يواجه العديد من المدربين الشباب في مختلف الألعاب الرياضية تحديات كبيرة تتعلق بالخبرة والمعرفة العلمية، ما يجعلهم بحاجة ماسة إلى الرعاية والدعم المستمر والتطوير المهني. ومن أهم الطرق لتحقيق ذلك هو إتاحة الفرصة لهم للمشاركة في معايشات ودورات تدريبية مع فرق رياضية متقدمة عربياً وعالمياً، للاطلاع على أحدث الأساليب والممارسات التدريبية وتطبيقها في واقعهم العملي.
اليوم، نجد أن عدداً كبيراً من المدربين الشباب الذين اعتزلوا ممارسة اللعبة الرياضية ما زالوا بحاجة إلى اكتساب خبرات ومعارف متخصصة في علوم الرياضة، سواء على صعيد الجانب الفني أو الجوانب العلمية والتقنية المتعلقة بالتدريب. هذه المعارف والخبرات تعتبر أساسية لتطوير قدراتهم ومهاراتهم، وتمكينهم من المساهمة الفعالة في تطوير الرياضة بشكل عام.
يُعد وجود مدربين أكفاء، يحملون معرفة متخصصة بمجالاتهم، أمراً أساسياً لاستمرارية تقدم الرياضة، لا سيما في الألعاب التي كانوا يمارسونها قبل الاعتزال. وعليه، تقع على عاتق الأندية الرياضية والاتحادات الوطنية مسؤولية تقديم كل أشكال الدعم الممكنة لهؤلاء المدربين، سواء من خلال إدراجهم في برامج تدريبية ودورات متقدمة داخل البلاد أو خارجها، بما في ذلك الدراسة المباشرة، واكتساب الخبرات العملية، والتفاعل مع المدارس الرياضية المتقدمة. فهذه السياسة لن تساعد فقط على صقل مهارات المدربين الشباب، بل ستسهم أيضاً في النهوض بالواقع الرياضي وخلق أجيال جديدة من المبدعين والمتميزين، وتشكل الخطوة الأولى نحو الإصلاح الرياضي الحقيقي، وتحقيق مستوى أفضل من الأداء الرياضي، مع منع تسلل غير المتخصصين أو الدخلاء إلى مجال التدريب الرياضي.
القطاع الرياضي بطبيعته واسع وعريض، ويمتلك القدرة على ضم آلاف المهتمين بالرياضة، سواء كانوا يسعون لتحقيق إنجازات عالية، أو لممارسة الرياضة كهواية، أو للحفاظ على الصحة واللياقة البدنية. ويتيح هذا القطاع فرصاً متعددة للمدربين الشباب للانخراط في مختلف مجالات التدريب والتطوير، بما يعزز من قدراتهم ويؤهلهم للقيام بدور فعال في صقل المهارات الرياضية لدى اللاعبين، على اختلاف مستوياتهم.
الاهتمام بالمدربين الشباب ورعايتهم في جميع فروع الرياضة يمثل توجهاً استراتيجياً مهما لمستقبل الرياضة العراقية. ويتحقق ذلك عبر اختيار الموهوبين والبارزين منهم، وتزويدهم بالخبرات العملية والعلمية اللازمة، لتخريج جيل من المدربين المؤهلين القادرين على مواصلة المسيرة التدريبية بكفاءة واحترافية. ويشكل هذا النهج مساهمة فعلية في تطوير الكفاءات التدريبية والإدارية في الرياضة، ويساعد على تقليل الاعتماد على المدربين الأجانب في مختلف الألعاب الرياضية، بما يعزز من استقلالية وقدرات الرياضة الوطنية على المدى الطويل.
في النهاية، الاستثمار في المدربين الشباب ليس مجرد دعم لفئة معينة، بل هو استثمار استراتيجي في مستقبل الرياضة العراقية، وركيزة أساسية لتحقيق التقدم الرياضي، وصناعة أجيال قادرة على رفع مستوى الأداء الرياضي، وتحقيق إنجازات تضع العراق في مكانة مرموقة بين الدول العربية والعالمية.