اخر الاخبار

أصبحت مشكلة غلاء أبدال الإيجارات، لا سيما بالنسبة للعقارات التجارية، أزمة تعصف في عموم المحافظات وتُربك قدرة المواطن المالية وتدفعه إلى البحث عن بدائل غير نظامية، من قبيل التجاوزات. يأتي ذلك في ظل غياب قوانين رادعة تنظم سوق العقارات أو تحدد سقوفاً واضحة لأبدال الإيجار تتناسب وإمكانات المواطن.

وفي الجانب التجاري، سمح هذا الفراغ التشريعي بارتفاعات غير منضبطة للإيجارات، أثقلت كاهل أصحاب المحال والمشاريع الصغيرة، وأرغمتهم على المبالغة في أسعار بضائعهم بما يؤمّن بدل الإيجار وهامشا من الربح، الأمر الذي أضر بنشاط السوق، وبالتالي انعكس سلبا على المُستهلك في ظل انخفاض القدرات الشرائية لدى أكثر المواطنين.

وتفاقمت المشكلة أكثر بعد تشوّه التخطيط العمراني في العديد من المناطق. حيث تُحوَّل الأحياء السكنية إلى مراكز تجارية بصورة ارتجالية ومخالفة للقانون، ما يرفع الطلب على العقارات ويُلهب الإيجارات، ويخلق بيئة تجارية غير متوازنة تفتقر للضوابط الأساسية.

وفي مدن الأنبار تحديداً، يعاني كثيرون من أصحاب المحال التجارية، أزمة متنامية بسبب ارتفاع الإيجارات في ظل تدهور اقتصادي شهدته المحافظة خلال السنوات الأخيرة، ووسط قلة الوفرة المالية وتراجع دعم المشاريع الصغيرة. هذه الأزمة انعكست بشكل مباشر على التجار والمستثمرين صغارا وكبارا. حيث باتوا يواجهون صعوبة في مواصلة أعمالهم وسط تكاليف تشغيلية متصاعدة.

تراجع الوفرة المالية

في حديث صحفي، يقول عضو مجلس محافظة الأنبار عدنان الكبيسي، أن "الفترة السابقة كانت قد شهدت وفرة مالية ووضعاً اقتصادياً جيداً، ما جعل السوق المحلي نشطاً. ووقتها كانت حالات رفع الإيجارات أقل"، مستدركا "لكن منذ نحو سنتين، ومع تراجع الوفرة المالية وقلة موازنة المحافظة، بدأ التدهور الاقتصادي بالظهور، ما أثر على المحال التجارية في مختلف المناطق".

ويوضح أن "التاجر وصاحب المحل أصبحا يخسران نتيجة ارتفاع الإيجارات وتزايد المصاريف وقلة المبيعات، وهو ما أدى إلى إغلاق العديد من المحال بعد خسائر متتالية لعدة شهور"، مضيفا القول أن "تأثّر السوق لا يقتصر على المحال الكبرى فقط، بل يشمل الصغيرة والمتوسطة منها، كما أن الوضع انعكس سلباً على الحركة التجارية، حيث يضطر بعض التجار إلى خفض عدد العاملين أو تقليص ساعات العمل لتقليل النفقات، ما يؤثر بدوره على مستوى الخدمة المقدمة للمواطنين".

صغار التجار أكثر تضررا

من جانبه، يذكر الناشط المدني عمر سمير، أن "ارتفاع الإيجارات يضرب صغار التجار بشكل خاص، ويزيد من صعوبة استمرار المشاريع التجارية، خاصة مع ضعف القوة الشرائية للزبائن وتراجع النشاط الاقتصادي في المدينة".

ويلفت في حديث صحفي إلى ان "العديد من المشاريع الصغيرة لا تستطيع الصمود أمام هذا الضغط المالي، ما يؤدي إلى خسائر فادحة أو إغلاق نهائي للمشروع".

عبء ثقيل

أما جبار العلواني، وهو صاحب محل في سوق الرمادي، فيقول ان "الإيجار أصبح عبئاً ثقيلاً على أصحاب المحال، إذ لا تتناسب المبيعات مع تكاليف الإيجار الشهرية، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية والمصاريف التشغيلية الأخرى".

ويوضح في حديث صحفي أن "البعض يضطر أحياناً إلى إغلاق المحل مؤقتاً أو البحث عن بدائل أقل كلفة، وهذا يؤثر على استمرار النشاط التجاري بشكل طبيعي".

المستهلك يتحمّل الأعباء

في سياق متصل، يعبّر المواطن فارس إبراهيم، وهو من أبناء الرمادي ويتردد على الأسواق يومياً بحكم عمله، عن استيائه من انعكاس أزمة الإيجارات على أسعار المواد الغذائية والسلع في السوق.

ويقول في حديث صحفي أن "تضرر أصحاب المحال لا يبقى داخل حدودهم، بل نتحمله نحن أيضاً كمستهلكين. هناك محال تغلق، وأخرى تقلل البضاعة، وبعضها يرفع الأسعار لتغطية الإيجار. هكذا يفقد السوق توازنه ونفقد نحن القدرة على الشراء".

ويتفق محللون اقتصاديون على أن غلاء الإيجارات التجارية يشكل أحد أهم العوامل المؤدية لضعف السوق المحلي، لأن ارتفاع التكاليف التشغيلية يضغط على أرباح أصحاب المحال، ويقلل قدرتهم على توظيف العمالة أو تقديم عروض تنافسية لجذب الزبائن. كما أن تراجع موازنة المحافظة وانخفاض دعم المشروعات الصغيرة يزيد من تفاقم الأزمة، ويجعل السوق أكثر عرضة للتراجع.

ويشهد سوق الرمادي وعدد من المناطق التجارية الأخرى في المحافظة تراجعاً ملحوظاً في الحركة التجارية. فيما يحاول التجار البحث عن حلول تُبقي أعمالهم مستمرة وسط ظروف اقتصادية صعبة وارتفاع مستمر في الإيجارات، دون أفق واضح لمعالجة المشكلة في المدى القريب.