أعلنت مديرية المرور عن جملة تعليمات جديدة لأصحاب حافلات النقل الجماعي الداخلي في المحافظات جميعا، قالت إنها تهدف إلى حماية مستخدمي الطرق وضمان سلامتهم، والحفاظ على الممتلكات العامة.
وجاء بين التعليمات ضرورة التزام السائقين والموظفين بارتداء “الملابس الرسمية وغير المخلة بالحياء”، وذلك "حفاظاً على الذوق العام"! وأكدت المديرية أن أيّ مخالفة ستُعرّض صاحبها لغرامة مالية، قد تصل إلى 100 ألف دينار.
يثير هذا التوجيه تساؤلات مشروعة حول حدود صلاحيات مديرية المرور، وعلاقتها أصلًا بما يلبس السائقون. فالمديرية وُجدت لتنظيم السير، وتقليل الحوادث، وضبط المخالفات المرورية، لا لتقمص دور الرقيب الأخلاقي أو “شرطي الذوق العام”.
والسؤال الأهم هنا: من رأى فعلاً سائق حافلة نقل جماعي، يرتدي ملابس “غير لائقة” إلى الحد الذي يستدعي إصدار تعليمات وفرض غرامات؟ وهل تحوّلت أزمة المرور في العراق إلى أزمة أزياء "محتشمة"؟
إن مفهوم “الذوق العام” فضفاض وغير محدد قانوناً، واستخدامه بهذه الطريقة يفتح الباب لتفسيرات شخصية وانتقائية، بدل التركيز على مشكلات المرور الحقيقية: السرعة، الحمولة الزائدة، تهالك الحافلات، وغياب السلامة.
في بلد يختنق بالأزمات الخدمية، يبدو غريبًا أن تنشغل مؤسسة مرورية بملابس السائقين أكثر من انشغالها بأرواح الركاب.