بغداد – طريق الشعب
رغم الحملات المتواصلة لتوعية العاملين في القطاع الخاص بأهمية التسجيل في صندوق التقاعد والضمان الاجتماعي، ما يزال الإقبال محدوداً، حيث تتداخل الأسباب بين انخفاض الدخل الشهري للعاملين وتردد أصحاب المشاريع في الالتزام الضريبي، الأمر الذي يعرقل توسيع مظلة الحماية الاجتماعية التي تستهدفها وزارة العمل خلال السنوات المقبلة.
ويرجع العديد من العاملين أسباب رفضهم التسجيل إلى محدودية الدخل الشهري. المواطنة ابتهال عبد الله، التي تعمل في إحدى منظمات المجتمع المدني، تقول إن الرواتب المتاحة "لا تتجاوز 350 إلى 400 ألف دينار، وأن أي استقطاع إضافي سيثقل كاهلنا في ظل ارتفاع النفقات الضرورية".
أما أحمد حسن، مندوب في إحدى شركات القطاع الخاص، فيؤكد على أن محاولات إقناع أصحاب الشركات بإدراج العاملين ضمن الضمان تواجه غالبا بالرفض "خشية الضرائب الإضافية". ويضيف أن الشركة التي يعمل فيها اقترحت أن يكون التسجيل في الضمان اختياراً، فلم يسجل فيه سوى 5 فقط من أصل 18 مندوبا بسبب ضعف العوائد الشهرية.
أعباء مالية لا تحتمل
ولا يقتصر عدم الالتزام على العاملين فحسب، إذ يوضح علي المالكي، صاحب أسواق جملة في منطقة بغداد الجديدة، بأن السبب الرئيس لعدم تسجيل العاملين لديه هو "الأعباء الضريبية الكبيرة"، والتي تشمل دفع مبالغ بأثر رجعي منذ بدء النشاط التجاري، مما يشكل عبئا ماليا يصعب تحمله.
ثغرات في التعليمات
وفي سياق متصل، تشير المحامية سماح الطائي إلى أن تعليمات قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال "تتضمن العديد من الثغرات التي تزيد الأعباء على العاملين". وتؤكد أن من أبرز هذه الإشكالات "ضريبة الدخل المفروضة على العمال رغم تدني أجورهم، والتي تقل في كثير من الأحيان عن الحد الأدنى للأجور". وتنبه الطائي إلى "وجود حاجة ملحة لاستثناء العمال من ضريبة الدخل، خصوصا أولئك الذين يتقاضون أجورا متدنية، لما يمثله هذا الاستقطاع من عبء إضافي يحد من قدرتهم على الالتزام بتسجيلهم في الضمان الاجتماعي".
توقعات ببلوغ 500 ألف مشترك
وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أعلنت أن أعداد المشمولين قد يرتفع إلى 500 ألف بحلول نهاية عام 2025، بعد تصاعد المسجلين من 300 إلى 480 ألفا خلال العام الحالي. وقالت خلود حيران فنجان، مديرة دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي في تصريح اطلعت عليه "طريق الشعب" إن الوزارة أطلقت حملة وطنية للتعريف بالقانون شملت محاضرات في الجامعات وزيارات ميدانية للمناطق الصناعية. وأكدت أن الحملة تستهدف المشاريع التي يعمل فيها الشخص كصاحب مشروع وعامل في الوقت ذاته، لحثهم على التسجيل في الضمان.
اعتماد منصة إلكترونية لتسهيل الإجراءات
وأوضحت فنجان أن الوزارة اعتمدت منصة "ضمانتي" الإلكترونية لتسهيل التسجيل ووسّعت الشمول ليضم القطاعين المنظم وغير المنظم، إضافة إلى إعفاء المشتركين الجدد من الغرامات المالية. كما أشارت إلى أن تعديل القانون رفع الحد الأدنى لراتب المتقاعد المضمون إلى 600 ألف دينار، "الأمر الذي شجع العديد من العاملين في القطاع الخاص على الانضمام إلى مظلة الضمان أسوة بموظفي القطاع الحكومي".