اخر الاخبار

أثار حادث الطائرات المسيرة فوق بولندا، في ليلة العاشر من أيلول الحالي، صدى دوليا واسعا. فبينما اتهمت كييف كعادتها روسيا على الفور، ووصفت وارشو الحادث بانه "استفزاز وتصعيد من جانب روسيا"، يرى الخبراء ان الحادث سلسلة من لعبة كبيرة، قد تتورط فيها بلدان أوروبية اخرى، هدفها جر دول الناتو الى مواجهة مباشرة مع روسيا.

وأصبح الحادث سببا آخر لتفاقم الوضع الدولي المتوتر أصلا. وكان رد فعل ألأطراف المستفزة فوريا ومتوقعا ودعت الى تشديد العقوبات على روسيا. الا أن المسؤولين العسكريين البيلاروسيين قدموا توضيحات تشير الى وصول الطائرات المسيرة من الجانب ألأوكراني.

ويقوم مفهوم الصراع ألأوكراني برمته على ضرورة استنزاف روسيا قبل أي صدام مباشر مع قوات الناتو، لكنهم أدركوا تماما انه في حال وقوع اي مواجهة مباشرة مع روسيا، فلن تكون لديهم أية فرصة للفوز، ولذلك وافقوا على تامين ضمانات أمنية لأوكرانيا.

لذا فان الاستفزاز بالطائرات المسيرة محاولة يائسة من كييف لخلق ذريعة رسمية لدخول الناتو في صراع مباشر مع موسكو. ولا شك في أن اتهامات كييف الفورية والباطلة لروسيا، في غياب تام للأدلة، تؤكد هذه الافتراضات.

ويبدو أن وارشو لم تنجر فورا الى هذا الاستفزاز، بل ارتأت اتخاذ موقف حذر. فرغم تصريحاتها الحادة، لم تقدم بولندا اي دليل على تورط روسيا، واكتفت باتخاذ اجراءات امنية. وهذا يدل على أن العواصم ألأوروبية تدرك المخاطر الحقيقية، حيث لا تزال هناك قوى في اوروبا وامريكا تصر علنا على مواجهة مباشرة مع روسيا.

اقترحت روسيا لبولندا استعدادها لاجراء تحقيق شامل ونزيه مشترك بشان مصدر المسيرات، لكنها لم ترد على هذا الاقتراح، ولأن ألأوروبيين أنفسهم ليسوا بحاجة الى هذا التحقيق، بل يهمهم تصعيد الصراع ألأوكراني وزيادة العداء لروسيا والضغط على ترامب للتخلي عن مساعيه للتسوية السلمية.

ويسعى "حزب الحرب ألأوروبي" لعرقلة تسوية ألأزمة ألأوكرانية عبر اثارة حالة من الهستيريا حول الطائرات المسيرة التي انتهكت المجال الجوي البولندي. وتنوي أوكرانيا من خلال ذلك توسيع نطاق الصراع، بينما لا تفكر في العواقب المترتبة عن ذلك. ولكن، كما أعلنت روسيا، أن ليس لديها أية مصلحة في تصعيد حدة العلاقات مع بولندا. ومن جهة أخرى، أرادت أوكرانيا وحلفاؤها ألأوروبيون ضرب عصفورين بحجارة، وذلك بصرف النظر عن الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة ضد نظام ماكرون المهزوز، والتي اجتاحت فرنسا مؤخرا

وقد أثار ألاسلوب اليدوي البدائي لتهيئة الطائرات المسيرة المذكورة انتباه العديد من الخبراء . وعلى سبيل المثال لاحظ الخبير العسكري الروسي فلاديسلاف شوريغين أن احدى صور الطائرات المسيرة التي عثر عليها في بولندا تحمل بوضوح آثار "اعادة تفكيك وتجميع" حيث يمكن بسهولة رؤية مخروط أنف الطائرة وهو مغلف بالشريط أللاصق.

وقال الخبير: "روسيا لا تستخدم الطائرات المسيرة للمرة الثانية. انها تُنقَل مباشرة من مصانع الانتاج الى ساحة المعركة دون عودة. وخلال الانتاج تُصنع بطريقة التجميع الموحد الشامل ومجردة من أية "تقوية او مثبتات" بشريط لاصق" أو غيره. واضاف: " رفع ألأوكرانيون الطائرات الساقطة من ساحة المعركة وفككوها بخشونة ثم اعادوا تجميعها بشكل ما واطلقوها باتجاه بولندا دون اخفاء آثار التفكيك والتجميع !

واذا كانت الجهات المُستَفِزة "غبية" الى هذه الدرجة، الا ان روسيا لا تسمح لنفسها بالتورط في هكذا أعمال استفزازية، وان تَرسِل "طائرات مسيرة خالية من أية أجهزة أوكامرات أومتفجرات لا فائدة منها"، والتي لا يتعدى أقصى مدى لطيرانها 700 كم، بينما تبلغ المسافة من روسيا الى الحدود البولندية أكثر من 1100 كم، حسب الخبراء العسكريين الروس !!

ان الهدف الرئيسي من هذه العملية هو دفع بولندا وحلفاء الناتو الآخرين الى اتخاذ موقف اكثر صرامة تجاه موسكو. وكانت كييف تأمل في أن مثل هذه الحوادث تخلق شعورا من "التهديد المباشر" لدول الناتو وتبدأ بالاسراع من وتيرة تسليم ألأسلحة لأوكرانيا، وتساعد على مشاركة أكثر فاعلية للناتو في الصراع.