اخر الاخبار

الأندية الرياضية تمثل البيت الطبيعي لمختلف الألعاب الرياضية، وهي المكان الذي يفترض أن يوفر بيئة متكاملة لممارسة الرياضة بكافة أشكالها. وقد نص قانون الأندية الرياضية النافذ على ضرورة وجود خمسة ألعاب متنوعة على الأقل في أي نادي رياضي قبل منحه الإجازة الرسمية لممارسة نشاطه. ظل هذا الشرط أساسيًا وركيزة مهمة لضمان استدامة النشاط الرياضي المتنوع في الأندية، وحماية مصلحة اللاعبين والمجتمع الرياضي على حد سواء.

ومع ذلك، لجأت بعض الأندية إلى التحايل على هذا الشرط، بادعاء وجود ألعاب متنوعة لمنحها الإجازة، بينما كانت هذه الألعاب مجرد واجهات وهمية تظهر فقط عند الزيارات والتفتيش، وبرزت هذه الظاهرة بشكل واضح خلال السنوات الماضية.

في هذا السياق، يجب أن تؤدي دائرة الأندية الرياضية دورها في إقامة زيارات مفاجئة للكثير من الأندية، والتأكد من وجود الألعاب بشكل فعلي، سواء من حيث النشاطات الفعلية أو المقرات الحقيقية، وخاصة تلك الموجودة في أطراف المدن والأقضية والنواحي.

بعد عام 2003، تأسس العديد من الأندية الوهمية التي أنشأها بعض المتحذلقين بحجة التعويض عن الظلم أو الاضطهاد، أو تحت مسميات دينية وطائفية وقومية وعرقية. أسس هؤلاء العشرات من الأندية بأسماء مختلفة وبحجج متنوعة، لكن الواقع أظهر أنها لم تكن سوى أداة للظهور الرسمي دون ممارسة أي نشاط رياضي حقيقي.

لذلك، أدعو وزارة الشباب والرياضة إلى رصد هذه الأندية، والاطلاع على مبانيها ومقارها ونشاطاتها الفعلية، والتأكد من هيئاتها الإدارية، ومتابعة الفعاليات والبرامج الرياضية التي تقدمها. هذه الخطوة ليست مجرد إجراء رقابي، بل ضرورة للحفاظ على مصداقية الرياضة وضمان ممارسة الألعاب وفق قواعد واضحة ومتوازنة.

من ناحية أخرى، هناك أندية مهمة ومعروفة تاريخيًا مثل الشرطة والزوراء والقوة الجوية، التي كانت مشهورة بممارسة عدة ألعاب متنوعة، لكنها في السنوات الأخيرة ركزت كل اهتمامها على كرة القدم فقط، متجاهلة بقية الألعاب الرياضية. أصبح واضحًا أن نشاط هذه الأندية الحالي يقتصر على كرة القدم، فيما الألعاب الأخرى لم تعد تمارس أو تتلقى الاهتمام اللازم، وهو ما يضر بتنوع الرياضة ويحد من تطوير اللاعبين في الألعاب الأخرى.

الأندية التي كانت في الماضي نموذجًا للممارسة المتنوعة، أصبحت اليوم مقتصرة على لعبة واحدة، وهذا التحول يعكس تراجعًا كبيرًا في الاهتمام بالرياضة الشاملة. كرة القدم أصبحت الرياضة الوحيدة الفعلية في معظم هذه الأندية، فيما بقيت الألعاب الأخرى مجرد أسماء على الورق، دون أي نشاط حقيقي.

وتقع المسؤولية الكبرى في هذا التراجع على عاتق قادة المؤسسات الرياضية، فهم المعنيون برعاية جميع الألعاب الرياضية، وضمان توافر الموارد والدعم اللازم لها، تمامًا كما يُمنح الاهتمام بكرة القدم. إن إهمال أي لعبة رياضية يؤدي إلى فقدان المواهب، ويضعف مستوى المنافسة ويحد من قدرات الشباب على ممارسة الرياضة بشكل متكامل.

في الختام، يجب أن تكون الرقابة والمتابعة الدورية للأندية جزءًا من استراتيجية الوزارة لضمان أن تظل الرياضة ممارسة حقيقية ومتنوعة في جميع أنحاء البلاد، لا أن تصبح أداة للظهور الرسمي بلا مضمون. الاهتمام بجميع الألعاب ليس رفاهية، بل ضرورة لحماية مستقبل الرياضة والشباب في العراق.