اخر الاخبار

في ظل التحديات الاقتصادية وارتفاع تكاليف المعيشة، تتزايد شكاوى عمال القطاع الخاص من ظروف حياة قاسية، تتمثل في ساعات عمل طويلة، قد تصل إلى 16 ساعة يومياً، دون حصولهم على أي مخصصات مالية إضافية أو تعويضات تتناسب مع حجم الجهد المبذول. ورغم أن قانون العمل ينص على أن الحد الأقصى لساعات العمل اليومية يجب أن لا يتجاوز 8 ساعات، إلا أن الواقع - وفقا لشهادات العمال - يختلف كثيرا، حيث يغلب على بيئات العمل، الضغط والإرهاق المستمر. يقول أحمد ماجد، عامل في إحدى شركات القطاع الخاص "نبدأ العمل من الساعة السابعة صباحاً ولا نغادر قبل الحادية عشرة ليلاً في بعض الأيام. الإدارة تفرض علينا ساعات إضافية بشكل شبه يومي، لكن دون أي مقابل مادي. وإذا ما اعترض أحدنا، يُهدد بالاستغناء عن خدماته". يوضح أحمد أن البطالة المرتفعة تجعل العمال يشعرون بأنهم مضطرون لقبول هذه الظروف خوفاً من فقدان مصدر رزقهم الوحيد، ويضيف "نشعر أننا مجرد آلات لإنتاج الأرباح، وليس لنا أي حقوق".

أما كمال العبيدي الذي يعمل في ورشة نجارة، فيصف وضعه بأنه "مرهق وغير إنساني"، قائلا "أعمل منذ 20 عاما في هذه المهنة، لكن لم أتعرض لضغط مثل الذي نعيشه حالياً. في الأسبوع الماضي، عملت لأكثر من 90 ساعة، ولم أتقاض أي بدل إضافي، حتى أن صاحب الورشة يرفض شمولنا بالضمان الاجتماعي". ويشير كمال إلى أن ساعات العمل الطويلة أثّرت على صحته الجسدية، حيث أصبح يعاني من آلام مزمنة في الظهر.

العاملات وخشية الاعتراض

تقول سارة جعفر، عاملة في أحد المولات التجارية، إن المشكلة لا تقتصر على الرجال فقط، بل تشمل العاملات أيضا، "نحن نعمل في مواسم الأعياد حتى منتصف الليل، دون أي تعويضات عن الوقت الإضافي. الإدارة تبرر ذلك بأن العمل موسمي ويحتاج لطاقة إضافية، لكننا لا نرى أي انعكاس لذلك على رواتبنا، حتى مخصصات النقل لا تُرصد لنا". وتضيف "أن كثيرا من العاملات يخشين الاعتراض بسبب الخوف من فقدان الوظيفة، وهو ما يجعل المطالبة بالحقوق الأساسية شبه مستحيلة".

خطورة الساعات الإضافية على السلامة

وإلى جانب آخر من المشكلة، يشير فرات يوسف سائق شاحنة لتوزيع المشروبات الغازية قائلاً "العمل لساعات طويلة ليس فقط إرهاقا، بل يشكل خطرا على حياتنا وحياة الآخرين. أقود الشاحنة أحيانا وأنا شبه نائم. أخبرت المسؤولين بأن هذا يشكل خطورة، لكنهم قالوا لي بالحرف الواحد: هذه هي متطلبات العمل، ومن لا يعجبه فليبحث عن مكان آخر". ويؤكد فرات أنه شهد حوادث وقعت لسائقين آخرين بسبب الإجهاد، وأن تجاهل أصحاب العمل لهذه المخاطر قد يؤدي إلى كارثة، مشيرا إلى أن غياب تطبيق القوانين يجعل حياتهم اليومية معرضة للخطر المستمر.

غياب الرقابة وتجاهل القوانين

يرى عبد الله أزهر وهو عامل في أحد شركات القطاع الخاص، أن المشكلة تعود لغياب الرقابة الكافية من الجهات المختصة، ويقول لـ "طريق الشعب"، "لو كانت هناك جولات تفتيشية مفاجئة ومستمرة من قبل وزارة العمل، لما تجرأ أي صاحب عمل على مخالفة القانون. لكن بعض الشركات تستغل غياب الرقابة، وتضغط على العمال لتحقيق أكبر قدر من الإنتاجية بأقل كلفة ممكنة".

ويضيف عبد الله أن بعض العمال حاولوا تقديم شكاوى، لكن الإجراءات البيروقراطية الطويلة تثنيهم عن الاستمرار، ما يتركهم في دائرة الاستغلال والإرهاق المستمر. 

المطالب العادلة للعمال

رغم هذه الشكاوى، يظل صوت العمال ضعيفًا أمام أصحاب الأعمال، خاصة في ظل غياب نقابات قوية في بعض القطاعات تدافع عن حقوقهم. ويؤكد العديد من العمال أن الحل يكمن في وضع آليات حقيقية لضمان التزام الشركات بالقوانين، وتوفير قنوات آمنة لتقديم الشكاوى، مع ضمان عدم تعرض أي عامل للعقاب بسبب مطالبته بحقوقه.