة شرقي البلاد بسبب الفيضانات المدمرة التي أحدثتها العاصفة.

وأضافت المنظمة، أن آلافا آخرين أصبحوا بلا مأوى في المدن المجاورة.

وقال خبراء هندسة المياه لبي بي سي، إن من المحتمل أن سدا، يبعد عن المدينة نحو 12 كيلومترا، انهار أولا ما دفع المياه خلفه إلى الأسفل نحو المدينة، التي تقع في قلب الوادي، باتجاه السد الثاني والذي يقع قرب درنة.

وبحلول الصباح تبين دمار أحياء كاملة وكانت شوارعها مغطاة بالطين والركام، كما جرفت المياه العديد من السيارات.

ورُويت قصص مروعة عن أشخاص جرفتهم المياه إلى البحر، بينما تشبث آخرون بأسطح المنازل للبقاء على قيد الحياة.

ضحايا مصريون

وشُيّع عدد من المواطنين المصريين في عدد من القري المصرية اليوم جثامين عشرات المصريين الذين قضوا في الإعصار والفيضانات المصاحبة التي ضربت مناطق واسعة شرقي ليبيا. وتسلمت قرية إهناسيا في بني سويف جنوبي القاهرة جثامين أكثر من 70 مصريا، لقوا حتفهم خلال العاصفة المدارية دانيال والفيضانات التي أعقبتها.

وكانت السلطات الليبية أعلنت وجود 145 جثة لمصريين قضوا غرقًا في مياه الفيضانات التي ضربت أجزاء واسعة من درنة والبيضا شرقي ليبيا.

وفي ظل الحديث عن ارتفاع أعداد الضحايا والمفقودين تشارك مروحيات تابعة للقيادة العامة للجيش الليبي، في عمليات البحث والإنقاذ الجارية بمدينة درنة.

وطالب المجلس الرئاسي الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية تقديم المساعدة والدعم للمناطق المنكوبة في جهود الإنقاذ البحرى لانتشال الضحايا والمساعدة في إنقاذ الناجين وتأمين الإمدادات الضرورية.

وصلت الى غزة

وفي آخر تطورات الاعصار غرقت عشرات المنازل وعدد من الطرق في قطاع غزة، عقب هطول كميات كبيرة من الأمطار منذ، فجر الأربعاء، تزامنا مع وصول العاصفة المتوسطية (دانيال) الأراضي الفلسطينية بعد أن ضربت مناطق بالشرق الليبي وتسببت بآلاف الضحايا والمفقودين.

وشهدت مناطق متفرقة من قطاع غزة لساعات متواصلة هطول أمطار غزيرة ورياح متوسطة السرعة ألحقت أضرارا مادية في عدد من المنازل والممتلكات في مخيم جباليا للاجئين شمالي القطاع إلى جانب إغلاق عدد من الطرق. وتتوقع الأرصاد الجوية الفلسطينية أن تنتهي حالة عدم الاستقرار الجوي خلال الساعات القادمة.

وقال المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني الفلسطيني بغزة محمود بصل، إن “الطواقم تعاملت مع عشرات المهمات في غزة جراء المنخفض الذي ضرب القطاع منذ فجر الأربعاء”. وأوضح أن “هذه المهمات تنوعت بين غرق المنازل، وسقوط أشجار”.

بدورها، حذرت الأرصاد الجوية الفلسطينية، المواطنين من فرصة تشكل السيول في بعض الأدوية والمناطق المنخفضة أثناء تأثر البلاد بحالة عدم الاستقرار الجوي.

ما الذي حصل؟

ويصف حسين عبد الوهاب الخبير في المسح الجيولوجي والتغيّرات المناخية، لموقع “سكاي نيوز عربية”، هذه الكوارث بأنها “شيء نادر الحدوث”، فالمغرب “ليس منطقة نشطة للزلازل، وليبيا العواصف تأتيها ضعيفة أو متوسطة”.

ويؤكد عبد الوهاب، أن الأمر يدعو للحيرة، ومحاولا الوصول لتفسير سبب وقوع الكوارث الأخيرة، وبهذه الشدة.

ويلفت عبد الوهاب إلى أنه ضمن أسباب زيادة الضحايا غياب الاستعدادات وبرامج الحماية في المغرب وسوريا وليبيا؛ كونها مطمئنة لأنها ليست عرضة لمثل هذه الأحداث.

خسائر العالم

وبلغ حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية في العالم، 120 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، حسب تقديرات شركة “سويس ري” لإعادة التأمين.

وكانت الكارثة الطبيعية الأعلى كلفة، هي الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في 6 شباط، وتسبب في خسائر فادحة بلغت 34 مليار دولار، تكبدت منها شركات التأمين 5.3 مليار.

المغرب.. جهود الانقاذ مستمرة

وواصلت فرق الإنقاذ في المغرب، جهودها المكثفة، حتى مساء امس، في قرى دمرها الزلزال وإن كانت آمال العثور على ناجين تتضاءل بعد خمسة أيام على الكارثة التي خلفت قرابة ثلاثة آلاف قتيل.

في موازاة ذلك، تتواصل جهود فتح وتوسعة مسالك جبلية لإيصال المساعدات للقرى النائية.

وأكدت أن السلطات “تواصل جهودها لإنقاذ وإجلاء الجرحى والتكفل بالمصابين من الضحايا... وفتح الطرق التي تضررت جراء الزلزال”.

فيما يقوم طيارون مغاربة بمسح تضاريس الطبيعة بحثاً عن ناجين من الزلزال، حيث سحقت بقايا قرى قرب سفوح التلال، ولا يمكن الوصول إليها عن طريق البر. بينما بعضها ناء جداً لدرجة أنه يتم إسقاط المساعدات عن بعد من السماء.

خيم للناجين

وينتظر ناجون من الزلزال الذي ضرب وسط المغرب في طوابير طويلة للحصول على مساعدة بعدما فقدوا منازلهم. لكن الخيم الصفراء المتواضعة التي حصلوا عليها تشهد على انعدام اليقين الذي ينتظرهم.

واعتبر مواطنون من المغرب، ان هذه بادرة جيدة بعد ايام على انهيار منازلهم، فعلى الاقل انهم لن يضطروا الى النوم في العراء.

وقالت فاطمة أومالول والتي تبلغ 59 عاما: “أريد فقط منزلا يكون مكانا كريما للعيش”.

وتظهر الخيم التي نصبت قرب منازل مدمّرة أو متضررة بشدة أن المساعدة آتية، لكنها تترك الناجين في حالة من عدم اليقين بشأن مصيرهم.

خوف من الأمطار

وأثر الزلزال خصوصا على المناطق الريفية حيث أصبح عدد كبير من المنازل غير صالح للسكن والتي لا يملك سكانها المال الكافي لإعادة بنائها بسرعة، من دون مساعدة.

لكن بالنسبة إلى البعض، الأسوأ قد ولى، مثل أومالول التي وجدت نفسها محاصرة تحت أنقاض منزلها حتى جاء أحد الجيران لتفقدها ومشى فوق الموقع الذي كانت عالقة تحته.

وما كان منها إلا أن بدأت الصراخ قائلة “أنا في الأسفل، لا تدس علي!”.

قصص مأساوية

وظلت الأم هند آيت تنبش الأرض بيديها حتى الصباح، آملة أن تجد طفلها البالغ من العمر ثلاثة أعوام على قيد الحياة، دون جدوى، فارق الصغير الحياة تحت سقف المنزل إلى جانب جدته هي الأخرى.

في منطقة “ثلاث يعقوب” الواقعة في إقليم الحوز - جهة مراكش، جلست الأم هند آيت، تبكي ولدها صاحب الثلاثة أعوام، الذي كان يشاهد التلفاز إلى جوارها، وبين لحظة وأخرى اختفى تحت الأنقاض، بعد أن انهار المنزل فوق رؤوسهم.

وتقول هند لـ”سبوتنيك”، إن طفلها كان يشاهد التلفاز ويلهو بجوار جدته، لكنه لم يستطع الهرب، وجدته بعد ساعات طويلة من رفع الأنقاض إلى جوار جدته التي كانت ممددة على وجهها تحت الأنقاض وفارقت الحياة هي الأخرى.

وتتابع الأم أن كل ما تبقى من رائحته هو بعض أحذيته وألعابه البسيطة، كما حدث مع كل الأطفال في المنازل المجاورة.

الخطر موجود

وبخصوص ما تبقى من البيوت القائمة، أوضح رئيس هيئة المهندسين المعماريين في المغرب شكيب بنعبد الله لوكالة فرانس برس “سوف نقوم بالتشخيصات اللازمة ... لنرى هل يجب إخلاء البيوت أو القيام بأشغال تدعيم”.

ويضيف “لا تخلف الزلازل بيوتا مهدمة فقط بل أيضا مباني تظل قائمة لكنها تشكل خطرا كبيرا”، مشيرا إلى أن المدينة العتيقة تضم بيوتا قديمة جدا من الطين.

وهذا النمط المعماري يمكن أن يزيد هشاشة تلك المباني في حالة هطول أمطار، كما يتابع مؤكدا “سوف نعمل بأسرع وقت ممكن” لتقييم المخاطر.