اخر الاخبار

العراق بين المطرقة والسندان

نشرت مجلة (ذي أتلانتك) الأمريكية مقالًا للكاتب روبرت وورث، وصف فيه العراق الغني بالنفط بأنه آخر حليف لإيران في الشرق الأوسط، وأنه ما زال عاجزًا عن الخروج من دائرة الصراع بين واشنطن وطهران، رغم نجاته من الحروب والصراعات الدامية التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الثلاث الماضية.

هدوء مشوب بالحذر

وذكر الكاتب أن الطريق السريع المؤدي من مطار العاصمة الدولي، والذي كان يُعد الأخطر في العالم قبل عقدين، يبدو اليوم جميلًا، وقد اصطفت على جانبيه الأبراج السكنية الشاهقة.  غير أن العراقيين يخشون ألا يدوم هذا الهدوء طويلًا، بعدما وجد العراق نفسه في وضع غير مريح، إذ بات آخر حليف رئيسي لطهران في المنطقة، وشريان حياة اقتصاديًا لها، على حدّ تعبير الكاتب.

ورغم أن رئيس الحكومة، الذي ينسب إلى نفسه الفضل في تحقيق توازن مثمر في العلاقة مع واشنطن وطهران، كان وراء العديد من هذه المشاريع، بما في ذلك تعيين أكثر من مليون موظف حكومي خلال العام الماضي في محاولة لمعالجة أزمة البطالة، فإن حالة الهدوء والازدهار النسبيين اللذين يسبقان انتخابات الحادي عشر من تشرين الثاني المقبل، تواجه مخاطر جدية في حال تعرضت الدولة للإفلاس أو زُجّت مجددًا في ساحة صراع بين الولايات المتحدة وإيران.

مشكلة الفساد

وأشار الكاتب إلى أن الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا وفّر للعراق موارد مالية كبيرة، لكن تفشي الفساد التهم معظمها، رغم أنه لا أحد يستطيع تحديد حجم الأموال المنهوبة بدقة، باستثناء ما كُشف عنه في بعض الفضائح الكبرى، مثل "سرقة القرن". واستدرك وورث قائلًا إن معظم الأموال المسروقة تتسرب إلى خزائن الأوليغارشية المهيمنة، من عسكريين ومدنيين.  كما أشار إلى أن التوظيف الحكومي الهائل قد يكون سببًا في خفوت أصوات الاحتجاج مؤقتًا، إلا أنه من المتوقع أن تعود هذه الأصوات إلى الواجهة حالما ينخفض سعر النفط إلى ما دون مستوى لا تستطيع عنده الحكومة دفع رواتب موظفيها.

الانتخابات

وفي ما يخص الانتخابات، توقّع الكاتب – استنادًا إلى ما وصفه باستطلاعات للرأي – أن تكون نسبة المشاركة في التصويت منخفضة على نحوٍ قياسي، مما قد يعقّد تشكيل الحكومة المقبلة. وأضاف أن تردي الخدمات الأساسية، ولا سيما الكهرباء، يضعف من مصداقية الحكومة وحماسة الناخبين.

تحديات خطيرة

وفي موقع Responsible Statecraft  كتب جيمس دورسو مقالًا أشار فيه إلى أن الحكومة العراقية المقبلة ستواجه ثلاثة تحديات رئيسية، أزمة المياه، والعلاقات مع الولايات المتحدة، والتشابك الإقليمي مع إيران.

فعلى صعيد التحدي الأول، تُعد ندرة المياه المشكلة الأكثر إلحاحًا في العراق، إذ يعتمد على تركيا وإيران في توفير نحو 75 في المائة من مياهه العذبة. ورغم توصل بغداد وأنقرة إلى مسودة اتفاقية لتقاسم المياه تتضمن إعادة تأهيل البنية التحتية بواسطة شركات تركية، وتشكيل مجموعة استشارية دائمة لتنسيق قرارات تقاسم المياه المستقبلية، فإن البلاد ما زالت تعاني من الجفاف، حيث تحتفظ خزاناتها المائية بأقل من ثمانية مليارات متر مكعب، وهو أدنى مستوى منذ أكثر من ثمانية عقود. كما تراجعت الأهوار بصورة تهدد التنوع البيولوجي وتُشرّد المجتمعات المحلية.

أما التحدي الثاني، فيتمثل في تنظيم العلاقة مع واشنطن في ضوء الاتفاق الأخير الذي أدى إلى انسحاب القوات القتالية الأمريكية، مع بقاء وحدات صغيرة في كردستان العراق وقاعدة عين الأسد الجوية للمساعدة في عمليات مكافحة الإرهاب. ومع ذلك، فإن إدارة هذه العلاقة عمليًا لا تبدو بالسهولة المتوقعة.

ويتعلق التحدي الثالث بتجنّب التورط في الصراع الأمريكي–الإيراني والتحول إلى ساحة معركة بالوكالة، في ظل وجود أصوات قوية في الكونغرس الأمريكي تدعو إلى فرض عقوبات على العراق كجزء من حملة "الضغط الأقصى" على إيران، وتشمل هذه العقوبات القطاعين المصرفي والنفطي العراقيين، ووزير المالية، ورئيس المحكمة الاتحادية العليا، وآخرين، وهو ما قد ينسف اقتصاد العراق ويقوض سيادته.

واختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن شعار “العراق أولًا” يتطلب مواجهة الديناميكيات التي تهدد الاستقرار الوطني، من خلال الموازنة بين واشنطن وطهران، والحفاظ على استقلال العراق الهش، وإجراء إصلاحات اقتصادية وأمنية، وموازنة الاحتياجات المحلية مع الضغوط الخارجية، لأن ذلك – كما يرى – سيحدد مستقبل العراق أكثر بكثير من نتائج الانتخابات المباشرة.