اختتمت مجموعة بريكس قمتها الخميس الماضي، والتي عقدت في جوهانسبرغ في جنوب افريقيا، مع توقعات بتأثيرها على توازن القوى العالمي في المستقبل القريب.

 ودعا المجتمعون الى الحفاظ على نظام تجاري متعدد الأطراف، منفتح وشفاف وعادل ويمكن التنبؤ به، وشامل ومنصف وغير تمييزي، وقائم على القواعد، وفي جوهره منظمة التجارة العالمية.

إعلان القمة

وأعربت المجموعة عن قلقها إزاء التدابير غير القانونية الأحادية الجانب التي تؤثر على التجارة، معلنة عن الحاجة إلى إنشاء نظام تجاري زراعي عادل وموجّه نحو السوق، من شأنه أن يساعد في القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي.

ودعا قادة القمة إلى “إصلاح مؤسسات معاهدة بريتون وودز، من ضمنه منح دور أكبر للأسواق الناشئة والبلدان النامية، بما في ذلك المناصب القيادية في مؤسسات بريتون وودز، بما يعكس دور الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية في الاقتصاد العالمي”.

واتفاقية بريتون وودز، في 22 تموز 1944، هي اتفاقية بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من أجل إنشاء نظام أسعار صرف العملات الخاصة بالدول المتقدمة؛ وبموجب الاتفاقية أصبح الدولار الأمريكي عملة الاحتياطي الدولي.

ونتج عن مؤتمر “بريتون وودز” إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والاتفاقية العامة للتعرفة.

وشددت قمة بريكس على أهمية تشجيع استخدام العملات المحلية في التجارة الدولية والمعاملات المالية بين أعضاء المجموعة، وكذلك بين شركائهم التجاريين.

وقد اكتسب هذا المفهوم أهمية جديدة، نظرا لاستخدام الغرب للعملات الاحتياطية الرئيسية كسلاح من أجل تحقيق أهدافه الجيوسياسية.

قلق من الانظمة المالية

وقال رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، في القمة “نشعر بالقلق من أن الأنظمة المالية وأنظمة الدفع العالمية التي تستخدم بشكل متزايد كأدوات للتنافس الجيوسياسي”.

وتطرق الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، إلى فكرة إنشاء وحدة مرجعية جديدة لدول بريكس، والتي من شأنها أن تحمي الأسواق الناشئة من تقلبات عملات مجموعة السبع الناجمة عن التدابير النقدية غير المسؤولة”.

ولم تتم مناقشة مفهوم العملة المشتركة بالتفصيل خلال القمة مع ذلك كشف وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، في وقت سابق، وجود مناقشة لإنشاء وحدة حسابية واحدة، موضحاً أنها “ليست عملة موحدة، لكنها اداة للتعبير عن تسليم السلع الاساسية ومعايير بعض السلع بحيث لا تعتمد على عملة واحدة أو مركز إصدارها”.

وبحسب سيلوانوف، فإن “الوحدة الحسابية الموحدة المقترحة ستصبح بديلا للدولار الأمريكي”.

توسع بريكس

وفي اليوم الأخير، قرر قادة المجموعة دعوة الأرجنتين ومصر وإيران وإثيوبيا والإمارات والسعودية للانضمام إلى المجموعة.

وقالوا في بيانهم الختامي: قررنا دعوة هذه الدول ليصبحوا أعضاء كاملي العضوية على أن تدخل عضويتهم حيز التنفيذ، بدءا من كانون الثاني 2024.

وبالنسبة لرئيس جنوب أفريقيا، سيريل امافوزا، فإن “قبول أعضاء جدد في “بريكس” هو مجرد المرحلة الأولى من عملية توسيع المجموعة”.

التوقعات

ومن المتوقع أن يؤدي توسع بريكس إلى زيادة الاستثمارات المتبادلة بين الدول الأعضاء، وتعميق المزيد من التعاون.

وتوقع الرئيس البرازيلي، لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، في اليوم الأخير من القمة، أن “إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لمجموعة بريكس + سيبلغ 37 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث تعادل القوة الشرائية، في حين أن عدد سكان المجموعة سيمثل 46 في المائة من سكان العالم”.

وبعد القمة سيجري اعتماد العملات الوطنية في التجارة، وتوسيع التعاون بين الدول في مجالات مثل الرياضة والسياحة والأمن.

وذكر موقع “لايف - رو”، أنه “بعد نجاح بريكس بجذب جميع الدول الكبرى في العالم إلى مداره، ستسيطر تركيبته الجديدة على 80 في المائة من إنتاج النفط العالمي، وذلك بتأثير انضمام السعودية والإمارات وإيران.

وأضاف، أن “نمو الناتج المحلي الإجمالي لدول بريكس سيبلغ 30 في المائة من الاقتصاد العالمي، إذ سيتجاوز 30 تريليون دولار”.

وأوضح الموقع، أنه بعد التوسع، سيتجاوز عدد سكان الدول الأعضاء في “بريكس” مجموعة “السبع” بنحو 5 مرات.

تعليقات المحللين والمراقبين اشارت الى انه “ما زال أمام دول بريكس طريق طويل لتقطعه لتحويل نفسها إلى منظمة عالمية متحدة بوسعها فعليًا تحدي الهيمنة الغربية على المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدوليين”.

طريق طويل

وقال توم لودج، أستاذ دراسات السلام والصراع في جامعة ليمريك: إن “إطار عمل بريكس لتصبح أشبه بمنظمة فعلية في طور البناء، لكن ما زال أمامها طريق طويل”.  وقال جوستافو دي كارفالو، كبير الباحثين في معهد جنوب أفريقيا للشؤون الدولية، إن إضافة الدول الغنية بدولارات النفط إلى بريكس، قد يوفر سيولة تتعطش إليها مؤسسات مثل بنك التنمية الجديد.  لكن كما تكشف المناقشات المحمومة أحيانا في مجموعة الدول السبع التي تمثل أغنى ديمقراطيات العالم، فإن بناء التماسك يتطلب أكثر من مجرد المال.

 وقال كارفاليو: “من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت بريكس ستتخذ شكل تحالف”، مشيرًا إلى أنه لا يوجد توافق في تصويت أعضاء بريكس الحاليين في الأمم المتحدة في كثير من الأحيان.

وبينما يضم تكتل “بريكس” خمس دول فقط، إلا أنه ينافس - من حيث مساهمة تلك الدول مجتمعة في الاقتصاد العالمي - حجم مساهمة مجموعة السبع.

ووفقا للمستشار البنك الدولي، الدكتور محمود عنبر، فإن هذه المنافسة القوية تفتح الباب أمام مزيد من التطورات، خاصة بالنظر إلى مساعي روسيا والصين إلى مواجهة هيمنة الدولار بشكل خاص، والتحول إلى عملة أخرى يمكن التعويل عليها سواء في المعاملات التجارية والطاقة وما إلى ذلك.