اخر الاخبار

إلى م سيفضي صراع النفوذ في العراق؟

لموقع المعهد الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط، كتبت كارول ماسالسكي مقالًا حول نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة في العراق وتداعياتها المحتملة محليًا وإقليميًا ودوليًا، ذكرت فيه أنه، وعلى الرغم من فوز التحالف الذي يقوده رئيس الحكومة بأعلى عدد من المقاعد، فإن رغبته في تولّي الحكم مجددًا لا تبدو سهلة المنال.

نجاحات وانتقادات

وأعربت الكاتبة عن قناعتها بأن جوًّا من انعدام الثقة بالدولة ونخبها السياسية يخيّم بقوة على المجتمع، نتيجة اتهامات كثيرة بسوء الإدارة والفساد، رغم إن ذلك لا يشمل بالدرجة نفسها رئيس الحكومة، بسبب قيامه بتحسين نسبي للخدمات العامة وإطلاق مشاريع تنمية حضرية واقتصادية وثقافية، ولا سيما في بغداد، دون أن يخلو سجله من منتقدين كثيرين لا يتفقون مع صرف غالبية التمويل العام على الطرق والجسور في العاصمة على حساب البنية التحتية والمدارس والمستشفيات في المحافظات.

ويُبدي آخرون إعجابهم بقدرة الرجل على خلق توازن نسبي بين الولايات المتحدة وإيران، القوتين المتنافستين اللتين لا شك في تدخّلهما في العراق. وقد تجلّت هذه القدرة في اجتياز عاصفة إقليمية شكّلَتها المواجهة المتصاعدة بين قطبي النفوذ هذين، خاصةً وأن أغلب التقديرات ترى أن العراق كان ولا يزال، جغرافيًا وتاريخيًا، ساحة محتملة للاستقرار أو لزعزعته في الشرق الأوسط بأكمله. وادّعت الكاتبة أن نتنياهو فكّر في ضرب العراق تسع مرات إبّان الحرب مع إيران، لكن رئيس الحكومة ووزير خارجيته نجحا في إقناع واشنطن بردعه.

عدد المقاعد لا يحدد الفوز

وأشار المقال إلى أن الفوز بأكبر عدد من المقاعد في العراق لا يعني امتلاك الحق في تشكيل الحكومة، وفقًا لتفسيرات مختلف عليها لمادة دستورية خاصة بذلك. ومن البديهي أن ينطبق هذا الأمر على رئيس الحكومة الحالي، الذي يتعيّن عليه إقناع الكتل الأخرى، ذات الأعداد المتقاربة من المقاعد في البرلمان، فضلًا عن الحفاظ على وحدة تكتّله، فقد أصبح شائعًا انتقال عدد من النواب الفائزين من كتلهم إذا ما أغرتهم كتل أخرى بحوافز مالية ونفوذ سياسي أفضل.

بين ضغطين

وذكرت الكاتبة أن مسار الانتخابات عكس ظاهريًا درجة من الاستقرار السياسي، إلا أن رهانها الحقيقي يكمن في كيفية تأثير نتائجها على الحكومة المقبلة، وأيٍّ من العاصمتين، طهران أم واشنطن، ستكون لها الكلمة العليا في المستقبل القريب. وأعربت عن اعتقادها بأن نموّ التأثير الإيراني منذ عام 2003 كان بطيئًا وهادئًا، ووفّر خدمات جليلة للجارة الشرقية للعراق، التي لا يمكنها بطبيعة الحال تحمّل خسارة هذا التأثير أو تراجعه.

وتحدث المقال عن الضغط الأميركي المتمثل في استبعاد ست جماعات مسلّحة من أي حكومة عراقية مستقبلية، وفي تحذير وزير الحرب الأميركي لبغداد من أي تدخل للفصائل المسلحة في العمليات العسكرية الأميركية، وهو التحذير الذي اختُتم بإنذار نهائي، كعلامة على نفاد صبر واشنطن الاستراتيجي. وبيّن المقال أن هذه الإنذارات وضعت رئيس الوزراء المنتهية ولايته، وستضع خليفته أيًّا كان، في موقف حساس للغاية، يبقيه عالقًا بين مطالب الشريك الاستراتيجي الرئيسي، أي الولايات المتحدة، وبين الواقع الداخلي لنظام سياسي تهيمن عليه جماعات مسلّحة حليفة لإيران، في حين تبقى وعود البيت الأبيض مغريةً له بالتعاون الثنائي في مجال الطائرات بدون طيار، والتفاهم الأمني–الاستخباراتي، والتسليم المخطّط له لطائرات هليكوبتر من طراز "بيل".

ورأت الكاتبة أن على بغداد مواجهة هذا النهج الذي يتضمن ضغطًا من جهة وحوافز من جهة أخرى، عبر اتخاذ خيار استراتيجي بين تعزيز التحالف مع الشركاء الدوليين بقيادة الولايات المتحدة، أو استمرار التتنسيق مع حلفاء طهران، خاصة بعد تحوّل التحذيرات الأخيرة إلى خط أحمر حقيقي قد يعيد تشكيل الحسابات المتعلقة بتشكيل الحكومة جذريًا ويهدد هيكل النظام السياسي العراقي القائم.

هل ستنجح سياسة التوازن في المقاومة؟

وأشارت الكاتبة إلى أن رئيس الحكومة الحالية انتهج خلال العامين الماضيين سياسة توازن بين المصالح الأميركية والإيرانية؛ فبينما مكّن الفصائل الحليفة لإيران من مفاصل مهمة في الدولة والاقتصاد، منح عقودًا رئيسية مؤخرًا لشركات أميركية، أبرزها شركة "إكسون موبيل" لتطوير حقل مجنون النفطي، الواقع على الحدود الإيرانية والمتاخم لحقل آزادغان، والذي اتُّهم منذ فترة طويلة باستخدامه للالتفاف على العقوبات المفروضة على طهران.

واختتمت الكاتبة مقالها بالقول إن المرحلة المقبلة ستكشف ما إذا كانت طهران ستنجح في الحفاظ على نفوذها عبر حلفائها، أم ستتمكن واشنطن من استغلال التحوّلات الإقليمية لإعادة تشكيل ميزان القوى في العراق وإعادة تأكيد وجودها فيه.