اخر الاخبار

النفط مقابل الماء

نشر موقع أمواج البريطاني مقالًا حول الاتفاقية العراقية – التركية الخاصة بالمياه والتعاون الاقتصادي، والتي تتضمن أساسًا تحويل عائدات مبيعات النفط العراقية إلى تركيا لتمويل مشاريع البنية التحتية المائية في العراق والتي تديرها شركات تركية.

بين المديح والانتقاد

وذكر المقال بأن الاتفاقية، التي وقعها وزيرا خارجية البلدين في 2 تشرين الثاني الجاري، وُصفت من جهة بأنها إنجاز تاريخي سيعزز اقتصاد البلدين ويخفف من أزمة المياه في العراق، فيما تعرضت من جهة أخرى لانتقادات حادة بسبب ما اعتُبر انحيازًا لتركيا وسبباً لكارثة بيئية محتملة في العراق.

ونقل المقال عن وزير خارجية أنقرة وصفه الاتفاقية بأنها "أكبر استثمار في البنية التحتية" في تاريخ العراق، وبأنها "ستمهد الطريق لإعادة تأهيل مستدامة لمنظومة المياه العراقية"، بينما اكتفى وزير الخارجية العراقي بوصفها أول تعاون من نوعه في مجال إدارة المياه بين الجارتين.

ورغم الخطاب الرسمي المتفائل، أثارت أنباء الاتفاقية سريعًا ردود فعل غاضبة بين المراقبين والمحللين العراقيين؛ إذ أشار المقال إلى أن الخبراء البيئيين اعتبروها تخليًا كاملًا عن حقوق العراق المائية وانتهاكًا كبيرًا لسيادته، وأنها تُظهر فشل العراق في إدارة موارده المائية. كما تعرّضت الاتفاقية لانتقادات في الصحافة التي اعتبرت توقيتها محاولة لتعزيز المكانة الدبلوماسية للحكومة العراقية قبيل أيام فقط من الانتخابات البرلمانية في 11 تشرين الثاني.

وأضاف المقال أن الاتهامات اتسعت كثيرًا حتى عُدّت الاتفاقية بمثابة استعمار تركي، ومسعى لاستخدام "التجفيف الإقليمي" كأداة جيوسياسية للدفع باتجاه صفقات تجارية تفضيلية. كما لم يُبدِ الخبراء العراقيون ثقتهم باستمرار الالتزام بالاتفاقية، واتهموها بافتقارها إلى جدول زمني متفق عليه، فضلًا عن غياب تحديد حصة موثوقة من المياه التي ستطلقها تركيا للعراق من السدود الواقعة عند المنبع.

مفاوضات ماراثونية

وأكد الموقع على أن الاتفاقية جاءت عقب سلسلة من المفاوضات التي استمرت عدة أشهر بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تنفيذ الاتفاقيات الثنائية السابقة المتعلقة بالمياه، ومنها الاتفاقية الإطارية التي وقعها أردوغان في زيارته لبغداد العام الماضي، ومذكرة التفاهم لعام 2014 بشأن الإدارة المشتركة للمياه. وبيّن المقال أن الاتفاق الجديد—على الرغم من عدم وضوح تفاصيله- يتضمن إيداع تركيا مدفوعات شحنات النفط الخام العراقي في حساب مصرفي تركي خاص، لاستخدامها لاحقًا في تمويل مجموعة من مشاريع البنية التحتية المائية في العراق، مثل السدود الصغيرة والمتوسطة ومشاريع الري وتقنيات تحويل مياه الأمطار. كما يمنح الاتفاق تركيا سلطة إدارة سدود العراق وإطلاقات المياه من المصب لمدة خمس سنوات، وهو شرط أثار حفيظة الخبراء ونشطاء البيئة.

تفاؤل حذر

وأشار المقال إلى أن لدى أنقرة ورقة تفاوض رئيسية، إذ تقع منابع نهري دجلة والفرات الرئيسيين داخل أراضيها، وتدّعي أن السدود التي تقيمها على النهرين، التي تتسبب في أزمة شح المياه في العراق، ضرورية لاستدامة الزراعة في المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا. أما في المقابل، فيحذّر الخبراء من "كارثة إنسانية" وشيكة جراء الجفاف المتزايد في أنهار وبحيرات العراق، حتى باتت التقارير تشير إلى أن حصة الفرد العراقي من المياه بلغت 200 متر مكعب سنويًا، بينما يُقدّر المعدل العالمي لها بألف متر مكعب.

ورغم بادرة حسن النية التي سبقت الإعلان عن اتفاقية المياه والمتمثلة في وعد تركي بضخ مليار متر مكعب من المياه للعراق، يشير الخبراء إلى ضآلة هذه الكمية قياسًا بحاجات العراق في ظل الجفاف المستمر، وإلى غياب ضمانات في الاتفاقية بشأن الضخ المستقبلي، مما يجعل التوصل إلى حل شامل أمرًا بعيد المنال.

أرباح تركيا

وتوقع كاتب المقال أن يعزز اتفاق المياه التجارة بين البلدين، ويرفع حجم الصادرات التركية إلى العراق. كما ستستفيد أنقرة من عودة ضخ النفط عبر خط أنابيب كركوك – جيهان المغلق منذ سنتين. وقد تربط تركيا أي مفاوضات مستقبلية بشأن تنفيذ اتفاقية "النفط مقابل الماء" بموافقة بغداد على مجموعة من القضايا الاقتصادية والسياسية العالقة، ومنها عملية نزع السلاح والتسريح الجارية للعناصر التابعة لحزب العمال الكردستاني المتمركزة في العراق. واختتم الموقع مقاله بالإشارة إلى أن أي وعود مستقبلية بالمساواة في توزيع المياه من المسؤولين الأتراك أو العراقيين لن تكون كافية لتقليص أو إنهاء ضجيج منتقدي الاتفاقية، ولاسيما ممن هم حلفاء لطهران.